في أغنيته الجديدة «ذيك الليالي» التي صدح بها فنان العرب محمد عبده، يطلّ الأمير فيصل بن تركي بن ناصر كشاعرٍ يحمل ذاكرة نجد في حرفه، وحنينها في نَفَسه، ليقدّم عملاً يجمع بين صفاء الكلمة وصدق الإحساس. بين التجربة الشعرية المتعمقة والرؤية الإنسانية الراقية.

تفيض أبيات الأغنية بوجدانٍ صادقٍ يختصر مسافة العاطفة والذاكرة: «ومن نسايم نجد طرنا.. بوح وأشواق ومشاعر» لتغدو القصيدة رحلة وجدٍ مفتوحة على الوطن والحنين والإنسان.

فيصل بن تركي شاعرٌ لا يتكلف الصورة ولا يطيل الشرح، بل يُصيغ القصيدة كما تُصاغ المواقف الكبيرة؛ بصفاءٍ وجدانيٍّ ودقةٍ موسيقية.

تأتي مفرداته مشبعة بروح نجد التي عاشها، وبهذا الاتزان بين الأصالة والتجديد قدّم نموذجًا مختلفًا للشاعر السعودي المعاصر، شاعرٌ يُخاطب الحس الجمعي ويُعيد الاعتبار للقصيدة العربية بوصفها فعلًا جماليًا وثقافيًا يتجاوز حدود الغناء إلى الوعي.

وإذا كانت قصيدته تُحاكي الوجدان، فإن تجربته في نادي النصر تُجسّد الإرادة والفكر؛ إذ أعاد للنادي هويته، وانتشله من أزماته إلى منصّات الذهب، وأعاد بناء شخصيته الفنية بروح القائد المؤمن بأن المجد لا يصنعه المال وحده، بل تصنعه الثقافة الرياضية والإدارة الواعية.

كان في الميدان كما في القصيدة؛ يُوازن بين الحلم والواقع، بين الطموح والانضباط، ليترك بصمة لا تُمحى في الذاكرة النصراوية والعربية.

يجمع فيصل بن تركي بين هندسة القرار ورهافة الكلمة؛ يكتب كما يدير، ويدير كما يشعر، في توازنٍ نادرٍ بين الحسّ والحنكة.

قصيدته الجديدة امتدادٌ لرحلته في بناء المعنى سواءً في الملعب أو في الحرف، رحلة عنوانها الإتقان، ورسالتها أن الكلمة الصادقة قادرة على أن تصنع ما تصنعه الإرادة الصلبة.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version