غداة معركة المفاوضات القاسية التي خاضها لبنان رسمياً في الأمم المتحدة، تمهيداً لتمديد مهمة قوات الأمم المتحدة «اليونيفيل»، العاملة في جنوبه، عاماً إضافياً، في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، انشغل الداخل اللبناني بمضامين مسودة القرار الجديد المتصل بهذا الخصوص، الذي ينوّه إلى أن التفويض الجديد للقوة الدولية باقٍ بحسب نص العام الماضي، مع تأكيد إحدى فقراته حرية عمل هذه القوة «دون إذن مسبق»، في سياق «التعاون مع الحكومة اللبنانية وقواها الأمنية، لا سيما الجيش»، وفق فقرات عدة وردت في مسودة القرار.

وعليه، لخصت أوساط وزارة الخارجية ما آلت إليه معركة التعديل التي خاضها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، عبدالله بوحبيب، الذي ترأس وفد لبنان إلى نيويورك، منها عاد «مرتاحاً»، وفق تعبيره، بتصريحها لـ«البيان» بأن بوحبيب نجح في تضمين مسودة القرار المتعلق بالتجديد للقوات الدولية عبارة تتعلق بالتنسيق بين «اليونيفيل» والدولة اللبنانية، كما نجح في انتزاع موافقة أممية على طلب استبدال تعبير «شمال الغجر» بعبارة «منطقة الماري»، مع إشارتها إلى حصول توافق على تعديل النص الأولي، بناءً على اتصالات فرنسية، كونها «حاملة القلم»، وفق صيغة «لا غالب، ولا مغلوب»!

يذكر أن القرار المنتظر يعد السادس عشر من نوعه على التوالي، مذ أقر مجلس الأمن الدولي تعزيز قوات حفظ السلام في جنوب لبنان، بموجب القرار 1701 بتاريخ 11 أغسطس 2006.

وأكد مجلس الأمن الدولي، مجدداً، استناداً إلى النسخة التي تم تسريبها عن مشروع القرار الجديد للتمديد لـ«اليونيفيل» سنة إضافية، سلطة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في مناطق عمليات قواتها، حسبما تراه في حدود قدراتها، وكفالة عدم استخدام منطقة عملياتها للقيام بأنشطة عدائية من أي نوع، ومقاومة المحاولات بالقوة لمنعها من الاضطلاع بولايتها، مع ترحيبه بالدور الحاسم الذي يؤديه الجيش اللبناني وقوات الأمن في بسط سلطة الحكومة.

كما ألمح مشروع القرار، إلى أن «اليونيفيل»، بموجب اتفاقية العمل الموقعة بين حكومة لبنان والأمم المتحدة (SOFA) عام 1996، لا تحتاج إلى إذن مسبق للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنها مخولة القيام بعملياتها بشكل مستقل.

زيارة استطلاعية

إلى ذلك، وصل إلى بيروت، أمس، المبعوث الأمريكي، مهندس الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، عاموس هوكشتاين، في زيارة معلنة لإعطاء دفع لعملية تثبيت الحدود البرية مع إسرائيل، على جدول أعماله، وإن متأخراً، مواكبة الحدث «التاريخي»، المتمثل بانطلاق أعمال الحفر والتنقيب البحريين في الجانب اللبناني، الذي تتولاه شركة «توتال» منذ 23 أغسطس.

يجدر التذكير بالمسار التفاوضي الذي قاده هوكشتاين في ملف الترسيم البحري جنوباً، وما أنتجه من «اتفاق»، بوساطة أمريكية، ورعاية أممية، في 27 أكتوبر العام الماضي، ما غدا منطلقاً لورشة التنقيب الجارية عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية.

في المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، فإن جدول أعمال زيارة هوكشتاين لبيروت ينص على إطلاق دورة التراخيص للاستثمار في البلوكين 8 و10 جنوباً، المعروف بكونه مهندس كل عمليات الاستثمار وتوزيعها بين الشركات، وهو الذي كانت له يد طولى في ترتيب عملية الاستثمار في البلوك رقم 9 بين تحالف شركات «توتال» الفرنسية بنسبة 35 %، و«إيني»، الإيطالية بنسبة 35 %، و«قطر للطاقة» بنسبة 30 %.

ذلك وسط تقديرات أن يؤول التنقيب في البلوكين 8 و10 للتحالف نفسه، ما سوف يكون هوكشتاين مشرفاً على تفاصيله. في المعلومات أيضاً، فإن المبعوث الأمريكي ركز أمام التفاهم على ضمان الاستقرار في الجنوب، طالما أن لبنان قد باشر عمليات التنقيب، وإسرائيل تعمل على الاستخراج.

وكان هوكشتاين لعب دوراً أساسياً، وبارزاً، في الوصول إلى حل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وتسجيلها في الأمم المتحدة، ما يفتح المجال، وفق تأكيد مصادر معنية لـ«البيان»، لإمكانية البحث في ترسيم الحدود البرية، وحل النقاط العالقة.

شاركها.
Exit mobile version