ما أن تتصاعد الأحداث في فلسطين، حتى يعود الحديث عن الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، ذلك الخنجر المطعون به الشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية! وما أن يعود الحديث عن تلك الوحدة، حتى يسمع الفلسطينيون عبارات من قبيل: «إن لم نتوحد اليوم، فمتى»؟

أجواء سوداوية

الحدث الضاغط على أجندة الفلسطينيين، هذه الأيام، هو لقاءات القاهرة المرتقبة أواخر يوليو الجاري، خصوصاً أن «أجواء سوداوية» تخيم على المشهد الفلسطيني الداخلي، منذ أكثر من 17 عاماً، عندما آلت الأمور إلى الانقسام، وتعثرت كل جهود المصالحة التي جابت غالبية عواصم العالم العربي.

وفي محطات عدة، مر بها الشعب الفلسطيني، لم يبق انسداد الأفق في المشهد السياسي الفلسطيني، غير إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، غير أن شيئاً من هذا لم يحدث، الأمر الذي يرى فيه الشارع الفلسطيني، إجهاضاً للجهود الدبلوماسية؛ لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لاسيما أن المجتمع الدولي أرسل مراراً، إشارات واضحة للفلسطينيين على نحو: «عليكم أن تتفقوا أولاً فيما بينكم!».

وفي حين تبدو الحاجة واضحة وجلية للوحدة والتلاحم بين الفلسطينيين، يرى مراقبون ومحللون، أن هذا الأمر يحتاج أشبه ما يكون إلى «حل سحري».

فرصة مثالية

وبالاستناد إلى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، المنسق العام للقوى الوطنية الفلسطينية، واصل أبويوسف، فإن لقاءات القاهرة تشكل فرصة مثالية لاستعادة الوحدة الوطنية، إذ إن الموقف الفلسطيني على الأرض متحد، وأحوج ما يكون في مثل هذه الظروف، لرص الصفوف والتلاحم.

يقول أبويوسف لـ«البيان»: «لم يعد الخلاف على قضايا سياسية، فالبرنامج السياسي لكل الفصائل الفلسطينية ينسجم إلى حد كبير، مع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي فالأمر مرهون بنوايا القطبين (فتح وحماس) وأرى أن أحداث جنين الأخيرة هي خير من يوحدنا».

وكانت الأحداث الأخيرة في المناطق الفلسطينية، وحدت كل قطاعات الشعب الفلسطيني، فهب الجميع من كل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية لإغاثة مدينة ومخيم جنين.

لكن، من وجهة نظر مراقبين، فهذا الأمر يجب أن ينعكس على المستوى السياسي، بما يقود إلى طي صفحة الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد.

تحريك وتأثير

وعلى النقيض، يرى المحلل السياسي، أسامة الدجني، أن الأحداث الأخيرة حركت الشارع الفلسطيني برمته، لكنها غير قادرة حتى الآن، على تحريك المستوى السياسي، والتأثير عليه لإنهاء الانقسام، واستعادة وحدة الصف الفلسطيني.

ويصرح الدجني لـ«البيان»: «خلال السنوات الـ17 الأخيرة (عمر الانقسام)، مرت على الشعب الفلسطيني أحداث وملمات عدة، في كل مرة، كنا نسمع حديثاً مكرراً عن ضرورة الوحدة، وإنهاء الانقسام، لكن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل، وظلت اللقاءات الفصائلية موسمية وروتينية».

فيما ذهب المحلل السياسي، رائد عبدالله، إلى أبعد من ذلك، بقوله: «لا شيء على الأرض الفلسطينية، يقل خطورة عن استمرار الانقسام، وفي كل مرة نسمع العبارات ذاتها، دون ترجمة حقيقية وفعلية على الأرض، وإن لم توحدنا مثل هذه الأحداث والملمات، فمن الصعب أن نتوحد أمام أي منعطفات أخرى».

شاركها.
Exit mobile version