عبّر رجل الأعمال الأميركي المدير التنفيذي لشركة «فورد» العالمية، جيم فارلي، عن مخاوفه من مستقبل صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا، مقابل الوارد من الصين، قائلاً إن إنتاج السيارات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي حالياً أقل بثلاثة ملايين سيارة مما كان عليه قبل مستويات جائحة «كورونا»، كما أن أوروبا بصدد إصدار قوانين غير واقعية، فالزبائن لا يشترون «الكهربائية».
ويرى أن أوروبا تواجه تدفقاً هائلاً من واردات السيارات الكهربائية المدعومة حكومياً من الصين، والمصممة هيكلياً لتقويض العمالة والتصنيع الأوروبيين، مشدداً في صحيفة «فاينانشال تايمز» على أن أوروبا تواجه خيارين لا ثالث لهما: إما تعزيز صناعة سيارات مزدهرة وتنافسية، حيث تقود بها العالم في مجال التكنولوجيا الخضراء، أو أن تتشبث بأهداف لا يمكن تحقيقها، في حين تصبح سوقها تحت سيطرة الواردات، بينما تتحول شركاتها إلى قرى مهجورة.
يقول فارلي: «تراقب صناعة السيارات الأوروبية، بروكسل (مقر المفوضية الأوروبية)، بقلق كبير مرة أخرى، بينما تخطط المفوضية للكشف عن قوانين جديدة للانتقال إلى السيارات الكهربائية، بما فيها تطوير أهداف انبعاثات الكربون.
وتنص القوانين الحالية على انتقال سريع إلى السيارات الكهربائية، لكن المشكلة الكبيرة تكمن في أن الزبائن الأوروبيين، سواء كانوا أفراداً أو شركات، لا يشترون السيارات الكهربائية بأعداد كبيرة.
وفي الواقع، فإن بروكسل ليست لوحدها بصدد إصدار قوانين لا تنسجم مع واقع السوق، إذ أعلنت المملكة المتحدة، أخيراً، عن ضريبة جديدة يتم فرضها على سائقي السيارات الكهربائية قدرها ثلاثة بنسات لكل ميل يتم قطعه، في وقت تُقدّم لهم الحكومة حسومات تصل إلى 3750 جنيهاً إسترلينياً على شراء السيارات الكهربائية الجديدة، لتعمل هذه التناقضات على إرباك المشترين وإحباطهم.
بدورها، تقول الشركات الأوروبية المصنعة للسيارات، إنها تريد صناعة سيارات مستدامة، لكن وضع قوانين ونظم غير واقعية ثم تعديلها في نهاية كل عام عندما ينفر المستهلكون منها، يُنذر باضطرابات جمة.
ويشكل هذا النهج خللاً في دورة معقدة من تصميم المنتجات وهندستها وسلاسل التوريد، والتي تتطلب فترات انتظار طويلة واستثمارات بمليارات الجنيهات، لهذا نحن بحاجة ماسّة إلى إطار تنظيمي لأوروبا، يوفر أفقاً تخطيطياً واقعياً وموثوقاً به لـ10 سنوات.
وتواجه أوروبا، من جهة، أكثر قوانين خفض الانبعاثات الكربونية صرامة في العالم، وهي لوائح تطالب بوتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية، منفصلة عن واقع طلب المستهلكين. ومن جهة أخرى، تواجه تدفقاً هائلاً من واردات السيارات الكهربائية المدعومة حكومياً من الصين، والمصممة هيكلياً لتقويض العمالة والتصنيع الأوروبيين.
وستمتلك الصين فائضاً في الطاقة الإنتاجية يكفي لتلبية احتياجات جميع مشتري السيارات الجديدة في أوروبا. وقد ضاعفت العلامات التجارية الصينية حصتها السوقية في المنطقة خلال 12 شهراً فقط، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 5.5% في أغسطس الماضي، وفي المقابل ظلت حصة السيارات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي راكدة عند نحو 16%، وهو ما يقل كثيراً عن نسبة 25% المطلوبة لتحقيق أهداف بروكسل لعام 2025.
وقد أصبح إنتاج السيارات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي حالياً أقل بثلاثة ملايين سيارة مما كان عليه قبل مستويات جائحة «كورونا». وفي وقت تتجه فيه شركات التصنيع إلى مستقبل مظلم، فقد خسر قطاع صناعة السيارات في عام 2024 وحده 90 ألف وظيفة، وهذه هي الوظائف التي تُسهم في الاستقرار الاجتماعي في أوروبا. وهذه ليست مرحلة انتقالية، وإنما هي أشبه بتصفية تدريجية لصناعة السيارات الأوروبية.
ويتابع المدير التنفيذي لشركة «فود»، جيم فارلي: «للتوضيح، لا تطالب هذه الصناعة بأي دعم مالي، كما أننا لا نطالب بأي نوع من (الحمائية) للتغطية على هذا القصور، وسنواصل العمل الصعب في شركة (فورد)، لإعادة الهيكلة».
ويضيف: «فشل النهج المتعلق بأنظمة تقليل غاز الكربون، لهذا يجب جعل أهداف الكربون تنسجم مع المتطلبات الواقعية للسوق، وتزويد مصانع السيارات بخطط مستقبلية واقعية وتتسم بالثقة. ويتضمن ذلك منح المستهلكين خيارات قيادة السيارات الهجينة لفترات أطول، ما يساعد على تجسير الهوة، بدلاً من فرض قفزة السيارات الكهربائية التي لايزالون غير مستعدين لقيادتها».
وقال: «نحتاج إلى تحفيز هذا التحول، ولقد استثمرت شركات صناعة السيارات الأوروبية مئات المليارات من أجل صناعة السيارات الكهربائية. ويجب على الحكومات أن تقابل هذا الالتزام بحوافز مستمرة لشراء هذه السيارات، وبنية تحتية لشحنها بالكهرباء، تمتد من المراكز الحضرية الغنية إلى المناطق الريفية».
ويرى فارلي أن النهج المتبع حالياً مع السيارات التجارية العادية، يُعدّ بمثابة ضريبة على العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي. ولاتزال 8% من السيارات الجديدة كهربائية، بيد أن القوانين تتعامل معها مثل السيارات الفاخرة، في وقت تُلحق فيه الأهداف الطموحة لخفض الكربون الضرر بالشركات الصغيرة والمتوسطة لصناعة السيارات، والتي تقدّم نحو 50% من إجمالي الدخل المحلي في أوروبا.
وختم المدير التنفيذي لـ«فورد»، جيم فارلي، بالقول: «لطالما اعتبرت (فورد) أوروبا مقراً لها منذ قرن من الزمن. ونحن نرغب في أن نكون جزءاً من مستقبلها الأخضر، ونخطط لمواصلة الاستثمار فيها، لكن أوروبا تواجه خيارين لا ثالث لهما: فهي تستطيع تعزيز صناعة سيارات مزدهرة وتنافسية، حيث تقود بها العالم في مجال التكنولوجيا الخضراء، أو أن تتشبث بأهداف لا يمكن تحقيقها، في حين تصبح سوقها تحت سيطرة الواردات، بينما تتحول شركاتها إلى قرى مهجورة». رجل الأعمال الأميركي المدير التنفيذي لشركة «فورد» للسيارات، جيم فارلي. عن «فاينانشال تايمز»
«فورد» لأوروبا: نحتاج إلى خطة إعادة ضبط لآلية العمل
قال رجل الأعمال الأميركي المدير التنفيذي لشركة «فورد» العالمية، جيم فارلي: «قمنا بإغلاق المصانع القديمة، وقللنا عدد العمالة، وخفضنا التكاليف كي نصبح أكثر مرونة، وقمنا باستثمار المليارات لتحويل عمليات تطوير عمليات التصنيع لدينا في أوروبا، ومنح عملائنا خيارات أوسع للانتقال إلى السيارات الكهربائية أو الهجينة، لكن إذا أرادت أوروبا تجنّب أن تصبح متحفاً لصناعة القرن الـ21، فإننا نحتاج إلى خطة إعادة ضبط لآلية العمل على المدى البعيد».
• إنتاج السيارات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي حالياً أقل بـ3 ملايين سيارة مما كان عليه قبل مستويات جائحة «كورونا».
