غداة تسجيل مجلس الأمن الدولي نقطة إيجابية لصالح لبنان، من خلال التصويت على التمديد لقوات حفظ السلام العاملة في لبنان اليونيفيل لمدة 12 شهراً، أجمعت مصادر سياسية لـ«البيان»، على اعتبار هذا التمديد مؤشراً إيجابياً يساعد على تنفيذ القرار 1701 ووقف الحرب وعودة النازحين إلى قراهم، وذلك من بوابة الدلالات البارزة التي واكبته، وعكست التوافق الدولي الذي لا جدل حياله على اعتماد المظلة الدولية، والقرار 1701 تحديداً، وسيلة حصرية لإعادة تثبيت الاستقرار في الجنوب وبين لبنان وإسرائيل.
وكان تصويت مجلس الأمن الدولي، بالإجماع على مشروع قرار يمدد الولاية الحالية لقوة اليونيفيل في جنوب لبنان، لمدة عام واحد، بناءً على مشروع أعدته فرنسا، جاء في وقت بالغ الحساسية والدقة بعد نحو 11 شهراً من المواجهات الميدانية بين إسرائيل وحزب الله، وفي ظرف جيو- سياسي يعتبر من الأصعب منذ عام 1984، تاريخ التفويض الأممي الأول.
علماً أن القرار الصادر أول من أمس، هو السابع عشر من نوعه على التوالي، منذ أن أقر مجلس الأمن الدولي تعزيز قوات حفظ السلام في جنوب لبنان، بموجب القرار 1701 الصادر بتاريخ 11 أغسطس 2006، والذي دعا حينها إلى وقف الأعمال القتالية بين حزب الله وإسرائيل، ولإيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلحين، كما دعا لبسط الدولة اللبنانية سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية وفقاً للقرارين الأمميين 1559 و1680.
وبهذا التمديد لليونيفيل، الذي تقرر كصورة طبق الأصل عن صيغة التمديد السابق لهذه القوات، لاسيما لجهة تأكيد تمسك لبنان بالتنسيق الكامل بين اليونيفيل والجيش اللبناني في المناطق المشمولة بالقرار 1701، من دون أية تعديلات جوهرية، فإن ثمة إجماعاً على أن لبنان فاز على إسرائيل بمعركة دبلوماسية صعبة، بدءاً من إسقاط مطلبها بتخفيض مدة عمل القوات الدولية من عام إلى 3 أشهر، ثم من عام إلى 6 أشهر، وصولاً إلى انتزاع التمديد عاماً كاملاً، بالإضافة إلى كونه سجل بوضوح في نص التمديد، دعم المجتمع الدولي للاحترام الكامل للخط الأزرق استناداً إلى القرار 1701، أي عملياً الاعتراف بالحدود اللبنانية وفق هذا القرار.
تعديل
يذكر أن التمديد السابق انتهى إلى تعديلات عارضها لبنان، حيث منح التمديد آنذاك اليونيفيل حق القيام بمهامها بصورة مستقلة بمعزل عن الجيش اللبناني، وتسيير الدوريات دون مؤازرة أو إبلاغ الجيش اللبناني.
أما النتيجة التي تبدت على أرض الواقع، فتجلت في أن هذا التعديل لم يتم تطبيقه بصورة حرفية، حيث استمر الحال على ما كان عليه وفق تمديد من 31 أغسطس 2022 إلى 31 أغسطس 2023، جراء تفاهم أدبي بين الطرفين، منعاً لأي إشكالات في المناطق الجنوبية، حيث استمرت الدوريات بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وبالنتيجة، جاء قرار التمديد من دون أي تعديل، مع حض جميع الفرقاء على وقف التصعيد، وصولاً لإعادة استتباب الهدوء وتحقيق الاستقرار عبر الخط الأزرق، مع ما يعنيه الأمر وفق تأكيد أوساط دبلوماسية لـ«البيان»، من كون صدور القرار بالإجماع في هذا الظرف الدقيق، يعني التشبث بالقرار 1701، ما سيفتح باب التفاوض سريعاً مع لبنان لحظة توقف الحرب في قطاع غزة، في حين وصف مصدر دبلوماسي لبناني رفيع لـ«البيان»، القرار الأممي بأنه استجابة لجهود الدبلوماسية اللبنانية وتقدير أممي لالتزام لبنان بالقرار 1701.
ومن بوابة هذا التمديد، توقعت الأوساط الدبلوماسية ذاتها، أن تنشط التحركات مجدداً على خلفية السعي إلى إبقاء الوضع ضمن الضوابط وعدم اتساع التوتر، بما يطلق دورة جهود جديدة لإحياء تنفيذ القرار 1701، فيما ثمة من يعتبر أن مجرد صدور القرار عن مجلس الأمن، في ظل وقوف حزب الله وإسرائيل على حافة الحرب الواسعة، يعني أن ثمة قراراً دولياً ما زال يدفع نحو منع الانفجار الكبير في لبنان.