في أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث تتقاطع الأصوات الإبداعية وتتلاقى الرؤى القادمة من مختلف قارات العالم، يتجلى السؤال الأكبر في زمنٍ تتقاطع فيه الفكرة مع الخوارزمية: من يكتب الكتاب الجديد.. الإنسان أم ذكاء الآلة؟

فبين ناشرٍ يرى في التقنية حليفا يفتح أبوابا جديدة للإبداع، وآخر يتحسب من تمددها على حساب الحس الإنساني، تتشكل ملامح نقاشٍ ثقافي عميق حول مستقبل الكتابة والنشر في عصر الذكاء الاصطناعي.

تقول زينة باسل، إن دخول الذكاء الاصطناعي إلى العملية الإنتاجية كان أشبه بمساعدٍ صامتٍ ينجز الأعمال التقنية بسرعة دون أن يملك روح الإبداع. وتوضح أن التقنية اختصرت الوقت في معالجة الصور وتعديلها، لكنها ما زالت تفتقر إلى «إحساس اللون ودهشة الفكرة»، مؤكدة أن الفن لا يصنعه الذكاء، بل الإحساس.

أما الإعلامي والناقد غيث الحوسني، فيرى أن الذكاء الاصطناعي ليس خصما بل تحدٍ، إذ يدفع الكاتب والمحرر إلى مراجعة أدواتهما وتجويد إنتاجهما. ويشير إلى أن الخطورة لا تكمن في وجود التقنية، بل في جهل التعامل معها، فاليوم توجد منصات قادرة على تحرير النصوص أدبيا ولغويا بدرجة عالية من الدقة، ما يرفع من مستوى المنافسة ويدفع المبدع العربي إلى مزيد من الوعي والمعرفة.

ومن زاويةٍ أخرى، يؤكد مصطفى سالم أن التصميم الفني فعل وجداني لا يمكن استبداله بخوارزمية، قائلا: «المصمم الحقيقي يقرأ النص بعينه وقلبه قبل أن يختار اللون والخط، بينما ينتج الذكاء الاصطناعي ما يُطلب منه فقط». ويضيف أن التقنية قد تُجمل الغلاف لكنها لا تُجسد روح المؤلف.

وتختتم نجلا رعيدي النقاش برؤيةٍ متوازنة: «نحن لا نرفض الذكاء الاصطناعي ولا نؤلهه، بل نحترم حدود الإبداع البشري». وتضيف أن الاعتراف بحدود التقنية وصدق المبدع مع القارئ هما ما يحفظ جوهر الكتابة وصناعة النشر.

وفي فضاء الشارقة الذي يجمع الإنسان والآلة على طاولة واحدة، يبقى السؤال معلقا في الهواء: هل سيظل الإنسان سيد الكلمة؟ أم أن المستقبل سيُكتب بذكاءٍ بلا روح؟

شاركها.
Exit mobile version