أصدرت مؤسسة القمة العالمية للحكومات، بالتعاون مع شركة «أكسنتشر»، تقريراً جديداً بعنوان «مزايا التكيّف مع التغيّر المناخي: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الحكومات على دفع العمل المناخي نحو نتائج أفضل؟»، يسلّط الضوء على الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في تمكين الحكومات من مواجهة تحديات المناخ، وتحويلها إلى فرص تنموية واقتصادية مستدامة.

كما يُسلّط التقرير الضوء على أكثر من 20 دراسة لحالات عالمية، ويستقي بيانات من أكثر من 50 دولة لديها استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي، ويتبنى سبعة محاور رئيسة لإسهامات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال في تعزيز الجهود التي تقودها الحكومات في العمل المناخي، التي تتمثّل في: صياغة السياسيات وتنفيذها، وتصميم نماذج استشراف التغيّر المناخي، والزراعة المستدامة، والتخطيط الحضري، وإدارة الطاقة، ومشاركة أفراد المجتمع، وسلسلة التوريد والمشتريات الحكومية.

وأكّد التقرير أن الحكومات حول العالم تقف أمام مهمة مزدوجة، تتمثّل في حماية المجتمعات من التحديات المتصاعدة للتغيّر المناخي، وفي الوقت ذاته، تعزيز تبني التقنيات التحولية التي تسهم في تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي الذي يُعدّ أداة استراتيجية لتعزيز جاهزية القطاع الحكومي.

ويشير إلى أنه منذ التصديق على اتفاقية باريس عام 2015، زادت التزامات الدول المتقدمة والنامية بنحو 18 ضعفاً، على الرغم من أنها لاتزال غير كافية بالنظر إلى ارتفاع درجات الحرارة، إذ كان عام 2024 العام الأكثر حرارةً على الإطلاق، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وأول عام يتجاوز فيه متوسط درجة حرارة سطح الأرض العالمية 1.5 درجة مئوية.

وأكّد مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، محمد الشرهان، أن تقرير «مزايا التكيّف مع التغيّر المناخي» يأتي في مرحلة تشهد تحولات متسارعة في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحديات البيئية، ما يستدعي ابتكار فرص وحلول وسياسات متوازنة، تدعم جاهزية عمل الحكومات، وتُعزّز قدرتها على تحقيق أعلى مستويات التكيّف والتوازن مع التحولات العالمية، وتحقيق أفضل النتائج.

من جهته، قال رئيس استراتيجية القطاع العام العالمي رئيس استراتيجية واستشارات الشرق الأوسط وإفريقيا في أكسنتشر، رامز شحادة: «للذكاء الاصطناعي القدرة على أن يكون من أقوى الأدوات في مكافحتنا لتغيّر المناخ، لكن هذا فقط إذا قادت الحكومات ذلك برؤية جريئة وإجراءات حاسمة».

وأضاف: «يُقدم التقرير خريطة طريق للحكومات لتسخير الذكاء الاصطناعي ليس فقط لحماية كوكبنا، ولكن أيضاً لدفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل، وتحسين الخدمات، وبناء مجتمعات أكثر مرونة»، مشيراً إلى أن الحد من الانبعاثات والتخطيط للتكيّف يُعدّان من الأولويات الحاسمة للعالم، وأن مستقبل قيادة المناخ يكمن في الرقمنة.

التكيّف المناخي

ويوضح التقرير أن التقاء أهداف العمل المناخي مع التقدم السريع للذكاء الاصطناعي، يفتح آفاقاً واسعة أمام الحكومات، لتسريع خطط التكيّف المناخي، وتحسين كفاءة الاستجابة للمستجدات البيئية، كما يبرز أهمية الذكاء الاصطناعي في تسريع جهود التخفيف والتكيّف عبر تحليل البيانات الضخمة، ومحاكاة السيناريوهات المستقبلية، وتحسين تخصيص الموارد بفاعلية أعلى.

تجارب عالمية

ويعرض التقرير مجموعة من التجارب العالمية التي أثبتت قدرة حلول الذكاء الاصطناعي على تحقيق نتائج ملموسة في مجالات مراقبة الانبعاثات، والإنذار المبكر بالكوارث الطبيعية، وتعزيز الإنتاج الزراعي، ودعم نماذج الإدارة المستدامة للطاقة.

ويدعو التقرير الحكومات إلى تطوير مراكز بيانات صديقة للبيئة، لضمان ألّا يؤدي التوسّع في استخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الأعباء البيئية، مع ضرورة تعزيز حوكمة مسؤولة لهذه التقنيات تقوم على الشفافية والعدالة وحماية الخصوصية.

ويختتم التقرير بتأكيد أن الذكاء الاصطناعي يُمثّل أداة محورية لدعم العمل المناخي، إلا أنه ليس حلاً منفرداً، بل هو جزء من منظومة أوسع تتطلب سياسات حكومية فاعلة، وبنية تحتية متطورة، وشراكات دولية واسعة، لتحقيق نتائج مستدامة. 

شاركها.
Exit mobile version