|

كانت وكالة أسوشيتد برس في السابق حاضرة في تغطية أخبار البيت الأبيض، لكنها تحولت مؤخرا إلى وسيلة إعلامية ممنوعة من دخول المكتب البيضاوي، في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

يأتي ذلك في سياق سعي ترامب لترويض الوكالة التي نشأت عام 1846، وبعض وسائل الإعلام الأميركية العملاقة والقضاء على بعضها الآخر، وفق صحيفة واشنطن تايمز.

ويقول جيف موردوك، وهو مراسل واشنطن تايمز في البيت الأبيض، إن وكالة أسوشيتد برس ليس لها مندوب في البيت الأبيض حاليا بسبب سياسات الرئيس الأميركي تجاهها، في حين كانت الوكالة الوحيدة التي رافقت الرئيس جورج بوش عندما نزل إلى مخبأ تحت الأرض يوم هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

ولا تزال أسوشيتد برس تغطي أخبار الرئيس ترامب وتحضر المؤتمرات الصحفية، لكنها تواجه قيودا شديدة للغاية بالتغطية، وفق موردوك، إذ يضطر مراسلوها إلى الاعتماد على التلفزيون وزملائهم الصحفيين للحصول على المعلومات. وجراء تصرفات ترامب، خسرت الوكالة في مارس/آذار الماضي، عقد إعلانات بقيمة 150 ألف دولار، بحسب محامي الوكالة، تشارلز توبين.

لماذا غضب ترامب على أسوشيتد برس؟

ولكن ما الذي فعلته أسوشيتد برس حتى أثارت غضب ترامب؟ يقول جيف موردوك إن الوكالة الأميركية مُنعت من البيت الأبيض، لرفضها اعتماد مصطلح “خليج أميركا” اسما بديلا لخليج المكسيك كما يرغب ترامب.

وعقابا لها على ذلك القرار التحريري، حُرمت الوكالة من الوصول إلى طائرة الرئاسة والمكتب البيضاوي وأماكن أخرى في البيت الأبيض، حيث يعقد ترامب فعالياته.

عقابا لها على قرارها التحريري برفض استخدام اسم “خليج أميركا” بدلا عن “خليج المكسيك، حُرمت أسوشيتدبرس من الوصول إلى طائرة الرئاسة والمكتب البيضاوي وأماكن أخرى في البيت الأبيض، حيث يعقد ترامب فعالياته.

بواسطة واشنطن تايمز

وتعليقا على هذه المسألة، قال تايلور بودوفيتش، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، إن قرار أسوشيتد برس بعدم استخدام اسم “خليج أميركا” يكشف عن “التزام الوكالة بنشر المعلومات المضللة”، واصفا تقاريرها بأنها “غير مسؤولة وغير نزيهة”.

ورفعت الوكالة دعوى قضائية، وفازت بفترة تأجيل قصيرة، بعد حكم قاضٍ فدرالي، بأن الرئيس انتقم بشكل غير عادل من قرارات الوكالة التحريرية، لكن محكمة الاستئناف ألغت هذا الحكم.

وفي تعليقها على محكمة الاستئناف، قالت الوكالة في بيان لها “يُسمح للبيت الأبيض بالتمييز والانتقام بسبب كلمات لا تعجبه، وهو ما يمثل انتهاكا للتعديل الأول للدستور”.

وبحسب مراقبين فإن جوهر النزاع يتمثل بتوجه ترامب المتمثل بتمزيق صورة الوكالة باعتبارها مصدرا إخباريا مستقلا وغير حزبي.

في حين علق تيم غراهام، وهو مراسل سابق في البيت الأبيض، ويشغل حاليا منصب مدير تحليل في مركز أبحاث وسائل الإعلام: “إنهم يتحدثون كثيرا عن مدى روعتهم، ولكن بالنسبة لكثير من الناس، يبدو أنهم مجرد أتباع للحزب الديمقراطي”.

وأضاف غراهام أن أسوشيتد برس كان بإمكانها تجنب أن تصبح هدفا، لكنها كانت “متكبرة” للغاية في اتخاذ قراراتها، معقبا “هذا هو أسلوب ترامب، وهو أنه إذا هاجمته، فسوف يهاجمك، لن يقول: لا أستطيع مهاجمة وكالة أسوشيتد برس لأنها موثوقة للغاية”، وأضاف “لا، سوف يرد الهجوم، ثم يغضبون جميعا ويقولون: كيف تجرؤ، لأنهم غير معتادين على التعرض للنقد”.

أسوشيتد برس: خلافنا حول حرية التعبير

في المقابل، أصرت أسوشيتد برس على أن الصراع يدور حول حرية التعبير، وأنها تُعاقب بسبب آرائها التحريرية، فيما اتهمت جولي بيس، المحررة التنفيذية لأسوشيتد برس إدارة ترامب بمعاقبة الوكالة “بسبب صحافتها المستقلة”. ورد البيت الأبيض بأن صحافة أسوشيتد برس ودليل أسلوبها ينطويان على تحيز ليبرالي صارخ.

مراقبون يرون أن جوهر النزاع يتمثل بتوجه ترامب المتمثل بتمزيق صورة الوكالة باعتبارها مصدرا إخباريا مستقلا وغير حزبي (الأوروبية)

وفي شهر مارس/آذار الماضي، اشتبكت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، والمراسل الصحفي لوكالة أسوشيتد برس، جوش بوك، حول سياسة ترامب التجارية، حيث سأل بوك ليفيت: “هل دفعتِ ضريبة جمركية من قبل، لأنني دفعتُ”، لترد ليفيت بأن سؤاله “مهين”، وتعقب “أعتقد أنه من المهين أن تحاول اختبار معرفتي بالاقتصاد والقرارات التي اتخذها هذا الرئيس، أنا الآن نادمة على إتاحة سؤال لوكالة أسوشيتد برس”، قبل أن تنتقل إلى مراسل آخر.

ويستعد الرئيس الأميركي للقضاء على وسائل البث العامة، وفق “واشنطن تايمز”، عبر توقيعه قريبا على مشروع قانون ينهي تمويل دافعي الضرائب للإذاعة الوطنية العامة “إن بي آر” (NPR) والشبكة التلفزيونية الأميركية “بي بي إس” (PBS).

وبسبب تغطيتها المضطربة وفق وصف واشنطن تايمز، لأنشطة الرئيس ترامب، توصّل الأخير إلى “تسويات محرجة” بملايين الدولارات، مع هيئة الإذاعة الأميركية “إيه بي سي” (ABC)، والشركة الأميركية المتخصصة في إنتاج الفيديو والأفلام (Paramount)، والتي تملك شبكة كولومبيا للبث “سي بي إس” (CBS)، وتعرض برنامج التحقيقات الشهير “60 دقيقة” (60 Minutes)، والذي يبث منذ ستينيات القرن الماضي.

كما ساهم ترامب في تدمير صناعة البرامج الكوميدية الليلية، والتي فقدت الكثير من المشاهدين، لدرجة أن شبكة البث الوطنية “إن بي سي” (NBC) خفّضت عدد حلقات برنامج (The Tonight Show) إلى 4 أيام في الأسبوع، في حين أعلنت شبكة “سي بي إس” CBS أن برنامج “The Late Show” سيتوقف عن البث العام المقبل.

شاركها.
Exit mobile version