واشنطن- رغم تأكيد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الإجراء الذي اتخذه اليوم (أمس الثلاثاء) ضد كبار زعماء حركة حماس “كان عملية إسرائيلية مستقلة تماما” وأن “إسرائيل بادرت به ونفذته، وتتحمل المسؤولية الكاملة عنه” إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أشارت إلى علم البيت الأبيض المسبق بالهجوم عن طريق البنتاغون.

ووقعت الضربة الاسرائيلية في الدوحة وسط جهود أميركية متجددة للتوصل إلى اتفاق لتسليم الأسرى ووقف لإطلاق نار في غزة، وفي وقت اجتمع فيه قادة حركة حماس لمناقشة اقتراح الرئيس دونالد ترامب.

وتعد قطر، إضافة لمصر والولايات المتحدة، وسيطا رئيسيا في هذه الجهود منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في وقت ما زالت تحتفظ فيه حركة حماس بـ20 أسيرا إسرائيليا من الأحياء.

كما جاء الهجوم الإسرائيلي بعد يوم واحد من اجتماع وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر -والمقرب من نتنياهو- بمبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بالبيت الأبيض أول أمس الاثنين.

إفلات تام

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إلى أن الهجمة الإسرائيلية “تعكس إيمان نتنياهو وشركائه في الائتلاف اليميني المتشدد بالقضاء على قادة حركة حماس المتبقين، حيثما أمكنهم ذلك، بما في ذلك في الدول العربية أو في تركيا”.

في حين اعتبر جو هوفمان، الخبير في الشؤون العسكرية بمعهد كاتو بواشنطن، أن “الضربات الإسرائيلية في قطر تعد محاولة متعمدة أخرى لتخريب المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة” وأضاف “إنه يظهر أنهم لا ينوون إنهاء هذه الحرب، وأن إسرائيل تعتقد أنها تستطيع التصرف كما تشاء مع الإفلات التام من العقاب”.

واعتبر هوفمان في حديث للجزيرة نت أن “ترامب أظهر مرة أخرى عدم رغبته في إنهاء دعمه غير المشروط لإسرائيل حتى عندما تقوض أفعالهم المصالح الأميركية واستقرار الشرق الأوسط بشكل مباشر”.

وأشار إلى “قرار واشنطن بتبني أهداف إسرائيل المتطرفة، سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو المنطقة الأوسع، بمعزل عن أي منطق إستراتيجي ملموس” معتبرا أنه “رمز لسياسة الولايات المتحدة الفاشلة الأوسع نطاقا في الشرق الأوسط، والتي لا تزال خارجة عن نطاق السيطرة”.

مصير المفاوضات

وعن مصير مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن المتبقين من الأسرى، الأحياء منهم والموتى، قال السفير ديفيد ماك للجزيرة نت “إن هذه الهجمات تعد مؤشرا على انهيار المفاوضات الجارية” معتبرا أن “المفاوضات بشأن المحتجزين الإسرائيليين الـ20 المتبقين باتت أقل أهمية من مواصلة العمليات العسكرية في غزة”.

في حين قال البروفيسور في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون بهجت جودت -في حديث للجزيرة نت- إن “الضربة جاءت تنفيذا لتعهد القادة الإسرائيليين بمهاجمة حركة حماس في كل مكان وطوال الوقت”.

وأضاف أنه “في الوقت ذاته، يمثل الهجوم ضربة قوية للتفاوض” معتبرا أنه لن يقتصر الأمر على قادة حماس فقط باعتبار أنه لا فائدة من التفاوض مع إسرائيل، بل سيشمل ذلك أيضا الوسطاء مثل قطر ومصر، وقال “لقد أغلق الهجوم الإسرائيلي الباب أمام أي مفاوضات”.

مصداقية أميركا

وبالنظر إلى أن استضافة قطر لأكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة، وعن الرسالة التي تبعثها هذه الضربة إلى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، قال السفير ماك “بالطبع لن ترد الولايات المتحدة بطريقة عسكرية ضد إسرائيل، وكشريك للعرب المعتدلين، لا يمكن الاعتماد على إدارة ترامب”.

ووجه حديثه بشكل خاص لمصر والأردن قائلا إن “عليهم اتخاذ الاحتياطات، فمعاهدات السلام والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ليست كافية لحماية مصالحهم الأمنية”.

في حين أشار البروفيسور جودت إلى أنه “ليس من الواضح ما إذا كانت واشنطن تعلم مسبقا، لكن الرسالة الواضحة هي أن الوجود الأميركي لا يمكن أن يمنع الهجمات الإسرائيلية”.

وذكّر بأنه لدى حماس مكاتب في الدوحة بناء على طلب واشنطن، مثل حركة طالبان، وأن الولايات المتحدة أرادت أن يكون لديها قناة للتفاوض مع حماس “لكن الآن هذا الباب مغلق، وتشكل الضربة انتكاسة للعلاقات بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة، ولجهود التطبيع”.

شاركها.
Exit mobile version