4/8/2025–|آخر تحديث: 12:59 (توقيت مكة)
قالت صحيفة إيكونوميست إن قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير الذي تعرض لانتقادات لاذعة بسبب تدخله في السياسة، لم يكن يتمنى أكثر من علاقات خاصة مع واشنطن واستبعادها للهند.
وأوضحت الصحيفة أن حظوظ المشير، الذي حظي بغداء خاص مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد الحرب القصيرة بين باكستان والهند، تعكس تحولا في السياسة الأميركية، يؤثر على الهند والصين والشرق الأوسط، بعد أن أرهقت الديون وعنف المتمردين باكستان، وهمشتها في المشهد الجيوسياسي فترة طويلة كانت فيها أميركا ودول غنية أخرى تغازل الهند، خصم إسلام آباد اللدود.
وبعد أن تدهورت العلاقات الوثيقة بين أميركا وباكستان بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مخبئه الباكستاني عام 2011، ها هو ترامب يشيدا باتفاقية تجارية جديدة مع باكستان ويصف الهند بـ”الاقتصاد الميت”، ويفرض عليها رسوما جمركية بنسبة 25%.
وترى الصحيفة أن أميركا وباكستان تعيدان بناء العلاقات الآن مع التركيز على التجارة ومكافحة الإرهاب والتشاور بشأن سياسة الشرق الأوسط، وقد تبيع أميركا الأسلحة مرة أخرى إلى باكستان التي تحصل حاليا على حوالي 4 أخماس أسلحتها من الصين، مما يعني أن السياسة الباكستانية عند نقطة تحول هي الأخرى، حسب الصحيفة.
متدين وعملي
ومع أن رئيس الوزراء ولاعب الكريكيت السابق عمران خان المسجون لا يزال يتمتع بدعم شعبي واسع النطاق، فقد ارتفعت شعبية المشير منير منذ الحرب مع الهند، حيث تدور شائعات بأنه قد يصبح رئيسا أيضا، فاتحا بذلك فترة رابعة من الحكم العسكري لباكستان منذ استقلالها عام 1947.
ونبهت الصحيفة إلى أن مستقبل ثاني أكبر دولة إسلامية في العالم، وعلاقاتها مع أميركا والهند والصين يعتمد بشكل متزايد على ما يريده المشير منير تحديدا، علما أن المتحدث العسكري الباكستاني الجنرال أحمد شريف شودري صرح بأن الحديث عن تولي المشير الرئاسة “هراء”.
وعلى عكس معظم القادة العسكريين، فإن المشير ابن إمام، تلقى تعليمه في مدرسة دينية ويحفظ القرآن عن ظهر قلب، وهو أول قائد للجيش الباكستاني لم يتلق تدريبا في أميركا ولا بريطانيا، ومع ذلك، يقول شودري إنه “على معرفة جيدة” بالغرب، ويعارض بشدة الجماعات الجهادية العاملة على الأراضي الباكستانية.
ووصف بعض من يلتقون بقائد الجيش المشير بأنه متدين وعملي، وذو اهتمام كبير بالاقتصاد، وبأنه معجب بجهود التحديث التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذكروا أنه يتميز بالميل للانتقام وسرعة الانفعال، كما أن شهيته للمخاطرة أكبر من شهية سلفه، الذي فضل دبلوماسية هادئة، لم تثمر في نهاية المطاف مع الهند.
وفي خطاب للمشير قبيل الحرب الأخيرة مع الهند، أشار البعض إلى أنه كان يرتجل عندما استحضر فكرة استحالة التعايش بين الهندوس والمسلمين في دولة واحدة، ووصف كشمير بأنها “وريد الهند”، وقال شودري إنه كان يعبر عن “ما يمثله، وما هو مستعد للموت من أجله”، جزئيا كرد فعل على صعود القومية الهندوسية في الهند.
دعم أميركي
ومع أن طموحات عاصم منير السياسية غير مؤكدة، فإن البعض يتوقع أنه قد يستحوذ على الرئاسة قريبا للاستفادة من شعبيته المحلية وولع ترامب بالرجال الأقوياء، مما سيؤدي إلى ترسيخ سلطته، ويبعد خطر حلول قيادة مدنية أقل طاعة محله كقائد للجيش عندما تنتهي ولايته الحالية في عام 2027.
وتتوقع الصحيفة أن يحظى المشير بدعم أميركا، بعد ما نال مؤخرا إشادتها لقتله وأسره قادة فرع محلي من تنظيم الدولة الإسلامية، خاصة أنه أثار اهتمام شركاء ترامب بقطاعي العملات المشفرة والتعدين في باكستان، كما يرشح باكستان كوسيلة محتملة لتعزيز مصالح أميركا مع إيران وجهودها الرامية إلى إقناع المزيد من الدول الإسلامية بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وصف بعض من يلتقون بقائد الجيش منير عاصم بأنه متدين وعملي، وذو اهتمام كبير بالاقتصاد، وبأنه معجب بجهود التحديث التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
وبالفعل خففت أميركا من انتقاداتها لبرنامج باكستان لبناء صواريخ باليستية بعيدة المدى، كان مسؤولون من إدارة الرئيس السابق جو بايدن يعتبرونه تهديدا لأميركا، كما استأنفت بعض برامج المساعدات، وهي تدرس بيع أسلحة، بينها مركبات مدرعة ونظارات للرؤية الليلية، لمساعدة باكستان في مكافحة المتمردين المحليين.
وخلصت الصحيفة إلى أن المشير يهدف إلى بناء علاقة أكثر استدامة ومتعددة الجوانب مع أميركا، رغم ضعف مناخ الاستثمار في باكستان، ورغم انعدام الثقة المتبادل بشأن مكافحة الإرهاب، وذلك في وقت تسعى فيه باكستان إلى ألا تكون العلاقات مع أميركا على حساب الصين.
أما الجارة العدو الهند، فيريد المشير منير عاصم جلبها إلى طاولة المفاوضات، رغم أن رئيس وزرائها ناريندرا مودي، عازم على المقاومة، وقد تعهد بالرد على أي “هجمات إرهابية” أخرى بمزيد من العمل العسكري.