7/8/2025–|آخر تحديث: 14:02 (توقيت مكة)
في تحرك هو الأوسع من نوعه، طالب ناشطون وممثلو هيئات نقابية بلغارية رئيسي الجمهورية والحكومة في هذه الدولة الأوروبية الشرقية بالخروج عن صمتهم، واتخاذ موقف بشأن الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة.
وبدأت الحملة في الأول من أغسطس/آب الجاري برسالة مفتوحة تحت عنوان “موقف المثقفين والمبدعين والمواطنين البلغار بشأن الإبادة الجماعية في غزة” ووجهتها إلى الرئيس رومن راديف ورئيس الوزراء روسن جيليازكوف ووزير الخارجية غورغ غورغييف، تطالبهم بـ”إدانة واضحة وعلنية للإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي في غزة، مع التزام بلغاريا بالدفاع عن روح ونص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، التي هي طرف فيها”.
كما دعت الرسالة، التي صاغها الناشر والناشط فيكتور ليلوف والإعلامية ديانا حسين والأكاديمي أوغنيان كاسابوف، صناعَ القرار في بلغاريا إلى “وقف جميع صادرات وعبور الأسلحة والمعدات العسكرية والمواد ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استخدامها ضد المدنيين في غزة”.
وقالت كذلك “بينما تجري القضية في محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن الاتهام بالإبادة الجماعية، لا تملك بلغاريا الحق الأخلاقي للصمت أو الاختباء وراء الصياغات الإجرائية. وعلى العكس، فمن واجب بلادنا دائما أن تقف إلى جانب المظلومين”.
يُشار إلى أن بلغاريا ضمن 4 دول أوروبية، بينها المجر والتشيك والنمسا، أعربت الأسبوع الماضي عن معارضتها لفرض عقوبات على إسرائيل على خلفية الانتهاكات التي يرتكبها جيشها في قطاع غزة، وتحذير “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” المدعوم أمميا من أن “أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف حاليا في قطاع غزة”.
كيوتشيك وبيرينسكي
وحظيت المذكرة باستجابة واسعة من ممثلي المجتمع المدني في بلغاريا حيث تجاوز عدد الموقعين عليها 2300 شخصية، بينهم سياسيون بارزون مثل عضو البرلمان الأوروبي إلهان كيوتشيك، ورئيس البرلمان وزير الخارجية الأسبق غيورغي بيرينسكي، وتاتيانا دونتشيفا، ومثقفون مثل المؤرخة إيسكرا باييفا، والكاتبة الحاصلة على جائزة حمد للترجمة والتعاون الدولي مايا تسينوفا، والإعلامي ماريان كاراغيوزوف، وخبراء مثل الخبير المالي كونستانتين برودانوف.
وفي متابعة للحملة، عقد منظموها ورؤساء 4 هيئات حقوقية ونقابية مؤتمرا صحفيا أمس الأربعاء -بمقر وكالة الأنباء البلغارية “بي تي إيه” (BTA)- للتعريف بحجم التجاوب الذي لقيته المذكرة، وتكرار المطالبة بموقف رسمي من الوضع الإنساني المتدهور بغزة، وسط تعتيم الإعلام المحلي على تطورات الحرب.
وشارك في المؤتمر الصحفي -إلى جانب ليلوف وحسين وكاسابوف- كلا من مدير منظمة “أمنستي إنترناشونال بلغاريا” نايدن راشكوف، ورئيسة جمعية الصحفيين الأوروبيين فرع بلغاريا ماريا تشيريشيفا، وممثل الجمعية الدبلوماسية البلغارية ليوبومير كيوتشكوف، ورئيسة مجلس إدارة اتحاد الصحفيين البلغار سنِجانا تودوروفا.
الصمت يعني مشاركة
وقال ليلوف -في المؤتمر الصحفي- إن “صمت الغرب وضمنه بلغاريا عما يحدث في غزة يجعل طريقة بقائنا وضمان حياة مجتمعاتنا محل تساؤل، وهذا ما يجب ألا يستمر”. وأضاف أن “الصمت والتجاهل يتحول مع الوقت إلى تواطؤ بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة” مشددا على أن هذا هو “معنى النداء الذي وجهناه للحكومة للخروج عن صمتها لأن الصمت يعني مشاركة في الإبادة”.
وتساءل “هل ستجرؤ حكومتنا على الاعتراف بالحقائق كما هي؟ هل ستسعى لإنهاء هذه الجرائم؟ يمكن لحكومتنا أن تطلب تعليق العلاقات التجارية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. الطريقة الوحيدة هي فرض عقوبات قاسية وغير متهاونة، مثل تلك التي فُرضت على جنوب أفريقيا، بما في ذلك تجميد العضوية بالأمم المتحدة؟”.
ومن جهته، قال راشكوف إن “جميع الدول والزعماء الذين يساعدون أو يدعمون تصرفات الحكومة الإسرائيلية متواطئون في ارتكاب الإبادة الجماعية. منها الولايات المتحدة التي تمول الحملة العسكرية، وتشارك في توزيع المساعدات في غزة. وبلغاريا ليست استثناء”.
ومن جانبها، قالت تودوروفا “بجهد مشترك يمكننا تغيير الموقف المخجل للسلطات البلغارية تجاه الصراع القائم في غزة” مضيفة أن اتحاد الصحفيين البلغار “يقيم منذ سنوات تعاونا مع اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وأنا شخصيا زرت هذه الأجزاء المحتلة من الأرض الفلسطينية، ولمست كم هو مريع أن تعيش تحت الاحتلال”.
الدبلوماسية غير الفاعلة
من جهته، قال كوتشوكوف -الذي شغل منصب نائب وزير خارجية- أن الجمعية الدبلوماسية نشرت بدورها رسالة مفتوحة تناولت “البعد المهني للأداء الدبلوماسي البلغاري في موضوع حرب غزة ” وما سماها “السياسات البلغارية غير الفاعلة” في هذا الملف. وأشار إلى إنكار الدبلوماسية البلغارية وجود أزمة وكارثة إنسانية في غزة مؤكدا أنه لم يرد في أي وثيقة رسمية مثل هذا التوصيف.
وقال أيضا إن بلده يدعم إجراءات إسرائيل، لكنه لا يعبر عن قلقه من العواقب، مضيفا أن “بلغاريا، في الواقع، تتجنب صياغة موقف مستقل حول هذه القضية” معربا عن دهشته من رد فعل بلغاريا على أمر القبض على (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، والذي وصفته الخارجية بأنه “محاولة لاستخدام المحكمة الجنائية الدولية سياسيا”.