يُعدّ التنمر أحد أكبر التحديات المستمرة التي قد تواجه الصغار والكبار على حد سواء في كل بيئة ومكان، وما بين السلوك العدواني والإساءات الجسدية واللفظية وحتى العاطفية، وعدم انتباه الكثير من أولياء الأمور لتفاصيل سلوكية يومية بسيطة لبعض أبنائهم، قد يختبئ طفل متنمر في بيوتهم خلف ابتسامة بريئة أو هدوء ظاهر، لذا من الضروري – حسب متخصصة في علم النفس – أن يكون الآباء والأمهات والمربون عموماً، على بيّنة ووعي بالعلامات المبكرة التي تكشف عن سلوك التنمر سواء في المنزل، أو الشارع، أو بيئة المدرسة، أو حتى عبر وسائل التواصل الرقمي، للبدء بالتدخل الصحيح، وتوجيه الطفل نحو سلوك صحي، يحافظ على احترام الآخرين، ويُعزّز من مهاراته الاجتماعية والعاطفية.
وتالياً ست إشارات تتضمن العلامات الدالة على أن الطفل قد يكون متنمراً، وفق الأستاذة المساعدة في علم النفس والإرشاد وتدريب المستشارين النفسيين ومستشاري المدارس، الدكتورة كامِيكا هازل، في لقاء نشرته «نيويورك انستيتيوت أوف تكنولوجي»:
زيادة السلوك العدواني
أكّدت الدكتورة كامِيكا ضرورة وعي الآباء وانتباههم لتصرفات أبنائهم اليومية سواء في البيت أو المدرسة، خصوصاً متابعة السلوكيات الجديدة التي قد تظهر على الأبناء، لاسيما عندما يبدأون فجأة بالدخول في شجارات لفظية أو جسدية مع إخوتهم في المنزل أو رفاقهم في أماكن العيش أو زملائهم في المدرسة، وتشمل هذه السلوكيات العدوانية الضرب، والتهديد، والدفع، وإطلاق الألقاب المهينة، والصراخ بطريقة غير محترمة في وجه الآخرين.
تكرار المشكلات في المدرسة
إلى جانب زيادة السلوك العدواني، حذّرت الدكتورة كامِيكا من بداية تلقي بعض الأهالي أحياناً سلسلة من الشكاوى المتكررة من المدرسة في حق أحد أطفالهم، بسبب سوء تعامله مع الآخرين، معتبرة أنها إنذارات واضحة على مشكلات قد تكون أعمق وأكثر خطورة، مثل أن يتم استدعاء الطفل إلى مكتب المدير باستمرار، أو معاقبته بالحرمان أو الاحتجاز، أو تورطه بشكل متكرر في مخالفات سلوكية متنوعة.
اختيار «غير صحي» للأصدقاء
كما تتضمن العلامات الدالة على أن الطفل قد يكون متنمراً أيضاً، تكوين الطفل غير المبرر لدوائر صداقات مع أطفال يمارسون التنمر على طلاب آخرين في بيئة المدرسة، أو انتماءه إلى مجموعات تشجع على هذه السلوكيات العدوانية في حق الآخرين، إذ إن الأطفال ينجذبون عادة أكثر إلى من يشبهونهم في التفكير والسلوك.
عدم القدرة على التعاطف
في هذا الجانب، شددت الدكتورة كامِيكا على ضرورة أن يشعر أولياء الأمور بالقلق إزاء ملاحظة عجز أحد أبنائهم أحياناً عن إظهار التعاطف وإبداء الحزن أو التعاطف مع الأشخاص الذين يعانون ألماً أو ضيقاً أو عجزاً، مشيرة إلى أن ذلك قد يدل على أن الطفل يجد صعوبة حقيقية في الاهتمام بمشاعر الآخرين، وقد لا يبالي إذا تسبب في إيذائهم.
امتلاك أغراض مجهولة المصدر
علامة أخرى تدعو إلى الحذر، قد يكتشف الأهل بفضلها أن طفلاً متنمراً في بيوتهم، وهي الانتباه إلى امتلاك الطفل بعض الأغراض الجديدة مجهولة المصدر (كأموال أو أشياء جديدة غير مبررة) لا تنتمي للعائلة ولا للإخوة ولم يتم اقتناؤها في السابق، فيما حصل عليها الطفل من دون علمهم، إذ قد يكون استولى عليها من آخرين بالاعتماد على سلوك تنمري، مثل العنف اللفظي أو الجسدي.
اضطرابات متنوعة
أوضحت الدكتورة كامِيكا أن أسباب التنمر لدى الأطفال متنوعة، أبرزها رغبة الطفل في السيطرة أو لفت الانتباه والشعور بالقوة أو الهيمنة على الآخرين، ونقص المهارات الاجتماعية والتعاطف، مثل القدرة على فهم مشاعر الآخرين أو التواصل بطريقة صحية، وصولاً إلى تعرض بعض الأطفال لسلوك عدواني، أو عنف وإهانات في المنزل أو المدرسة بشكل متكرر أو معاناة بعضهم عدداً من اضطرابات الصحة النفسية. ولفتت إلى أهمية الوعي بتاريخ الصدمات أو التجارب المؤلمة التي عاشها بعض الأطفال وتدفعهم إلى الدفاع عن أنفسهم أو مهاجمة الآخرين والتنمر عليهم، لتفادي الأذى من جديد.
• أسباب التنمر متنوعة، أبرزها رغبة الطفل في السيطرة، أو لفت الانتباه، والشعور بالقوة أو الهيمنة على الآخرين.
