ارتفعت القيمة السوقية لسوق دبي المالي إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة في الأسبوعين الأخيرين، وذلك بعد تجاوزها مستويات 700 مليار درهم، ليتزامن ذلك مع ارتفاع مؤشر السوق العام بنحو 25 % منذ مطلع العام الجاري، بالغاً أعلى مستوى منذ منتصف يوليو 2015.

وتوقع خبراء ومحللون أسواق مال لـ«البيان»، أن تستمر القيمة السوقية لسوق دبي المالي في الارتفاع القياسي، ومن ثم الوصول إلى مستويات تقترب من تريليون درهم في العامين المقبلين، وذلك بدعم من 5 عوامل رئيسة وفي مقدمتها زيادة الطروح والإدراجات الجديدة، وتصاعد وتيرة التوزيعات النقدية على مساهمي الشركات المدرجة، إضافة إلى مكاسب الأسهم القيادية المستمرة، مع تعزيز البنية التحتية القوية والدعم الحكومي الملحوظ لجميع الأنشطة والابتكارات، فضلاً عن قوة الاقتصاد المحلي للإمارة.

إقبال كبير

وقال نائب رئيس قسم البحوث في شركة «كامكو إنفست»، رائد دياب، إن المكاسب التي حققها مؤشر سوق دبي المالي والتي تجاوزت 25 % منذ بداية العام الجاري كانت ملفتة بالتزامن مع الإقبال الكبير للمستثمرين على بناء مراكز في شركات ذات أساسيات قوية وخطط مستقبلية واعدة.

وأكد دياب أن سوق دبي تعد من الأسواق التي تحظى باهتمام دولي لما تمثله من مركز مالي عالمي وبنية تحتية قوية ودعم حكومي ملحوظ لجميع الأنشطة والابتكارات وبيئة حاضنة للبدء بالأعمال، إضافة إلى اعتبارها من الأسواق الصحية للاكتتابات العامة الأولية، مشيراً إلى أن هناك العديد من الطروح التي أفصحت عنها الحكومة في الفترة المقبلة. وتوقع دياب أن يستمر الزخم في سوق دبي المالي وأن يستمر بجذب المزيد من التدفقات التي قد تصل بالقيمة السوقية إلى التريليون درهم خلال العامين المقبلين، كما أنه من المتوقع أن تستمر قطاعات السوق الكبرى بتسجيل مكاسب كالبنوك والعقار حيث إن الأساسيات تبقى قوية.

أعلى مستوى

وأفاد كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشال»، أرون ليزلي جون، بأن مؤشر سوق دبي المالي حقق اختراقاً فوق مستوى 4100 نقطة، بالقرب من أعلى مستوى له خلال 8 سنوات، حيث ارتفع بـ25 % على أساس سنوي من بداية العام حتى الآن، حيث ساهمت أسهم «إعمار العقارية» و«إعمار للتطوير»، وبنك الإمارات دبي الوطني بشكل كبير في ارتفاع المؤشر.

وأرجع جون هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار النفط والتفاؤل بأن الاقتصاد الصيني أخيراً تجاوز المراحل الصعبة، ما يعود بالفائدة على اقتصاد الإمارات ككل، فضلاً عن أن انتعاش سوق العقارات بدبي وقوتها الاقتصادية هما المسؤولان الرئيسان عن هذا الإنجاز الكبير.

ولفت إلى أن سوق دبي المالي استقطب أكثر من 25 ألف مستثمر جديد في النصف الأول من العام الجاري، ومن بينهم 74 % من المستثمرين الأجانب، علاوة على ذلك، قدم سوق دبي المالي أداءً مالياً استثنائياً في النصف الأول من العام الجاري.

وأوضح كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشال» أن إمكانية تجاوز القيمة السوقية لأسهم دبي تريليون درهم خلال عامين تعتمد على عوامل مثل ظروف السوق ومشاعر المستثمرين وأداء الشركات، مشيراً إلى أن هناك عوامل متعددة أخرى تؤثر في القيمة السوقية للأسهم، وأبرزها ديناميكيات العرض والطلب والأوضاع الاقتصادية والأحداث الجيوسياسية وثقة المستثمرين.

وتوقع أن تجذب الإدراجات الجديدة الناجحة للشركات اهتمام المستثمرين والمساهمة المحتملة في نمو سوق دبي المالي، ما يساهم في تجاوز قيمته السوقية تريليون درهم.

وحول القطاعات الأكثر نمواً في سوق دبي، قال جون: إن النمو المذهل في قطاع العقارات في سوق دبي يؤثر إيجاباً في العديد من المجالات الأخرى في السوق، بما في ذلك القطاع المصرفي والتجزئة والترفيه، كما أظهرت أرباح البنوك الإماراتية للربع الثاني دعماً قوياً من خلال انخفاض تكلفة المخاطر على الرغم من الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة الأساسية وتحسن جودة الأصول وعمليات الاسترداد القوية وعمليات استرداد المبالغ المستحقة ساعدت على السيطرة على عوامل المخاطر العامة والتكاليف.

أساسيات قوية

وقال المحلل المالي حسام الحسيني إنه لا يوجد ما يمنع استمرار القيمة السوقية لسوق دبي المالي في الارتفاع، ولا سيما أن هذه الارتفاعات تأتي مدعومة من ارتفاعات في القيمة السوقية للأسهم القيادية، والتي بدورها كانت ارتفاعاتها مدعومة بأساسيات قوية، سواء بما يخص نتائج أعمالها أو بسبب التحسن الاقتصادي القوي الذي تشهده الإمارة، والذي من المتوقع أن يحافظ على زخمه الأخير.

وأضاف الحسيني إن المركز الذي تمثله الإمارة كملاذ آمن للاستثمارات شكل رافداً قوياً للتدفقات المالية الداخلة لدبي، الأمر الذي دعم أيضاً نتائج أعمال معظم الشركات، متوقعاً استمرار هذا الأداء القوي في الفترة المقبلة.

وتابع: «الارتفاعات في الفترات الأخيرة كانت بشراء مؤسساتي وبعيدة بشكل ما عن المضاربات السريعة، فهذا يعني استقراراً أكبر للسوق وقوة رفع إضافية، كما أنه يشكل مصداً لأي عمليات تصحيح أو تراجع قوي ممكن أن يحصل، وهذا واضح بالتفوق النسبي لأداء مؤشرات الأسواق المحلية مقارنة ببقية الأسواق في العالم».

وأكد الحسيني أن القطاع العقاري والبنكي أكبر المستفيدين من حالة السوق الراهنة، متوقعاً استمرار تفوقهم، كما أن القطاعات المرتبطة بالبترول والاستثمارات المتعددة، ولا سيما الحكومية وشبه الحكومية تعد أيضاً من القطاعات المتوقع استفادتها واستمرار انتعاشها.

اتجاه صعودي

من جهته، توقع دانيال تقي الدين، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لـ«بي دي سويس» أن يستمر سوق دبي المالي في توسيع مكاسبه بناء على اتجاهه الصعودي لعدة سنوات، متوقعاً أن يستمر إجمالي القيمة السوقية في الارتفاع في الأشهر المقبلة وربما في العام المقبل.

وقال: «يستفيد سوق دبي المالي من الاقتصاد المحلي القوي الذي شهد مستويات نشاط متزايدة منذ عام 2021، حيث قدمت مرونة الاقتصاد دعماً لعدد من القطاعات والشركات المدرجة، وفي الوقت ذاته، غذت الاكتتابات العامة الأولية الناجحة الاهتمام بسوق الأوراق المالية، في حين قد تدفع إدراجات جديدة السوق بأكمله».

وأضاف: «إذا ظلت الظروف الاقتصادية ومعنويات المستثمرين قوية، فمن الممكن أن تستمر قيمة سوق الأسهم بدبي في الارتفاع نحو مستوى التريليون درهم».

وتوقع أن يستمر سوق دبي المالي في رؤية أداء قوي في قطاعي البنوك والعقارات، وكلاهما يستفيدان من الظروف الاقتصادية المواتية في دبي، إلى جانب أن الاقتصاد المرن والنمو المستدام في القروض البنوك يساعدان على تسجيل أداء إيجابي، في حين ساعدت مستويات أسعار الفائدة المرتفعة على تحسين هوامشها، كما سوف يستمر القطاع العقاري في الاستفادة من جاذبية دبي كوجهة للمواهب والشركات والسياح.

5 عوامل تدعم سوق دبي:

1 ــ زيادة الطروح والإدراجات الجديدة

2 ــ تصاعد وتيرة التوزيعات النقدية

3 ــ مكاسب الأسهم القيادية المستمرة

4 ــ البنية التحتية القوية والدعم الحكومي

5 ــ قوة الاقتصاد

شاركها.
Exit mobile version