Published On 5/9/2025
|
آخر تحديث: 16:33 (توقيت مكة)
واشنطن – يُرجع كثير من الأميركيين الإجراءات التي يقوم بها الرئيس دونالد ترامب في العاصمة واشنطن إلى معرفته بانخفاض شعبيته فيها، وأنها أقل المناطق تصويتا له في الدورات الانتخابية الثلاث التي خاضها.
ومنح الدستور الأميركي الكونغرس سلطة كاملة على العاصمة، وأعطاها صورة فريدة من الحكم الذاتي. وليس لسكان المدينة، البالغ عددهم نحو 700 ألف شخص، تمثيل سياسي ذو قيمة على المستوى الفدرالي.
وليس للعاصمة أعضاء منتخبون يتمتعون بحق التصويت، لا في مجلس النواب ولا مجلس الشيوخ، بل لها فقط مجلس تشريعي محلي وعمدة منتخب، ومع ذلك يتحكم الكونغرس في ميزانيتها ومخصصاتها المالية.
وتشارك واشنطن في اختيار الرئيس الأميركي، إذ لها 3 مقاعد في المجمّع الانتخابي البالغ إجمالي مقاعده 535، مثلها مثل الولايات الصغيرة سكانيا.
دون أصواتها
وخلال انتخابات 2016 و2020 و2024 التي خاضها ترامب، فشل فشلا ذريعا في واشنطن، وجاءت نتائجه كالتالي:
- في انتخابات 2016، حصل ترامب على إجمالي 13 ألف صوت من الناخبين بواشنطن بنسبة 4.1%، في حين حصلت منافسته هيلاري كلينتون على 283 ألف صوت بنسبة 91%.
- وفي انتخابات 2020، حصل ترامب على 19 ألف صوت في واشنطن بنسبة 5.4%، في المقابل حصل منافسه الفائز جو بايدن على 317 ألف صوت بنسبة 92%.
- في انتخابات 2024، حصل ترامب على 21 ألف صوت في واشنطن بنسبة 6.7%، مقابل 294 ألف صوت لمنافسته الديمقراطية كمالا هاريس بنسبة 90% من أصوات العاصمة.
وتعد هذه النسب ضئيلة للغاية، بل يصفها تاكر كوك، المقيم بواشنطن ويعمل في مجال مبيعات العقارات، بـ”المهينة”.
وقال كوك للجزيرة نت “إنه بالنظر للكراهية المتبادلة بين ترامب وسكان واشنطن، يمكن له أن يبرر ما يقوم به ضدنا جميعا وضد حريتنا. هل تدرك أنه في أكثر الولايات معارضة لترامب مثل هاواي أو ميرلاند أو كاليفورنيا، حصل على أكثر من ثلث عدد الأصوات فيها. لكن واشنطن العاصمة استثناء في درجة رفضها لترامب”.
إجراءات قاسية
ويبدو تركيز ترامب على الجريمة بصورة مبالغ فيها وله دوافع سياسية، خاصة مع استهدافه مدنا أخرى في ولايات يسيطر عليها الديمقراطيون مثل بالتيمور في ميريلاند أو شيكاغو في إلينوي.
وعلى الرغم من تفشي الجريمة في بعض مناطق واشنطن، فإن بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) الحديثة تشير إلى انخفاض كبير في نسب ارتكاب الجرائم خلال الأشهر الأخير مقارنة بما كانت عليه قبل عام واحد.
ومع الاتهامات بسوء إدارة المدينة من مجلسها التشريعي وعمدتها المنتمين للحزب الديمقراطي، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الجريمة وجودة الخدمات العامة، ومع وجود أغلبية جمهورية في مجلسي الكونغرس، أقدم الرئيس ترامب على استخدام سلطته الرئاسية بطريقة لم يفعلها أي رئيس سابق بإقدامه على إرسال جنود من الحرس الوطني إلى شوارعها، والسيطرة على شرطتها، ووضعها تحت حالة طوارئ خاصة.
معتبرا الخطوة “انتهاكا للدستور”.. المدعي العام لمدينة #واشنطن يرفع دعوى ضد #ترمب والجيش على خلفية نشر الحرس الوطني في العاصمة pic.twitter.com/EgqYsZu1ZS
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 5, 2025
واتخذ ترامب إجراءات قاسية ضد المدينة، أهمهما:
- الاستيلاء الفدرالي على شرطة العاصمة: استند ترامب إلى القسم 740 من قانون الحكم الذاتي لعام 1973، والذي يسمح للرئيس باستخدام إدارة شرطة العاصمة (إم بي دي) لأغراض فدرالية أثناء حالات الطوارئ، واستغل ترامب ذلك مشيرا إلى إصابة موظف سابق في الإدارة في محاولة فاشلة لسرقة سيارة.
- نشر الحرس الوطني المسلح: تم نشر الحرس الوطني في العاصمة ووكالات إنفاذ القانون الفدرالية في المدينة لمعالجة حالة الطوارئ المعلنة في مجال الجريمة والعمل على “تأمين المدينة من المجرمين والمشردين والخارجين على القانون”.
- وقف ظاهرة “الكفالة غير النقدية”: استهدفت بعض الأوامر التنفيذية لترامب سياسات “الكفالة غير النقدية” في العاصمة، وبموجب هذه الأوامر توقف إطلاق سراح المتهمين الخطرين قبل المحاكمة من دون مقابل نقدي، الأمر الذي كان يساهم في إعادة ارتكاب الكثير من الجرائم من متهمين أُفرج عنهم بسبب هذه الممارسة.
- توسيع الموارد الفدرالية: وجهت أوامر رئاسية إضافية لتوظيف المزيد من أفراد شرطة المتنزهات الأميركية والمدَّعين العامين الفدراليين لواشنطن العاصمة، وتأسس فريق عمل أطلق عليه “فرقة عمل آمنة وجميلة” لإنفاذ السلامة العامة والنظام وتجميل العاصمة.
- الاستيلاء على محطة القطارات الرئيسية (يونيون ستيشن)، وأصدر ترامب أمرا تنفيذيا بأن تتولى الحكومة الفدرالية إدارة محطة القطارات التاريخية في قلب العاصمة واشنطن.
وحاليا هناك 2290 من رجال الحرس الوطني المعينين للمهمة، منهم 1340 منهم من ولايات أخرى.
وقال بيان صادر عن إدارة قوات الحرس الوطني بواشنطن إنه “بالشراكة مع سلطات إنفاذ القانون المحلية، انخفضت نسبة سرقة السيارات بمعدل 37%، وكذلك عمليات السطو بنسبة 50%، وانخفضت جرائم العنف بنسبة 23%”.
سلطة الرئيس
ويمنح قانون الحكم الذاتي لواشنطن لعام 1973 الرئيس قيادة الحرس الوطني في العاصمة، كما يسمح له باستخدام الشرطة المحلية للأغراض الفدرالية أثناء حالات الطوارئ، ولكن فقط لمدة تصل إلى 30 يوما دون إذن من الكونغرس.
وسمح القانون لترامب بإعلان “حالة الطوارئ لارتفاع معدلات الجريمة”، وينتهي تاريخ سيطرة الرئيس على العاصمة يوم 10 سبتمبر/أيلول الجاري، إلا إذا مدد الكونغرس لترامب ممارسة هذا الحق.
وقال ترامب للصحفيين قبل أيام “سنسيطر بقوة وبسرعة على شرطة واشنطن، لكننا نريد تمديدا من الكونغرس”، مما جعل الكثير من سكان واشنطن يتساءلون “إلى متى يمكن أن يستمر استيلاء ترامب على سلطات إنفاذ القانون بمدينتهم؟”.
ولا يوجد إجابة محددة على هذ السؤال في ظل غياب سوابق تاريخية مشابهة، ولم يسبق أن سيطر أيّ رئيس على شرطة واشنطن.
وعلى الرغم من عدم وجود حدود زمنية واضحة لنشر الرئيس الحرس الوطني في العاصمة، فإنه يمكن النظر إلى عمليات انتشار سابقة بما في ذلك حوادث 1968 بشأن احتجاجات حركة الحقوق المدنية، أو مظاهرات 2020 المتعلقة بالاحتجاجات على مقتل جورج فلويد.