جاكرتا- قال حسن نسبي رئيس مكتب الإعلام الرئاسي في إندونيسيا -في مؤتمر صحفي اليوم الخميس- إن الأطراف التي تسعى إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد طلبت من بلاده إرسال قوات حفظ السلام إلى هناك إذا توقفت الحرب، مشيرا إلى أن جاكرتا سترسل طائرتي هيركوليس لمهمة إيصال المساعدات جوا، وهو ما قامت به قبل فترة.

وأضاف أن هناك حاليا العديد من الأطراف التي تسعى إلى تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وقد طلبت من إندونيسيا المشاركة وإرسال قوات حفظ السلام في حال نجاح وقف إطلاق النار، وقد أعلن الرئيس برابوو سوبيانتو أمس أن “إندونيسيا مستعدة لإرسال قوات حفظ السلام إلى غزة للحفاظ على السلام، كما فعلنا في لبنان”.

حسن نسبي: من المقرر إنشاء مركز علاجي لجرحى غزة بجزيرة غالانغ (إنستغرام)

مساعدات جوية

وقال نسبي “أصدر الرئيس أمس، خلال اجتماع مجلس الوزراء، توجيهاته إلى الحكومة للمشاركة في إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، وطلب من وزير الدفاع تجهيز طائرتين من طراز هيركوليس للمشاركة في عملية الإنزال الجوي للمساعدات إلى سكان غزة، وسترسل إندونيسيا قوات حفظ السلام إلى غزة، وستشارك أيضا في تقديم المساعدات الإنسانية عن طريق الجو”.

وأوضح أن الرئيس أصدر توجيهاته بأن تقدم إندونيسيا المساعدة الطبية لحوالي ألفي مواطن من سكان غزة الذين وقعوا ضحايا للحرب، وأصيبوا بجراح جراء القصف والقذائف الإسرائيلية.

ولفت نسبي إلى أنه من المقرر إنشاء مركز علاجي في جزيرة غالانغ، حيث توجد مرافق مستشفى ومرافق أخرى داعمة أخرى لعلاج حوالي ألفين من سكان غزة، بما في ذلك إيواء أسر ضحايا الحرب.

سوبيانتو طلب تجهيز طائرتي هيركوليس للإنزال الجوي للمساعدات بغزة (رويترز)

وعندما سأله الصحفيون عما يتعلق بتوقيت بعملية إجلاء الجرحى الغزيين وأسرهم إلى غالانغ تحديدا والترتيبات اللوجستية والأمنية، أجاب نسبي: هذه المساعدة الطبية عمل إنساني، وستتم في هذا الجزيرة، وهي مكان منفصل عن مواطنينا الذين يعيشون في جزر أخرى.

وأضاف أن غالانغ كانت في السابق مأوى إنسانيا ومركزا لعلاج مرضى فيروس كورونا، من ناحية الأمن وراحة السكان، ويمكن إدارة الوضع هناك و”هذه ليست عملية إجلاء بل مهمة علاجية”.

وحول مدة بقائهم المتوقعة في غالانغ، أجاب نسبي في ذات المؤتمر الصحفي “بعد تماثلهم للشفاء، سيعودون إلى غزة، هذا ليس نقلا للسكان، بل أحد أشكال الأعمال الإنسانية لمساعدة أكبر عدد ممكن. حتى الآن، تستهدف الحكومة تقديم العلاج لألفين من سكان غزة، وقد طلب الرئيس من وزارتي الدفاع الخارجية إعداد الإجراءات والخطوات اللازمة، ويمكنكم متابعة ذلك مع الخارجية أو الدفاع”.

مستشفى جزيرة غالانغ في إندونيسيا (الجزيرة)

إيواء الفيتناميين

تقع غالانغ ضمن أرخبيل جزر رياو الإندونيسية، الذي يحيط جغرافيا بجزيرة سنغافورة، وتحديدا قرب جزيرة باتام عاصمة الإقليم، وتبعد غالانغ حوالي 27-28 كيلومترا عن سنغافورة، وترتبط بعدد من الجزر المجاورة عبر شبكة من الجسور.

وتحمل سجلا تاريخيا بارزا مرتبطا بالحرب الفيتنامية الأميركية، إذ أقامت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين مخيما على الجزيرة استُخدم لإيواء اللاجئين من منطقة الهند الصينية، واستقبل المخيم فترات ذروته ما يقارب 250 ألف لاجئ معظمهم من فيتنام، إلى جانب أعداد من لاوس وكمبوديا، وذلك بين عامي 1975 و1996، عقب انتهاء الحرب التي استمرت من 1955 حتى 1975.

وحسب الأرقام الفيتنامية، كان هذا المخيم يشهد ولادة 50 طفلا كل شهر في مجتمع اللاجئين من دول ما كانت تعرف دول الهند الصينية، قبل انضمامها لرابطة آسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) في النصف الثاني من التسعينيات.

لاجئو القوارب

وقبل أكثر من 3 عقود، كان اللاجئون الفيتناميون -الذين عُرفوا بـ”لاجئي القوارب”- يصلون إلى غالانغ عبر قوارب وسفن صغيرة تعبر القسم الغربي من بحر جنوب الصين، متجهين نحو بحر ناتونا الإندونيسي، قبل أن يرسوا في غالانغ الواقعة في نقطة إستراتيجية جنوبية بين طرق الملاحة البحرية التي تربط جزر سومطرة وشبه جزيرة الملايو وجزيرة كالمنتان (بورنيو).

وعام 1996، أُغلق المخيم في غالانغ رسميا، وغادر آخر اللاجئين من الهند الصينية في الثاني من سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وذلك بعد 7 سنوات من بدء تنفيذ خطة العمل الشاملة التي بموجبها أعادت المفوضية الأممية جميع الفيتناميين إلى بلدهم. وعام 1997، نُقلت إدارة المخيم -الذي كان يُعرف باسم “مخيم سينام”- إلى هيئة تنمية جزيرة باتام الإندونيسية.

وبحسب بيانات المتحف الفيتنامي، بلغت مساحة المخيم حينها نحو 16 كيلومترا مربعا، وشملت منشآته مرافق إدارية، ومستشفى تابعا للصليب الأحمر الإندونيسي، وكنيسة، ومعبدا بوذيا، ومقبرة، ومركزا للشباب. وقد تم تقسيم المخيم إلى 3 مواقع رئيسية، وأدارت العديد من المنظمات غير الحكومية الغربية مدارس لتعليم اللغات والمهارات المهنية داخله.

تجدر الإشارة إلى أن إندونيسيا، مثل ماليزيا، ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، مما يجعل التزاماتها القانونية الدولية مختلفة عن تلك التي تتحملها الدول الموقعة على الاتفاقية.

ولاحقا، تحوّل الموقع السابق للمخيم إلى وجهة سياحية في إقليم جزر رياو، وازدادت شهرته ليس فقط لارتباطه بتاريخ حرب فيتنام، بل أيضا لأنه صُنّف في ذلك الوقت كأفضل مخيم للاجئين من قبل المفوضية الأممية.

شاركها.
Exit mobile version