يعاني عشرات ملايين الأشخاص في النصف الشمالي في الكرة الأرضية من موجة حرّ شديد هذا الصيف، ويبدو أن العالم يتجه نحو تسجيل أكثر يوليو سخونة في تاريخه، بحسب كبير علماء المناخ في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، غافين شميت، الذي أشار إلى أن التغييرات المناخية «غير المسبوقة في جميع أنحاء العالم» لا يمكن أن تُعزى إلى ظاهرة «إل نينيو» المناخية فقط.
وأضاف أنه على الرغم من الدور الصغير الذي تلعبه «إل نينيو»، «ما نراه هو سخونة شاملة، في كل مكان على الأغلب، لاسيما في المحيطات. منذ أشهر عدة شهدنا درجات حرارة لسطح البحر حطمت الأرقام القياسية حتى خارج المناطق الاستوائية».
وأضاف: «نتوقع أن يستمر ذلك، والسبب الذي يجعلنا نعتقد أن هذا سيستمر، هو أننا نواصل ضخ انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي».
موجة قياسية
وأعلنت السلطات الأمريكية أن الموجة الحارة القياسية التي تضرب جنوب الولايات المتحدة منذ أيام عدة ستمتد إلى أنحاء أخرى في البلاد، محذرة من أن يوليو الحالي قد يكون أكثر الأشهر سخونة على الأرض. وحذرت مصلحة الطقس الوطنية «إن دبليو إس» من أن نحو 80 مليون أمريكي سيواجهون درجات حرارة تصل إلى 41 درجة مئوية أو أعلى في نهاية هذا الأسبوع.
ويمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 46 درجة مئوية في فينيكس في أريزونا (جنوبي غرب)، التي تشهد حالياً أطول موجة حر مسجلة، ذلك أن الحرارة فيها تجاوزت الجمعة 43 درجة مئوية لليوم الثاني والعشرين تواليا.
في غضون ذلك، يتدفّق سياح إلى متنزّه وادي الموت «ديث فالي»، الذي يمتد على الحدود بين ولايتي كاليفورنيا، ونيفادا، ويشكّل إحدى أكثر المناطق سخونة في العالم، لالتقاط صور مع شاشة تُظهر درجة الحرارة خارج مركز الزوار.
وتوفي رجل يبلغ 71 عاماً في هذا المكان في وقت سابق هذا الأسبوع، ويشتبه حراس متنزه «ديث فالي» في أن «الحرارة أدت دوراً» في وفاته. رسمياً، حددت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية المستوى القياسي العالمي المطلق عند 56.7 درجات مئوية. لكن سجل هذا المستوى في وادي الموت عام 1913 ولا يعتبره الكثير من خبراء الأرصاد موثوقاً.
نهاية أسبوع يونانية
وتواجه اليونان نهاية أسبوع، ربما تكون الأكثر سخونة على مدى الخمسين عاماً الماضية خلال يوليو الجاري، وفق أحد الخبراء، فيما يُتوقّع أن تتوسّع موجة الحر القياسية التي تشهدها مناطق أخرى بأوروبا وآسيا وجنوب الولايات المتحدة في الأيام المقبلة.
وأكد مدير الأبحاث في معهد البحوث البيئية والتنمية المستدامة للمرصد الوطني لأثينا، كوستاس لاغوفاردوس، «استناداً لبياناتنا، من المحتمل أن نشهد موجة حارة تمتد بين 16 و17 يوماً، الأمر الذي لم يحدث من قبل في بلدنا».
فيما توفي رجل يبلغ من العمر 46 عاماً بضربة شمس في جزيرة إيفيا بوسط اليونان بعد نقله إلى المستشفى، قالت السلطات اليونانية إن حريقاً اندلع في غابات جزيرة رودس اليونانية، وخرج عن السيطرة، ما أجبر المئات على الفرار من القرى والشواطئ المتضررة من الحريق.
جفاف
في إسبانيا، لم تعد هناك إمكانية للاغتسال على شاطئ يوريت دي مار، الباحث على غرار منتجعات سياحية شهيرة أخرى عن طرق للحفاظ على موارد المياه المتناقصة، بينما تعاني البلاد من الجفاف. وفي حين تعَدّ إسبانيا من أكثر الدول الأوروبية تأثراً بأزمة المناخ، يواجه قطاع السياحة الرئيس فيها ضغوطاً متزايدة لتقليل أثره البيئي والتوجه إلى ممارسات أكثر استدامة.
وسجلت إسبانيا نسبة هطول أمطار متدنية جداً خلال العام الماضي، ما جعل خزانات كاتالونيا حيث يقع منتجع يوريت ممتلئة فقط بنسبة ٢٩% من سعتها. وتسبّب الجفاف في زيادة استخدام المياه المعاد تدويرها بنسبة ٢٥%، على الرغم من أن الشبكة التي توفرها ما زالت محدودة جداً.
عواصف
بينما ضربت عواصف جديدة كرواتيا وصربيا، ما تسبب في وفاة طفل، في صربيا وحدوث أضرار واسعة في شبه جزيرة «استريا» في كرواتيا، وهي مقصد مزدحم للعطلات.
وفي منطقة «نوفيغراد» الكرواتية، اقتلعت الرياح العاتية الأشجار، التي سقطت على القوافل والخيام والسيارات، طبقاً لما ذكرته صحيفة «غلاس استري» الإقليمية، من مدينة «بولا» عاصمة المنطقة، نقلاً عن مسؤولين. ووقعت أسوأ أضرار في منطقة تخييم، قرب البحر، لكن لم يصب أحد بأذى.