سلسلة من الورش الأدبية والندوات النقاشية والأمسيات الشعرية، انطلقت أول من أمس في النسخة الثانية من «ملتقى تعبير الأدبي» في مكتبة محمد بن راشد، والذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة). وتهدف الندوات التي نظمت بعد الجلسة الافتتاحية التي استضافت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، لتعزيز الحراك الثقافي وإبراز التنوّع في المشهد الإبداعي في إمارة دبي وترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للثقافة.

وافتتحت جلسات الملتقى مع الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، في جلسة حملت عنوان «دور الأدب الإماراتي في نسج مجتمع متسامح»، وتحدثت خلالها عن بناء المجتمع المتسامح، والمسؤولية التي تقع على عاتق جميع المؤسسات تجاه بناء مجتمع سليم، كما تحدثت عن التعايش والتسامح في الإمارات، وكيف تمت مأسسة هذه الثقافة، وإثراؤها على نحو إيجابي، معتبرة أن الكتّاب يتحملون المسؤولية في التأثير الإيجابي على الأجيال القادمة، مع الإشارة إلى أن المسؤولية هي مجتمعية عامة. وتحدثت عن الجيل الجديد وأطفال اليوم، الذين يقرأون من مصادر مختلفة، موضحة أنه لابد من تعزيز ثقة الطفل بنفسه منذ الصغر من خلال التربية، وتقديم الثقافة التي تحميه منذ الصغر.

النقد المسرحي
مدير عام صندوق الوطن ياسر القرقاوي، الذي شارك في جلسة خاصة بالأدب المسرحي، قال لـ«الإمارات اليوم» إن «أي ملتقى أدبي سيكون ناقصاً إن لم يكن المسرح حاضراً فيه، فالمسرح ليس فقط أبوالفنون، بل هو نسيج مهم جداً في أي ثقافة، وإن كان هناك من جمال في هذه الحياة فلا يمكن تذوقه إلا من خلال المسرح، فحتى الشعر يتحوّل إلى فن أدائي حين يقدمه الشاعر بإلقائه الخاص». وأضاف القرقاوي: «تتميز الإمارات بكونها بلد التنوّع والجنسيات وتعدد الثقافات، وبالتالي هناك الكثير من الأعمال المسرحية العالمية التي تقدم على مسارحها، وهذا المشهد يعبر عن ثقافة المزيج والخليط، ويعزز الغنى الثقافي». وأكد أن النص المسرحي الإماراتي حاضر بقوة وهذا يظهر في «أيام الشارقة المسرحية» التي تقدّم في كل موسم ما يقارب 14 نصاً مسرحياً جديداً، فضلاً عن وجود موسم مسرحي كامل يشتمل على 36 عرضاً مسرحياً، موضحاً أنه من خلال هذا الملتقى الأدبي من الضرورة تسليط الضوء على النقد المسرحي وأهميته، والذي يعتبر مفقوداً في الدولة، معتبراً أنه من الضروري تقديم النقد المبني على دراسة والذي يحتاج إلى مجهود مؤسساتي كي يتوافر.

«المكتبة البشرية»
أمّا الروائي الإماراتي عمر العامري، فشارك في «المكتبة البشرية» التي تقدم للمرة الأولى في الملتقى، والتي تتيح للزوّار الجلوس مع الكاتب، والحصول على إجابات عن أسئلتهم. وتحدث العامري عن التجربة، لافتاً إلى أن مشاركته تمحورت حول الكتابة لليافعين، وقدم خبرته في هذا المجال، موضحاً أن أغلبية الأسئلة تراوحت حول «الحبسة» التي تصيب بعض الكتّاب بحيث يتوقف عن الكتابة لمدة، وبالتالي شرح للزوار كيفية تجاوزها. وأشار إلى وجود الأسئلة حول الفرق بين الكتابة لليافعين والكتابة للأطفال، مبيناً أن الأدوات واحدة، ولكنّ التوجه في الرسالة والمتلقي مختلفان، وهذا يتطلب الثقافة في الفئة المستهدفة وهمومها. واعتبر أن المكتبة البشرية مهمة كونها تقدم للزوار عصارة تجربة الكاتب، فهي أشبه بورشة عمل خاصة، مشدداً على أهمية الملتقى وما يقدمه للمهتمين في المجال الأدبي.

الخط العربي
كما شارك في الملتقى الخطاط علي الحمادي، حيث عرض أدوات الخط العربي، وقال عن مشاركته: «أعرض من خلال هذا الملتقى جزءاً من المتحف الشخصي الذي كونته والمتعلق بمقتنيات أدوات الخط العربي، فقد جمعت الكثير من الأدوات المرتبطة بهذا الفن من العديد من دول العالم، وأعرف شرائح الجمهور المختلفة على تاريخ الخطوط وأدواتها القديمة التي قد لا يعرف الجمهور الكثير عنها». وأضاف الحمادي: «تشمل المقتنيات المعروضة الأقلام ومحابر الخط وما يعرف بالدويات أو المقلمة، وأدوات أخرى استخدمت على مدى عصور مختلفة، فهي أشبه برحلة عبر التاريخ لهذا الفن العربي الأصيل، فضلاً عن تقديم الكتابة للجمهور بخطوط مختلفة مع شرح أسرار الكتابة». ولفت إلى أن بعض الأدوات المعروضة تعود إلى الحقبة العثمانية، ومنها أيضاً ما يعود إلى الدولة اليمنية القديمة وأذربيجان، وقد جمعها من المزادات وأسفاره، مشيراً إلى أنه جمع أيضاً مجموعة من المصاحف النادرة. واعتبر الحمادي أن وجود الخط العربي هو الجانب الفني المتصل بالأدب، وأن التواصل مع الجمهور في ملتقى أدبي، يعمق معلومات الجمهور العربي، وكذلك الأجنبي حول هذا الفن.

«كاريكاتير»
ومن الفعاليات التي أقيمت على هامش الملتقى أيضاً رسم الكاريكاتير الذي تحدث عنه الفنان التشكيلي محمود صفوت، بالقول: «أرسم وجوه الضيوف بشكل كاريكاتيري، وأستمتع بهذا الرسم، مع الإشارة إلى أن هذا النوع من الرسم يتطلب نظرة مختلفة، فكل رسام يرى الشخص من منظور مختلف لأنه يرتبط بالمبالغة ووجود الكثير من الفنتازيا في الأبعاد». ولفت إلى أن ردود فعل الناس هي الأغرب، خصوصاً الصدمة التي يراها على وجوههم، موضحاً أن قبول رسم الكاريكاتير يتطلب فهماً عميقاً لهذا الفن، كيلا ينظر له على أنه سخرية، فهو فن ممتع والغرض منه المتعة.


أجندة اليوم الأول
حمل اليوم الأول مجموعة من الجلسات التي تُعنى بالأدب والنقد والمسرح، ومنها «أدب الطفل في الإمارات بين الواقع والمأمول»، «الأدب المسرحي والتفاعل الثقافي في الإمارات»، «نوادي القراءة في الإمارات ومواكبة التطور المعرفي»، «تأصيل الهوية وتجسيد التراث الوطني»، «النقد الأدبي وتعزيز الذائقة الأدبية للجمهور الإماراتي»، فيما كانت الأمسية الشعرية مع الشيخة خلود المعلا. وإلى جانب الجلسات قدمت مجموعة من ورش العمل التي تُعنى بالصناعة الأدبية، من قبل كتاب وجهات ومؤسسات، فضلاً عن استضافة المكتبة البشرية لكل من، أسماء الهاملي وعمر العامري والدكتور فواز ضيف الله.

شاركها.
Exit mobile version