خلال الفترة الأخيرة شهدت أسعار السلع تقلبات ملحوظة، ففي حين شهد الذهب ارتداد قوي إلى مستويات تاريخية سجلت أسعار النفط تراجعات ملحوظة، أما الغاز الطبيعي فقد شهد تقلبات ملحوظة انتهت خلال الأسبوع الماضي بتراجع يتجاوز 20%، وعلى الرغم من تعدد الأسباب التي أثرت على أداء كل سلعة، إلا أن أسعار الفائدة البنكية لدى الفيدرالي الأمريكي كانت هي اللاعب الأبرز.
أسعار الذهب تسجل أسعار قوية
منذ نهاية أكتوبر الماضي، شهدت أسعار الذهب أداء قويا في سوق السلع المتداولة، لأن الذهب يعتبر هو الملاذ الآمن المنافس للدولار الأمريكي، فقد استفادت تداولاته من تحول نغمة السياسة النقدية الأمريكية إلى اتجاه وقف ارتفاعات أسعار الفائدة والاستعداد للهبوط الناعم.
وعلى إثر التصريحات المتتابعة لأعضاء لجنة السياسة النقدية الداعمة لوقف دورة التشديد النقدي في ظل تراجع معدلات التضخم الأمريكي لعدة أشهر متتالية، إلا أن التخوف من فشل الاقتصاد الأمريكي في تحقيق الهبوط الناعم والخوف من دخول الاقتصاد بشكل قسري في حالة الركود، أدى ذلك لاتجاه العديد من رؤوس الأموال إلى الذهب كملاذ آمن خاصة مع تراجع عائدات سندات الخزانة الأمريكية.
وفي ظل ذلك، استطاعت أسعار الذهب أن تصل إلى مستويات 2077 دولار خلال ديسمبر الماضي، غير أن البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة المتعلقة بمعدلات التضخم تسببت في كبح هذا الاتجاه الصاعد للذهب، حيث عادت معدلات التضخم للارتفاع بقوة لتسجل 3.4% خلال ديسمبر مقابل توقعات بتسجيل 3.2% فقط وأيضا مقابل تسجيل 3.1% عن شهر نوفمبر.
وقد تلا ذلك أيضا تسجيل مؤشر مبيعات التجزئة الأمريكي ارتفاع بنسبة 0.6% عن ديسمبر الماضي مقابل التوقع بأن يسجل 0.4% فقط، وهو ما تبعه ارتفاع في عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى مستويات 4.13% مما عكس حالة من عدم اليقين حول توقعات موعد خفض الفائدة ووتيرتها.
أسعار النفط لا تزال في حالة ضعف
على الرغم من التخفيضات المتتابعة في إنتاج النفط من جانب الدول الأعضاء في تحالف أوبك+، إلا أن أسعار النفط استمرت في حالة ضعف خلال الفترة الماضية وحتى الآن.
وعلى الرغم من نجاح أسعار خام برنت في الارتداد من مستويات 71.6 دولار كما يظهر في شاشة أسعار Axia Trade والتي تعتبر أدنى مستويات يتم تسجيلها منذ جائحة كورونا، إلا أن ضعف نشاط الاقتصاد العالمي وارتفاع والاقتصادات المحلية الناتج عن ارتفاع أسعار الفائدة على مستوى العالم -وخاصة الاقتصادات الكبرى- أدى لضعف الطلب على النفط ومن ثم شكل عامل ضغط كبير على أسعار النفط.
وبعد التوترات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وانتشار آثارها في العديد من المناطق التي تعتبر مهمة لحركة التجارة الدولية، بدأت أسعار النفط في محاولة استعادة بعض الدعم، كما ترافق ذلك وتزامن مع إغلاق العديد من المصافي النفطية الأمريكية بسبب الطقس البارد، إلا أن ذلك أيضا لم يكن كافيا لإرسال أسعار النفط إلى المستويات القريبة من 100 دولار، حيث كان أيضا ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي أحد العوامل التي حالت دون ذلك. وبالتالي ظل خام برنت يتداول بين مستويات 70 و80 دولار.
أيهما أفضل الآن، النفط أم الذهب؟
ريما تصعب الإجابة على هذا السؤال حاليا نظرا للتقلبات المتلاحقة والمستجدات المتسارعة في الظروف المؤثرة على التجارة العالمية، ولكن بشكل عام فإن أغلب المؤشرات تتجه إلى احتمال تصاعد التوترات الجيوسياسية المؤثرة على حركة التجارة العالمية وأيضا تتجه كافة التوقعات لتوقع بدء الفيدرالي في خفض الفائدة خلال العام الجاري، وهو ما سيكون إيجابي لكل من الذهب والنفط. ويمكن متابعة تحركات سوق السلع من خلال شاشة أسعار أكسيا.
ومن الجدير بالذكر أنه من الشائع استخدام آلية العقود مقابل الفروقات من أجل المضاربة على أسعار السلع بدون الحاجة للاستثمار فيها بشكل فعلي، ولكن تجدر الإشارة أيضا إلى أن تلك الآلية تنطوي على مخاطر عالية وتحتاج لمهارة وخبرة كبيرة.