تشير الأرقام إلى أن حرائق الغابات دمرت مساحات أكبر من الأراضي غير المزروعة والغابات والحقول في المملكة المتحدة، هذا العام، أكثر من أي وقت مضى منذ بدء تسجيل الإحصاءات، ما شكّل ضغطاً كبيراً على خدمات الإطفاء في البلاد.
ويُقدّر النظام العالمي لمعلومات حرائق الغابات أن حرائق الغابات دمرت 47 ألفاً و26 هكتاراً في المملكة المتحدة، بحلول نوفمبر 2025، وهي أكبر مساحة في أي عام منذ بدء الرصد في عام 2012، وأكثر من ضعف المساحة التي دمّرتها حرائق الصيف القياسية في عام 2022.
وقد وجه اتحاد فرق الإطفاء في بريطانيا بدعم من مجموعات المناخ ومنظمات أخرى، رسالة إلى الحكومة يطلب فيها استثماراً طويل الأجل في خدمة الإطفاء، لمساعدتها على مواجهة التهديد المتزايد لحرائق الغابات والفيضانات مع تفاقم أزمة المناخ.
وجاء في الرسالة: «هناك أدلة دامغة على أن المملكة المتحدة غير مستعدة بشكل خطر لمواجهة التهديد المتزايد لحرائق الغابات والفيضانات، والتأثيرات الأوسع نطاقاً لأزمة المناخ، لهذا السبب نكتب إليكم بصفتنا منظمات تعمل في مجالات السلامة العامة، والعمل المناخي والعدالة الاقتصادية والاجتماعية، قبل إقرار الميزانية، لنطلب منكم القيام باستثمارات كبيرة وطويلة الأجل في خدمة الإطفاء والإنقاذ في المملكة المتحدة».
حرائق قياسية
وفي أغسطس الماضي، تم استدعاء رجال الإطفاء من جميع أنحاء المملكة المتحدة لمكافحة «حرائق قياسية» في منطقة هولت هيث في مقاطعة دورست، لأن الموارد المحلية كانت «محدودة بشكل صادم».
وفي سبتمبر اللاحق، انضم مزارعون وحراس صيد وملاك أراضٍ إلى فرق الإطفاء في شمال يوركشاير، في محاولة منهم لمكافحة حريق ضخم استمر أسابيع في منطقة لانغديل مور.
نقص التمويل
وتقول الرسالة إن خدمة الإطفاء والإنقاذ غير مجهزة بشكل جيد للتعامل مع حوادث مثل هذه، حيث فقدت نحو 12 ألف إطفائي منذ عام 2010، أي واحدة من كل خمس وظائف.
وتضيف أن تمويل الحكومة المركزية تم تخفيضه بنسبة 30% من حيث القيمة النقدية وحدها، وأن العديد من الخدمات واجهت نقصاً في المعدات وفي عدد الموظفين في غرف التحكم، وعدم كفاية معدات الحماية.
الاستجابة للحوادث
ووفقاً للرسالة، يؤثر نقص الاستثمار في الاستجابة لحوادث تغير المناخ، وأشارت إلى أنه في أغسطس من هذا العام، تم استدعاء خدمة الإطفاء والإنقاذ 17 مرة من أماكن بعيدة، مثل مانشستر الكبرى، للاستجابة لحريق غابات في هولت هيث، ولم يكن لدى العديد من رجال الإطفاء الذين استجابوا للحادث معدات حماية شخصية متخصصة للحرائق، ما عرّضهم لخطر متزايد للإصابة بضربة شمس وإرهاق وحروق.
فيضانات
وتقف خدمات الإطفاء أيضاً في الخطوط الأمامية للتعامل مع المخاطر المتزايدة للفيضانات في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وفي الشهر الماضي كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن ملايين المنازل الأخرى في إنجلترا وإسكتلندا وويلز ستواجه فيضانات مدمرة في السنوات المقبلة، وقد يتعين التخلي عن بعض المدن لأن تغير المناخ يجعل العمل في العديد من المناطق صعباً للغاية.
وقال أحد رجال الإطفاء في منطقة مونماوث، سام هاردينغ، الذي أنقذ أشخاصاً عندما ضربت العاصفة كلوديا المنطقة في وقت سابق من الشهر الجاري، إن خدمة الإطفاء تكافح للتعامل مع هذا الواقع الجديد.
وأضاف: «كانت الفيضانات من أسوأ ما شهدناه في السنوات الأخيرة، وتطلبت كل موارد الإنقاذ لدينا، لو كان هناك حادث فيضان آخر في مكان آخر في جنوب ويلز يتطلب الإنقاذ، لا أعرف كيف كنا سنتمكن من الاستجابة».
ولفت هاردينغ إلى أن تخفيضات الحكومة للتمويل تعني عدم وجود المرونة اللازمة للتعامل مع حوادث خطرة متعددة، مثل الفيضانات، قائلاً: «مع الأسف نشهد المزيد منها».
إجراءات حاسمة
ودعت رسالة اتحاد فرق الإطفاء في بريطانيا – التي وقعتها منظمات «غرينبيس» و«تاكس جستيس يوكيه» و«فريندز أوف ذا إيرث» وغيرها – وزارة المالية إلى زيادة التمويل الحكومي لضمان توفير عدد كافٍ من رجال الإطفاء، وموظفي مكافحة الحرائق في حالات الطوارئ، والموارد المتخصصة لمواجهة مخاطر حرائق الغابات والفيضانات.
وقالت الرسالة: «نحثّكم على اتخاذ إجراءات حاسمة لتوفير الاستثمارات والاستراتيجيات والقيادة التي يحتاج إليها رجال الإطفاء والمجتمعات المحلية التي يحمونها بشكل عاجل لمواجهة واقع تغير المناخ».
مخاطر
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الإسكان والمجتمعات المحلية: «ندرك المخاطر التي تشكلها حرائق الغابات والفيضانات على المجتمعات، لهذا السبب نتخذ إجراءات حاسمة لضمان قدرة خدمات الإطفاء والهيئات الوطنية على إدارة حالات الطوارئ والاستجابة لها»، مضيفاً: «يشمل ذلك تمويل مستشار وطني للمرونة في مواجهة حرائق الغابات، لدعم استجابة أكثر تنسيقاً لحرائق الغابات، إلى جانب ضمان توافر الموارد اللازمة لخدمات الطوارئ للحفاظ على سلامة الجمهور». عن «الغارديان»
ظروف مثالية للاشتعال
ضربت موجات حرارة عدة، المملكة المتحدة في أوائل عام 2025، حيث تجاوزت درجات الحرارة 33 درجة مئوية في بعض الأيام.
وكان فصل الربيع الماضي الأكثر جفافاً منذ أكثر من 50 عاماً، ما ترك النباتات جافة وقابلة للاشتعال بدرجة عالية.
وحدد خبراء الأرصاد الجوية قباباً حرارية ناتجة عن أنظمة ضغط مرتفع مستمرة، التي تضاعفت ثلاث مرات منذ خمسينات القرن الماضي.
وربط علماء المناخ هذه الأحداث بالتغيرات في التيار النفاث التي اشتدت بسبب ارتفاع مستويات غازات الدفيئة. وأوجدت موجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار ظروفاً مثالية للاشتعال، وانتشار الحرائق بسرعة عبر الأراضي البور والغابات.
وذكرت لجنة تغير المناخ أن تغير المناخ زاد احتمالية حدوث حرائق الغابات في المملكة المتحدة بست مرات على الأقل.
وتعمل التقنيات الحديثة على تحسين أوقات الكشف عن حرائق الغابات في المملكة المتحدة. ويمكن لأجهزة الاستشعار الأرضية وصور الأقمار الاصطناعية تحديد الدخان والحرارة قبل أن تُصبح الحرائق غير قابلة للسيطرة.
ويمكن لشبكات جودة الهواء المجتمعية التقاط ارتفاعات التلوث المرتبطة باحتراق النباتات.
وتساعد نماذج النقاط الساخنة القائمة على الذكاء الاصطناعي، بعض الوكالات على التنبؤ بالمناطق المعرضة للخطر، بناء على الظروف الجوية وظروف الوقود. وتعد ممارسات إدارة الأراضي مهمة أيضاً في تقليل مخاطر الحرائق. ويمكن أن تُقلل بعض الإجراءات البسيطة كمية النباتات القابلة للاشتعال، ولكن هذه الأساليب مثيرة للجدل.
وتجادل بعض مجموعات الحفاظ على البيئة بأن الحرق الانتقائي لبعض الأراضي يضر بالنظم البيئية، ويزيد تلوث الهواء، بينما يؤكد مؤيدو الحرق المتحكم فيه، أنه يمنع حرائق الغابات الأكبر والأكثر تدميراً عن طريق تقليل كميات الوقود.
. ملايين المنازل في إنجلترا وأسكتلندا وويلز ستواجه فيضانات مدمرة خلال السنوات المقبلة.
. نقص التمويل، المخصص لخدمة الإطفاء والإنقاذ، يؤثر سلباً في الاستجابة للحوادث الناجمة عن التغير المناخي.
