منذ مرحلة قبل بداية حرب أوكرانيا في 24 فبراير من العام الماضي، بزغ دور بيلاروسيا في دعم جارتها الشرقية روسيا، بداية من استضافة قوات روسية على أراضيها، واستخدامها كمحطة انطلاق لشن هجمات في الشمال الأوكراني، بالنظر إلى قرب حدودها من كييف، وهو الدور الذي تنامى بشكل لافت في معادلة الصراع، وشهد محطات لافتة خلال الفترات الأخيرة.
أخذ الدور البيلاروسي يتطور، رغم نفي مينسك في بادئ الأمر مشاركتها في النزاع بشكل مباشر، ثم اعترافها لاحقاً بالسماح للقوات الروسية باستخدام أراضيها كمنصة لإطلاق الصواريخ على أهداف أوكرانية، ما وضعها تحت طائلة عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان.
وفيما سمحت بيلاروسيا بنشر أسلحة نووية روسية على أراضيها، أخذ الدور البيلاروسي أخيراً أبعاداً إضافية، بعد استضافة البلاد مقاتلي «فاغنر» في أعقاب عملية التمرد القصيرة الفاشلة.
لكنّ، بالرغم من تنامي دور بيلاروسيا في معادلة الصراع على ذلك النحو، يرى مراقبون أن هذا الدور «لا تجب المبالغة فيه»، وهو الرأي الذي يميل إليه الأستاذ بكلية الاستشراق في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد، رامي القليوبي، الذي يقول لـ«البيان»: إن «بيلاروسيا في نهاية المطاف ليست طرفاً مباشراً في الصراع، إنما هي مجرد طرف غير مباشر وفر أراضي بلاده في الأيام والأسابيع الأولى من الحرب من أجل شن هجمات في الشمال الأوكراني، ومع ذلك هذا لم يمنع من محاولة لأداء دور الوساطة في بداية الحرب قبل أن تنتقل المفاوضات إلى إسطنبول ثم تتعثر تماماً».
انتقال فاغنر
وفي تقدير القليوبي، فإن «الضجة حول الدور البيلاروسي ترجع إلى انتقال مجموعة فاغنر شبه العسكرية إليها، والتصريحات المثيرة للجدل من جانب رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الذي قال: إن فاغنر تريد الذهاب لعمل جولة في بولندا.. الشركات العسكرية الخاصة هي أداة فعالة بأيدي الدول، بما يتيح تبرئة الدولة وعدم الدخول في نزاعات مباشرة في حالة وقوع حوادث أو اشتباكات».
وكان لوكاشينكو قال لبوتين، خلال اجتماع جمع بينهما أخيراً في سانت بطرسبرغ: «ربما لم يكن علي أن أقول ذلك، لكني سأفعل: بدأ مسلحو فاغنر في الضغط علينا: يقولون لنا: (نريد الذهاب إلى الغرب)».
ويقلل مراقبون من إمكانية انخراط بيلاروسيا بشكل مباشر في الحرب، لا سيما في ظل طول الحدود مع أوكرانيا، علاوة على مخاوف مينسك من تمدد العقوبات الغربية والأمريكية وأثرها على الوضع الاقتصادي بالبلاد.
علاقة ثنائية
ويعزو الباحث الروسي ديمتري بريجع، في تصريحات لـ «البيان» تنامي دور بيلاروسيا في مسار الحرب إلى العلاقات بين بوتين ولوكاشينكو، ذلك أن الأول «قد أنقذ الرئيس البيلاروسي من السقوط بعد اندلاع احتجاجات واسعة ضده قبل بضعة أعوام»، مشيراً إلى أنه «كانت هناك احتجاجات في بيلاروسيا تريد إسقاط النظام السياسي».
وفيما يعتبر بوتين لوكاشينكو حليفاً استراتيجياً لبلاده، يلفت الباحث الروسي إلى أن «البعض كان يتصور أن بوتين يريد التخلص من لوكاشينكو، لكنّ هذه التصورات كانت خاطئة تماماً».