لم تصل ردود الساسة الفلسطينيين، حداً أبعد من العتب، على دعوة الخارجية الأمريكية، لاستئناف «الحوار الاستراتيجي» بين الإدارة الأمريكية والقيادة الفلسطينية، وتعزيز العمل المشترك، وتكثيف الجهود لتحقيق الاستقرار في المنطقة، والدعوة لإعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، إذ كان سقف التوقعات أعلى من هذا، بحيث يتم الضغط الجدي والفاعل على إسرائيل لوقف إجراءاتها الأحادية، ودفعها إلى الالتزام بما تعهدت به في قمتي العقبة وشرم الشيخ.

إذ دعا أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، واشنطن، إلى طرح مبادرة سياسية «خلاقة» أساسها الاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين وإسرائيل، والارتكاز على مبادئ الشرعية الدولية، بما يفضي إلى خلق أفق سياسي، وصولاً إلى مفاوضات جادة تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

علاقات

وكان نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية الإسرائيلية أندرو ميللر، دعا أخيراً خلال لقاء جمعه مع مسؤولين فلسطينيين في رام الله، إلى تعزيز العلاقات الثنائية الفلسطينية الأمريكية، ملمحاً إلى إمكانية استئناف الدعم المالي المباشر للسلطة الفلسطينية، في ظل الوضع المتأزم الذي تمر به، لا سيما مع استمرار الخصومات الإسرائيلية، غير أن مسؤولين فلسطينيين، حضروا اللقاء، طالبوا بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وإيجاد أفق سياسي، خصوصاً وأن حل الدولتين، تحيق به تهديدات حقيقية، وتداعيات سياسية واقتصادية.

الرد الرسمي جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، مبيناً أن اللقاء ناقش آفاقاً يجب فتحها لتحقيق السلام، قبل انهيار حل الدولتين بشكل كامل، مشدداً على الموقف الفلسطيني الداعي إلى توفير ضمانات أمنية، وحوافز اقتصادية، تدفع نحو إحياء العملية السياسية، وتجاوز أكبر العوامل إعاقة للمسارات السياسية، ومنها: التصعيد الميداني على الأرض، والتوسع الاستيطاني.

«لن يفوت الأوان حتى مع نهاية العام الجاري لإنقاذ حل الدولتين»، هكذا علق المبعوث الأمريكي ميللر، داعياً إلى تحرك عاجل لإحياء المفاوضات المستندة إلى هذا الحل، وبما يلامس سقف الطموح الفلسطيني، وإن كان هناك في الجانب الفلسطيني من يتهم الفريق الأمريكي على الدوام، بخفض مستوى توقعاتهم، من خلال الانحياز للجانب الإسرائيلي.

يقول الكاتب والمحلل السياسي رامي منصور، إن حل الدولتين الكفيل بجلب الاستقرار للمنطقة والإقليم، يجب أن يتحقق من خلال مفاوضات مباشرة بين طرفي الصراع (الفلسطيني والإسرائيلي)، إذ لن يكون بيد الإدارة الأمريكية «عصا سحرية» كما لن يكون الدعم الاقتصادي المنتظر «صندوق عجب» مضيفاً: «المطلوب من اللاعبين الكبار على الحلبة السياسية، التخلي عن المواقف الباردة إزاء حل الدولتين والمفاوضات السياسية، وتبني مواقف أكثر جدية».

يضيف منصور لـ«البيان»: «اكتفاء الإدارة الأمريكية بتوجيه موفدها للسلام إلى الأراضي الفلسطينية، بالإعلان عن مساعي تقودها لإحياء العملية السياسية، غير مجدٍ، والأجدر بها تحديد إطار واضح، وجدول زمني محدد، والكف عن المواقف الضبابية، كي يكون هذا مقنعاً ومستساغاً لدى الجانب الفلسطيني».

مفاوضات

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، أن تغيير المسار، والعودة إلى تبني «الفرص الضائعة» لم يعد ممكناً في المرحلة الحالية، لأن الوسائل التي يمتلكها المستوى السياسي الفلسطيني، لا تتغير، إذ يصر على المفاوضات كسبيل وحيد لانتزاع حقوقه، وإقامة دولته، كي يصبح لحل الدولتين معنى ومغزى.

ومن وجهة نظر مراقبين، ففي ظل تشابه المواقف والدعوات، وحتى قائمة المطالب الفلسطينية والإسرائيلية في حال إطلاق مفاوضات سياسية، فالأهمية تكمن في الجوهر، المتمثل بضرورة إيجاد حل نهائي للصراع.

شاركها.
Exit mobile version