لا حديث في تونس إلا عن مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها الأحد الماضي مع الاتحاد الأوروبي بحضور الرئيس قيس سعيّد، ورئيس المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس مجلس الوزراء، الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء، الهولندي مارك روته.

وقال الرئيس سعيّد إن المذكرة تنص على ضرورة التقارب بين الشعوب، مشدداً على أن تكون مشفوعة بجملة من الاتفاقات الملزمة، انطلاقاً من المبادئ التي وردت فيها، وفي إشارته إلى ظاهرة الهجرة غير النظامية وشبكات الاتجار بالبشر، انتقد سعيّد عدم تحرك المنظمات الإنسانية المعنية إلا بدفع من البيانات لمساعدة المهاجرين، وفق تعبيره. واستنكر ما وصفه بالمغالطة والتشويه لتونس ولشعبها.

ويشير مراقبون إلى أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها تؤكد أن العواصم الأوروبية اعترفت بأهمية الحركة الإصلاحية التي يقودها الرئيس سعيّد منذ 25 يوليو 2021.

خطوة مهمة

 وأوضح المحلل السياسي منذر ثابت أن مذكرة التفاهم تمثل خطوة مهمة في توطيد علاقات تونس بالاتحاد الأوروبي، فيما تطرح أسئلة عديدة حول الإجراءات التنفيذية التي تحتاج إلى ترجمة النوايا لاتفاقات يتم إقرارها بعد اجتماعات الخبراء من الطرفين.

وأضاف ثابت لـ«البيان» أن هناك نقاطاً إيجابية، بينها: الاستثمار في الطاقات المتجددة، و«الكابل البحري» الخاص بإنترنت سريع التدفق، وتوفير فرص عمل للشباب التونسي، لكن ملف التعامل مع المهاجرين غير النظاميين التونسيين الذين يعادون إلى بلادهم يبقى شائكاً، في حين لا يزال الغموض يحيط بملف المهاجرين القادمين من وراء الصحراء الكبرى، الذين تقول بعض منظمات المجتمع المدني إنه يتم جمعهم في مخيمات في تونس لحين إرجاعهم إلى بلدانهم الأصلية.

موقف واضح 

 وأكدت مصادر تونسية لـ«البيان» أن الاتفاق المتعلق بإعادة المهاجرين غير النظاميين يشمل المهاجرين التونسيين دون غيرهم، وأن موقف السلطات التونسية كان واضحاً في هذا الصدد، حيث رفضت استقبال المهاجرين الأفارقة، بمن فيهم من مروا نحو الضفة الشمالية للمتوسط عبر الأراضي التونسية.

وأشار المحلل السياسي أبوبكر الصغير إلى أن مذكرة التفاهم من شأنها أن تفتح لتونس آفاقاً جديدة في التعامل مع شريكها الاقتصادي الأول. وأضاف أن الرئيس كان واضحاً في تأكيد تأمين سيادة بلاده ورفض الخضوع لإملاءات أي طرف خارجي.

وتابع الصغير أن ملف الهجرة غير النظامية يحتل مكانة متقدمة في جدول اهتمامات الأوروبيين، لكن العلاقة بين ضفتي المتوسط تتجاوز ذلك في اتجاه الخيارات الاستراتيجية الكبرى المتعلقة بالأمن والتنمية والتوازنات الإقليمية والدولية، وهو ما لوحظ أثناء المفاوضات التي جرت حول مذكرة التفاهم.

واعتبر الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي أن المذكرة ليست اتفاقية، إنما نوايا استثمار. وأضاف أنها نوايا ستكون على المدى الطويل في السياسة والتعاون الدولي لأعوام وعقود. ووصفت إيطاليا على لسان وزير خارجيتها أنطونيو تاياني، توقيع المذكرة بأنها «خطوة أولى مهمة، لا تهدف إلى التصدي لظاهرة الهجرة ومحاربة المتاجرين بالبشر فقط»، بل تمتد لتشمل «دعم النمو والاستقرار في بلدان شمال أفريقيا».

شاركها.
Exit mobile version