غزة- حذّر رئيس بلدية جباليا المهندس مازن النجار، من استحكام الكارثة في جميع مرافق الحياة شمال قطاع غزة وتقويض كل الجهود الهادفة إلى تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، مع تواصل العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى تهالك المنظومات البلدية والصحية والتعليمية والاقتصادية والزراعية.

وقال النجار، الذي يرأس أكبر بلدية بمحافظة شمال غزة التي تتعرض لعملية عسكرية إسرائيلية برية للمرة الرابعة منذ اندلاع الحرب على القطاع، في حوار خاص للجزيرة نت، إن الاحتلال سخَّر كل آلياته وأسلحته للقضاء على جميع مقومات الحياة في جباليا، ودمَّر مساحات كبيرة وفق سياسة “الأرض المحروقة”، وقصف البيوت على رؤوس ساكنيها مما يُوقع عشرات الشهداء والجرحى يوميا.

وأوضح أن الاحتلال يواصل عدوانه على شمال القطاع منذ أكثر من شهرين، وأجبر ما يزيد عن 300 ألف فلسطيني على مغادرة منازلهم والنزوح قسرا إلى المناطق الغربية من مدينة غزة.

قسوة النزوح

ولفت إلى أن أهالي الشمال الغزي يعيشون في مخيمات النزوح بظروف معيشية قاسية، واضطر الآلاف منهم إلى نصب خيامهم على شاطئ البحر بعدما لم يجدوا مكانا، لأن الاحتلال تعمد تكديس معظم السكان في مساحات ضيقة جدا.

ونوَّه النجار إلى المخاطر التي تهدد النازحين في ظل الأجواء شديدة الحرارة، وانتشار الأمراض الجلدية، وغياب النظافة العامة، وتلوث المياه.

وأضاف أن “الأهالي يتجمعون في مخيمات عشوائية وبين الركام دون مأوى أو طعام أو ماء أو حتى دواء، وأدت سياسة التجويع المتعمد إلى تفشي سوء التغذية خصوصًا لدى الأطفال وكبار السن”، علاوة على تأثرهم بطفح مياه الصرف الصحي وتناثر النفايات في أوساطهم، ومعاناتهم اليومية من تكاثر القوارض والحشرات الناقلة للأمراض.

وبحسب رئيس البلدية فإن سكان جباليا على شفا العطش، حيث تواجه البلدية صعوبات كبيرة بتوفير المياه للمواطنين بسبب انقطاع السولار وتعذر نقل مولدات تشغيل الآبار والغواطس نتيجة أوامر الإخلاء، إضافة إلى تعطل عدد من تلك المولدات جراء القصف المستمر.

وحذَّر من انعكاس انقطاع أدوات الفلترة والتعقيم والكلورة على المواطنين، وارتفاع احتمال إصابتهم بالأمراض المُعدية، كالكوليرا والتيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي وغيرها، ما يعني تفشي الأمراض وصعوبة السيطرة عليها.

وعبر النجار عن خشيته من الآثار التي يتركها تناثر آلاف الأطنان من القمامة وطفح مياه الصرف الصحي في الشوارع ولدى المواطنين والنازحين، مما ينذر بتعمق الكارثة بما قد يُفقد الجميع مستويات السيطرة على الوضع الصحي مستقبلًا.

الاحتلال باستهدافه جباليا وشمال غزة يشل الحياة ويعطل الخدمات ويهجّر المواطنين (الجزيرة)

المرافق والمعدات

ويسابق جيش الاحتلال الإسرائيلي الزمن في عمليات النسف والتدمير العنيف والممنهج للمباني على مدار الساعة في مدينة ومخيم جباليا، مخرجا بذلك جميع المرافق الصحية والدينية عن الخدمة.

ويقول النجار، إن الاحتلال اتخذ من تدمير ما تبقى من جباليا وشمالي قطاع غزة هدفا لعمليته البرية الأخيرة التي بدأها في منتصف مايو/أيار الماضي، وتسببت بإخراج مرافق البلدية التي تقدم الخدمات الأساسية والحاجات اليومية للمواطنين عن الخدمة.

وتتعرض خدمات البلدية -حسب النجار- لعدوان مباشر، تمثل بملاحقة جيش الاحتلال العاملين والموظفين أثناء عملهم، ما أدى لاستشهاد عدد منهم وإصابة آخرين، كما دمر مقر البلدية الرئيس ومرافقها الفرعية، وأجهز على الآليات الثقيلة والجرافات.

 

وبحسب النجار، فإن أضرارا بالغة طالت 70% من قطاع المياه بما فيها الشبكات والآبار، وفقدت البلدية 90% من آلياتها الثقيلة، وتسبب العدوان في إعطاب المولدات الكهربائية، مما أوقف عمل محطات التحلية وآبار وغواطس المياه في جباليا، وتسبب في شلل تام لتحركات طواقم العمل وفاقم الأوضاع سوءا.

وتخدم بلدية جباليا 240 ألف نسمة، منهم 110 آلاف شخص يعيشون في مخيم جباليا الذي لا تزيد مساحته عن بضع كيلومترات ويعتبر أحد أكثر مخيمات اللاجئين كثافة سكانية في العالم.

وحذَّر النجار، من انهيار وشيك لبلدية جباليا بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والحصار المستمر، في وقت تواجه الهيئات المحلية شللا من الدمار والحصار الإسرائيلي.

الدمار في جباليا يستهدف جميع مستويات البنية التحتية (الفرنسية)

مطالب إنقاذ

ويؤكد المسؤول المحلي النجار، أن استمرار الحرب على قطاع غزة يشكل العائق الرئيس أمام عمل البلديات، ويتساءل: كيف لبلديات تعايش ظروف الناس وجهًا لوجه أن تقدم لهم الخدمات في ظل ملاحقة موظفيها وعمالها وقتلهم، وقصف معداتها وآلياتها ومرافقها الرئيسية والفرعية، وانقطاعها من الوقود والمولدات؟

وطالب بالسماح لطواقم البلدية باستئناف دورها تجاه المواطنين، ودعم المشاريع المُنقذة للحياة على قاعدة الإسراع في حماية البيئة والإنسان.

ودعا النجار جميع الأطراف الدولية للتدخل لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فورا، وإدخال الأدوات والمعدات اللازمة للعمل، ودعم المشاريع المختلفة، بدءًا من فتح الطرق وإعادة تأهيل البنية التحتية والشوارع، ومكافحة تلوث المياه والنفايات والأمراض، وإسكان الأهالي في مخيمات منظمة وإمدادهم بالطعام والمياه والدواء ومحاربة سوء التغذية وإعادة الحياة إلى طبيعتها كما كانت قبل الحرب المسعورة.

شاركها.
Exit mobile version