إيرلندا البلد الذي يُعدّ الحياد العسكري رمزاً لهويته الحديثة، هو مجرد متفرج في مجال الأمن البحري، والأسوأ من ذلك أنه معرّض لخطر أن يصبح عبئاً دولياً، وفقاً للخبراء، حيث إنه غير قادر على حماية البنية التحتية الأساسية في مياهه الإقليمية، على الرغم من أنه أصبح غنياً بفضل استضافته التكنولوجيا والتجارة العالمية.

وزاد من حدة القلق مشاهدة السفينة التجسسية الروسية (يانتار) الأسبوع الماضي قبالة سواحل أسكتلندا، حيث استهدفت طائرات سلاح الجو الملكي بالليزر وكان الاعتقاد أنها متجهة إلى المياه الإيرلندية، والسفينة «يانتار» تحت إشراف المديرية الروسية السرية لأبحاث أعماق البحار، وهي مصممة لرسم خرائط الكابلات البحرية ومراقبتها.

إيرلندا دولة جزرية لم يكن لديها أسطول بحري حتى عام 1946، ولم تعد لها سفن بحلول عام 1969، وهي الآن تعاني نقصاً شديداً في الموارد لدرجة أن أربع سفن فقط من أصل ثماني سفن هي التي في الخدمة، ونظراً إلى افتقارها إلى البنية التحتية الأمنية، فإنها معزولة أيضاً عن أولئك الذين قد يسعون إلى مساعدتها، فالدول الصديقة الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) غير قادرة على إبلاغها بأي خطر محتمل، مثل وصول سفينة روسية، لأن إيرلندا تفتقر إلى أنظمة الاستخبارات اللازمة لتلقي المعلومات السرية، وفقاً لما صرح به ثلاثة ضباط بحريين أوروبيين لصحيفة «فاينانشال تايمز».

نقاط ضعف

وفي العام المقبل، ستظهر نقاط الضعف هذه للعيان، وانتُخبت كاثرين مونولي، قبل أسبوعين رئيسة جديدة، وهي تعارض صراحة زيادة العسكرة، وستستضيف إيرلندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر بدءاً من يوليو، وقمة أوسع نطاقاً للدول الأوروبية ودول حلف شمال الأطلسي، تُعرف باسم «المجتمع السياسي الأوروبي».

وقال القائد السابق للعمليات الخاصة للجيش الإيرلندي، والمشرع السابق، كاثال بيري: «لدينا شركات تكنولوجيا كبيرة، وشركات أدوية كبيرة، وبيانات ضخمة هنا في إيرلندا، وهذا يجعلنا هدفاً ذا قيمة عالية».

وأضاف: «نحن أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكننا لسنا أعضاء في حلف شمال الأطلسي، إذا أردت الضغط على الاتحاد الأوروبي، أو ضرب الاتحاد دون خوف من انتقام حلف شمال الأطلسي، فإن إيرلندا هي نقطة البداية».

عامل محوري

لطالما كان موقع إيرلندا على الحافة الغربية لأوروبا عاملاً محورياً في الاتصالات العالمية، حيث ربط أول «كابل تلغراف» عبر المحيط الأطلسي جزيرة فالنتيا الإيرلندية بجزيرة نيوفاوندلاند الكندية في عام 1858، واليوم يمر نحو ثلاثة أرباع «الكابلات» البحرية في نصف الكرة الشمالي عبر المياه الإقليمية الشاسعة للبلاد، والتي تبلغ مساحتها أكثر من 10 أضعاف مساحة اليابسة.

وأي ضرر يلحق بـ«الكابلات» قد يُعطّل الأسواق المالية في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، كما أن أي انقطاع في خدمة الإنترنت سيؤثر في المنازل والمستشفيات والبنوك والشركات، وتعتمد إيرلندا أيضاً على الأنابيب البحرية في توفير معظم طاقتها، وقد يؤدي أي هجوم على هذه البنية التحتية إلى انقطاع التيار الكهربائي عن معظم أنحاء البلاد، ومع ذلك لا تمتلك إيرلندا أي رادار أو جهاز رصد.

حماية معدومة

وقال القائد البحري الإيرلندي السابق، كاويمين أونفرايد الذي أمضى نحو ثلاثة عقود في القوات المسلحة، إن قدرة البلاد على حماية «الكابلات» تكاد تكون معدومة، مضيفاً: «ليست لدينا قدرات تفتيش بحرية سوى تلك الموجودة في قسم الغوص البحري التابع لنا، والتي تعتمد بشكل أساسي على العنصر البشري، وبالتالي فهي محدودة من حيث العمق الذي يمكنها الوصول إليه».

وكما يقول مسؤول أمني أوروبي سابق: «إيرلندا غير محمية، هذا حقيقي، إنه أمر مروع للغاية». عن «فاينانشال تايمز»

. أي ضرر يلحق بـ«الكابلات» قد يُعطّل الأسواق المالية في جميع أنحاء أوروبا وأميركا.

شاركها.
Exit mobile version