لم تكد أفريقيا والقوى الدولية المعنية وعلى رأسها فرنسا، تفيق من صدمة انقلاب النيجر، حتى صحت على انقلاب جديد في الغابون.

وأعلن العسكريون الانقلابيون في بيان بثّته قناة «غابون 24» تعيين قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما «رئيساً للمرحلة الانتقالية». وبحسب البيان، فقد أعلن ضابط بحضور عشرات من كبار الضباط والجنرالات الذين يمثّلون جميع فيالق الجيش الغابوني أنّه «تمّ تعيين الجنرال أوليغي نغيما بريس بالإجماع رئيساً للجنة انتقال واستعادة المؤسسات ورئيساً للمرحلة الانتقالية» التي لم يحدّد الانقلابيون مدّتها.

وكانت مجموعة تضم نحو 12 عسكرياً ظهرت على شاشة محطة «غابون 24» من القصر الرئاسي، فور إعلان فوز علي بونغو بولاية رئاسية ثالثة بحصوله على 64,27 % من الأصوات ليل الثلاثاء/ الأربعاء.

وأعلن أحد العسكريين وهو كولونيل في الجيش في بيان بث بعد ذلك عبر القناة الأولى في التلفزيون الغابوني: «نحن قوات الدفاع والأمن المجتمعة ضمن لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات، قررنا باسم الشعب الغابوني الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم».

قبل ذلك، قال أوليغي نغيما لصحيفة «لوموند» الفرنسية، إن بونغو الذي وضع قيد الإقامة الجبرية «أحيل على التقاعد ولديه كل حقوقه. هو مواطن غابوني عادي». وأضاف: «لم يكن لديه الحق في تولي فترة ولاية ثالثة، وانتُهك الدستور.. لذلك قرر الجيش تولي مسؤولياته».

وأوضح: «لهذه الغاية، ألغيت الانتخابات العامة التي جرت في 26 أغسطس 2023 فضلاً عن نتائجها».

وأعلن العسكريون الذين نفّذوا الانقلاب أن بونغو الذي خلف والده في العام 2009 وضع قيد الإقامة الجبرية «وهو محاط بعائلته وأطبائه»، فيما أوقف أحد أبنائه بتهمة «الخيانة العظمى».

وأضاف الكولونيل الذي تلا ليل الثلاثاء/ الأربعاء البيان الذي أعلن فيه الجيش «إنهاء النظام القائم»، أنه «تم توقيف» نور الدين بونغو فالنتان ابن الرئيس ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نغولو رئيس مكتب بونغو، ومحمد علي ساليو نائب رئيس مكتبه، وعبد الحسيني وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوغا وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، بالإضافة إلى أهم رجلين في الحزب الديمقراطي الغابوني القوي الذي يتزعمه بونغو.

وأوضح أنهم أوقفوا خصوصاً بتهم «الخيانة العظمى لمؤسسات الدولة واختلاس أموال عامة على نطاق واسع واختلاس مالي دولي ضمن عصابة منظمة والتزوير، وتزوير توقيع رئيس الجمهورية، والفساد والاتجار بالمخدرات».

ظهور بونغو

ودعا بونغو «جميع الأصدقاء» إلى «رفع أصواتهم» وذلك في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال بونغو في الفيديو الذي ظهر فيه جالساً على كرسي وتبدو عليه ملامح القلق: «أنا علي بونغو أونديمبا، رئيس الغابون أوجّه رسالة إلى جميع أصدقائنا في كل أنحاء العالم لأطلب منهم أن يرفعوا أصواتهم بشأن الأشخاص الذين اعتقلوني وعائلتي»، مؤكّداً أنه في «منزله».

وفي أديس ابابا، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، إنه «يدين بشدة» ما وصفه بأنه «انتهاك صارخ» لمبادئ الاتحاد الأفريقي، ودعا «الجيش الوطني وقوات الأمن إلى ضمان سلامة رئيس الجمهورية (بونغو) وأفراد عائلته وكذلك أفراد حكومته».

وقال المتحدث باسم الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الذي يرأس أيضاً تكتل «إيكواس»، إن الرئيس يعمل عن كثب مع رؤساء دول أفريقية أخرى بشأن سبل الرد على محاولة الانقلاب في الغابون.

وأضاف المتحدث أن تينوبو يراقب «بقلق بالغ» تطورات الأوضاع في الجابون و«عدوى الاستبداد» المتفشية في القارة.

ردود دولية

ولم تتأخر ردود الفعل الدولية على هذا الانقلاب الجديد في الدولة الناطقة بالفرنسية، حيث دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة «محاولة الانقلاب» في الغابون، داعياً جميع الأطراف إلى «ضبط النفس» و«الحوار».

وأعلنت باريس إدانتها «الانقلاب العسكري الجاري حالياً»، وأعلن البيت الأبيض أنّه «يتابع من كثب.. الوضع المقلق جداً».

وأعلن الكرملين أنه يتابع الوضع في الغابون «بقلق شديد»، و«نحن نراقب ما يحصل عن كثب». ودعت الصين إلى ضمان أمن الرئيس بونغو فيما اعتبرت دول الكومنولث الوضع في الغابون «مثيراً للقلق»، مذكّرة البلاد بالتزاماتها في ما يتعلق باحترام الديمقراطية.

وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه يشعر بالقلق إزاء الاستقرار في منطقة الساحل في أفريقيا في أعقاب الانقلاب العسكري في النيجر.

شاركها.