التقى ممثلو 180 دولة، أمس، في اجتماعات تستمر 10 أيام في جنيف برعاية الأمم المتحدة، سعياً إلى وضع أول معاهدة عالمية لمكافحة آفة التلوث البلاستيكي الذي يهدد الكوكب بأكمله.
وحذّر الدبلوماسي الإكوادوري، لويس فاياس فالديفييسو، الذي يترأس المناقشات لدى استقباله ممثلي أكثر من 600 منظمة غير حكومية، من أن النص «المُلزم قانوناً» للدول، الذي يجري بحثه منذ ثلاث سنوات، «لن ينبثق تلقائياً».
ووسط توترات جيوسياسية وتجارية متصاعدة، تقرر عقد هذه الدورة الإضافية من المفاوضات الحكومية الدولية (CIN5-2) التي تستمر 10 أيام بعد فشل محادثات بوسان في كوريا الجنوبية، في ديسمبر الماضي، حين منعت مجموعة من الدول المنتجة للنفط إحراز أي تقدم.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الدنماركية، إنغر أندرسن، لوكالة فرانس برس: «جرت جهود دبلوماسية كثيرة منذ بوسان»، وتابعت أندرسن، التي تُنظّم المناقشات: «معظم الدول التي تحدثت إليها قالت إنها تأتي إلى جنيف لإيجاد اتفاق»، وتساءلت الدبلوماسية المحنكة المعتادة خوض مفاوضات معقدة حول البيئة: «هل ستكون الأمور سهلة؟ لا، هل ستكون بسيطة؟ لا، هل ستكون هناك تعقيدات؟ نعم، هل هناك سبيل للتوصل إلى معاهدة؟ بالتأكيد»، وأبدت «تصميمها» على التوصل إلى اتفاق.
من جانبه، قال فالديفييسو: «تم استخلاص عبر منذ بوسان»، مؤكداً أنه سيكون بإمكان المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني الوصول إلى المجموعات التي ستناقش النقاط الشائكة في الاتفاق، مثل المواد الكيميائية الواجب حظرها، وتحديد سقف للإنتاج وغير ذلك.
وعشية بدء المناقشات، كثّف علماء ومنظمات غير حكومية الضغط على المندوبين.
وحذّر خبراء في تقرير نُشر في مجلة «ذي لانسيت» الطبية بأن التلوث البلاستيكي يُمثّل «خطراً جسيماً ومتزايداً» على الصحة، ويُكلف العالم ما لا يقل عن 1.5 تريليون دولار سنوياً، بدوره، حذّر الطبيب والباحث في كلية بوسطن بالولايات المتحدة، فيليب لاندريغان، من أن «الأشخاص الأكثر ضعفاً، وبشكل خاص الأطفال، هم الأكثر تضرراً من التلوث البلاستيكي».
وقال المدير التنفيذي لمنظمة «تضامن لحماية حقوق الطفل» غير الحكومية، روبرت كيتومايني شيكوانيني، متحدثاً لـ«فرانس برس» أمام مقر الأمم المتحدة: «في جمهورية الكونغو الديمقراطية، المياه والبحيرات والأنهار ملوثة وجزيئات البلاستيك التي تبقى في هذه المياه الملوثة، تتسبب بأمراض عدة، لاسيما لدى الأطفال».
وتجسيداً لهذه المسألة، أُقيم عمل فني أمام مكاتب الأمم المتحدة في جنيف يحمل اسم «عبء المفكر»، وهو عبارة عن نسخة من تمثال «المفكر» للنحات الشهير أوغست رودان، ويظهر غارقاً في بحر من النفايات البلاستيكية.
وقال الفنان الناشط الكندي، بنجامين فون وونغ، الذي أعد العمل، إنه يود دفع المندوبين إلى البحث حول «تأثير التلوث البلاستيكي على صحة الإنسان» أثناء مفاوضاتهم.
غير أن المتحدث باسم المجلس الأميركي للصناعة الكيميائية، ماثيو كاستنر، الموجود في جنيف، دافع عن البلاستيك والخدمات التي يؤديها للمجتمعات الحديثة، وقال إن «البلاستيك أساسي للصحة العامة، لاسيما بفضل استخدامه في جميع المعدات الطبية المعقمة والأقنعة الجراحية والخراطيم والأنابيب والتغليفات التي تسمح خصوصاً بتحسين النظافة والسلامة الغذائية».
لكن هذه الحجج لا تقنع منظمة «غرين بيس» غير الحكومية المدافعة عن البيئة، ودعا رئيس وفدها، غراهام فوربس خلال تظاهرة في جنيف إلى «التوقف عن صنع هذه الكمية من البلاستيك من أجل وقف أزمة التلوث البلاستيكي».
من جانبها، قالت سيما برابهو من المنظمة غير الحكومية السويسرية «تراش هيرو وورلد» الناشطة بصورة خاصة في بلدان جنوب شرق آسيا (تايلاند وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا) «أولويتنا الأولى هي التوصل إلى تخفيضات في إنتاج البلاستيك».
وأضافت: «ثمة العديد من مصانع البتروكيميائيات والبلاستيك» في هذه البلدان، وبالتالي الكثير من الوظائف التي تعتمد عليها، وهو «السبب الذي يجعلنا ندعو إلى عملية انتقالية عادلة» من خلال استحداث فرص عمل في مجالات «إعادة الاستخدام وإعادة التدوير وجمع النفايات».
. الأشخاص الأكثر ضعفاً، خصوصاً الأطفال، هم الأكثر تضرراً من التلوث البلاستيكي.