رام الله- ضمن حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، قتلت قوات الاحتلال من الرياضيين الفلسطينيين ما يعادل تشكيلة 72 فريق كرة قدم، فضلًا عن تدمير البنية التحتية الرياضية في القطاع.
ورغم مواصلة سلطات الاحتلال جرائمها وصدور مذكرتي اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، وتورط رياضيين إسرائيليين في الحرب، فإن كل ذلك لم يكن كافيا لدفع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لاتخاذ إجراءات بحق لاعبين أو فرق أو حتى الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، وفق اللجنة الأولمبية الفلسطينية.
ويقول خبير رياضي إن “ازدواجية المعايير” وارتهان الفيفا لقرار المستويات السياسية، يحرم الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الرياضية.
ضحايا الرياضة بالأرقام
وفق معطيات حصلت عليها الجزيرة نت من اللجنة الأولمبية الفلسطينية فإن عدد شهداء الحركة الرياضية الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية تجاوز 800، إضافة إلى 30 جريحا و26 معتقلا، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم.
ومن بين الشهداء 418 شهيدا من الملتحقين بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بينهم 97 طفلا، و243 شهيدا من اللجنة الأولمبية الفلسطينية، و117 من الكشافة الفلسطينية، وغيرهم.
وتقول المعطيات الرسمية إن أغلب الشهداء في الفئة من 6 إلى 20 عاما، ثم الفئة العمرية من 20 إلى 30 عاما، ومن بين الشهداء أكثر من 35 شهيدة رياضية.
شهداء يوليو
وفق الأمين العام المساعد للجنة الأولمبية الفلسطينية، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، محمد العمصي فقد استشهد 27 رياضيا منذ مطلع يوليو/تموز الجاري.
وقال في حسابه على موقع فيسبوك “استُشهد 11 رياضيا خلال الأسبوع الثاني من شهر يوليو/تموز الجاري، ليرتفع عدد شهداء الأسرة الرياضية والشبابية والكشفية منذ بداية الشهر إلى 27 شهيدا، أي بمعدل يقارب شهيدين يوميا”.
على صعيد البنية التحتية، فقد طال التدمير الكلي أو الجزئي 286 منشأة رياضية، بينها 146 منشأة تتبع اتحاد كرة القدم، منها 133 في قطاع غزة و13 في الضفة الغربية، و135 تتبع اللجنة الأولمبية و5 تتبع الكشافة الفلسطينية وغيرها.
ومن المنشآت المدمرة 40 ملعبا خماسيا أو ملعب أندية، و23 ملعبا محليا كبيرا، و12 ملعبا دوليا تابعا لاتحاد كرة القدم، و35 صالة رياضية، و58 مقرا إداريا ، و15 ملعب كرة سلة، و48 صالة كمال أجسام، و9 أندية فروسية وإسطبلات خيول.
صمت الفيفا
أمام هذه الجرائم، قالت اللجنة الأولمبية الفلسطينية إن عدد شهداء الحركة الرياضية “يعادل القضاء على 72 فريق كرة قدم”.
وانتقدت في بيان -صدر نهاية الأسبوع الماضي ونشرته على صفحتها بموقع فيسبوك- صمت الاتحاد الدولي لكرة القدم على تلك الجرائم، وقالت “قُصفت الملاعب، وحُوّلت مراكز التدريب إلى أنقاض، ومُحيت مجتمعات رياضية بأكملها، ومع ذلك، يلتزم الفيفا الصمت”.
وتابعت أن بعض الشهداء لاعبو كرة قدم شباب كانوا يأملون في مغادرة غزة من خلال الرياضة، ومدربون وحكام وسباحون “لكن بالنسبة للفيفا، هذا لا يزال غير كاف للتحرك”.
وأشارت إلى خدمة لاعبين إسرائيليين -مسجلين في أندية تابعة للفيفا- كجنود في الحرب على غزة، موضحة أن بعضهم نشروا صورا لأنفسهم بالزي العسكري وهم مسلحون بالكامل، وينشطون في مناطق القتال، بينها “صورة مُرعبة للغاية، نُشرت على قناة بيتار القدس الرسمية على تليغرام، تُظهر جنديا ولاعب كرة قدم يضعان حذاءهما على جمجمة فلسطيني قُتل”.
وتابعت “هذه ليست مجرد فضيحة أخلاقية، بل انتهاك لكل ما يُفترض أن تُمثله الرياضة. ومع ذلك، لم يعلّق الفيفا عضوية اللاعب أو النادي أو الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، لا تحقيق، لا عقوبات، لا أسئلة”.
وخلص البيان إلى أن أمام الفيفا خيارين “إما الاستمرار في حماية صورة المتورطين في الحرب، أو الوقوف أخيرا إلى جانب العدالة، ومع مئات الرياضيين الذين لن يتمكنوا من اللعب مجددا”.
صورة لجندي إسرائيلي يدوس جمجمة شهيد فلسطيني في غزة.
حسبنا الله ونعم الوكيل pic.twitter.com/7vGc6HzJCJ
— #القدس_ينتفض 🇵🇸 (@MyPalestine0) February 25, 2025
معايير مزدوجة
وتعليقا على بيان اللجنة الأولمبية، يقول الإعلامي الرياضي، وأمين سر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم سابقا، بدر مكي: يوجد “لوبي في الفيفا محسوب على الولايات المتحدة والدول الغربية هو من يقرر في صناعة القرارات وتنفيذها”.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن “القرار في الفيفا غير محايد، إنما يتخذ بتأثير مجموعات ضغط أوروبية بشكل خاص، لذلك كان من السهل معاقبة روسيا كون أوكرانيا دولة أوروبية ومتاخمة لمعظم الدول الأوروبية”.
وتابع أن “منطق الهيمنة ليس في السياسة فقط، إنما في الرياضة أيضا، ضمن معايير مزدوجة، ولا قوة للاتحادات العربية والإسلامية”.
استهداف النجوم
من جهته، يقول الصحفي الرياضي من غزة ياسر يوسف للجزيرة نت إن “حياة كل فلسطيني تعد هدفا لأسلحة جنود الاحتلال الإسرائيلي بمن فيهم الأسرة الرياضية الفلسطينية سواء من اللاعبين أو الإداريين أو الإعلاميين”.
وتابع أن الحركة الرياضية الفلسطينية قدمت سلسلة من الشهداء عبر تاريخها الحافل بالعطاء والتضحيات كجزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية.
وأشار إلى أن استمرار المجازر أودى بحياة عدد من نجوم المنتخب الوطني الفلسطيني بينهم أحمد المفتي كابتن فريق كرة الطائرة، الذي ارتقى يوم 19 يونيو/حزيران الماضي إثر استهداف مجموعة من المجوّعين منتظري المساعدات شرق مخيم النصيرات.
وقال يوسف -الذي ينشط في توثيق سير الشهداء الرياضيين- إن “الاستهداف طال نجوم منتخب فلسطين لكرة القدم وأبناء الأكاديميات والناشئين”.
ومن آخر المنضمين لقافلة الشهداء -وفق توثيق الصحفي الفلسطيني- لاعب نادي أهلي النصيرات وخدمات النصيرات والمصدر واتحاد الزوايدة أحمد أبو دحروج، الذي استشهد يوم 13 يوليو/تموز الجاري، وقائد مجموعة كشافة الياسر شرق غزة مصطفى قنيطة، الذي استشهد يوم 12 يوليو/تموز الجاري، وعضو مجلس إدارة نادي أهلي النصيرات السابق عيد سلمان يونس، ولاعب نادي المصدر والأقصى هادي محمود حلاوة، وقد استشهدا يوم 6 يوليو/تموز الجاري.