اغتيال خمسة فلسطينيين في ضربة جوية على مدينة طوباس شمالي الضفة الغربية أمس، وسادس قتلته قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب رام الله عندما نفذ عملية دهس بصهريج نفط قتل فيها جندياً وجرح آخرين، لا يخرج عن السياق اليومي للتوتر المتصاعد في الضفة، وبخاصة منذ السابع من أكتوبر وما تلاه من حرب إبادة جماعية في غزة، في ظل قلق لدى أوساط إسرائيلية من أن يكون الانفجار الشامل في الضفة «مسألة وقت».
خلال تلك الفترة قضى أكثر من 680 فلسطينياً على يد جيش الاحتلال في الضفة، معظمهم مدنيون. لكن في الفترة ذاتها، قُتل نحو 40 جندياً ومستوطناً إسرائيلياً في هجمات فلسطينية أو في اشتباكات أثناء الاجتياحات.
ولا يكاد يمر يوم بلا اجتياحات في مدن ومخيمات شمالي الضفة. ولا يقف الأمر عند الاغتيالات والاشتباكات، بل يعمد جيش الاحتلال لتجريف وتدمير الشوارع والبنى التحتية، الأمر الذي يضعه محللون ومراقبون، فضلاً عن سياسيين، في خانة مخطط الترحيل، انسجاماً مع أيديولوجيا تجري ترجمتها على نحو أوضح، في عهد أشد الحكومات يمينية من عمر إسرائيل الذي لا يزيد إلا قليلاً عن 75 سنة.
توصيات العسكريين
القناة 12 الإسرائيلية كشفت أن قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية – بمن فيهم وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس الأركان، هرتسي هاليفي – حذروا رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من أن الوضع في الضفة على حافة الانفجار، وأن ذلك قد يؤدي إلى هجمات يُقتل فيها مئات الإسرائيليين.
وعرض هؤلاء أمام نتانياهو ووزراء «الحكومة الأمنية» – خلال الاجتماع الوزاري الأخير – ما زعموا أنها معطيات عن كميات أسلحة كبيرة جداً وغير مسبوقة في الضفة وحذروا من إمكانية عودة العمليات التفجيرية.
ويرى مراقبون أن التهويل الإسرائيلي يهدف للتغطية على الاجتياحات الدامية التي ينفذها جيش الاحتلال في الضفة.
وبهدف تجنب انفجار الأوضاع، قالت «القناة 13» أن قادة الأجهزة الأمنية أوصوا بضرورة «تهدئة الأجواء» وطرحوا مقترحات عدة لتحقيق ذلك، من بينها السماح بعودة العمال الفلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر وتحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية التي يعطلها وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بالإضافة إلى الحفاظ على «الوضع القائم» في المسجد الأقصى، وفقاً لتقرير القناة الإسرائيلية الذي نقله موقع «روسيا اليوم».
ووفقاً لما أورده التقرير، فإن المسؤولين الأمنيين زعموا أن كمية الأسلحة المنتشرة في الضفة «هي الأكبر في تاريخ المنطقة»، نتيجة «الاختراقات الأمنية على الحدود الشرقية وسرقة الأسلحة».
وحذر قادة الأجهزة الأمنية من أن تفاقم الأوضاع قد يؤدي إلى عمليات تفجيرية واسعة النطاق تمتد إلى الداخل قد تسفر عن سقوط «مئات القتلى» من الإسرائيليين. ومع ذلك، أكد التقرير أن نتانياهو لم يوافق على التوصيات.
الضغط الاقتصادي
صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت الأحد الماضي، إلى أنه إضافة إلى عمليات «البحث والتصفية» الاستخبارية في مخيمات اللاجئين، يحاول الجيش الإسرائيلي منع التوحيد الكامل لسكان الضفة، الأمر الذي من شأنه أن يحول موجة التصعيد الحالية إلى «انتفاضة كاملة»، مشيرة إلى القيود على حرية الحركة وسبل العيش للفلسطينيين، باعتبار أن الأوضاع الاقتصادية المزرية واعتداءات المستوطنين واقتحامات المسجد الأقصى تدفع الشبان الفلسطينيين إلى الانضمام إلى دائرة مقاومة الاحتلال. وتنقل الصحيفة عن ضابط كبير في قوات الاحتياط قوله إن «هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ونحن على شفا انفجار كبير» في الضفة.
مخاوف المستوى العسكري من انفجار الضفة لها ما يبررها، من منظور عسكري، إذ إن الجيش الإسرائيلي سيواجه في الضفة وضعاً أصعب من غزة، نظراً لتباعد التجمعات السكانية الفلسطينية وانتشارها في مناطق أوسع، تربط بينها طرق معزولة وسط الجبال. وهذا – بنظر العسكريين – يتطلب انتشار قوات بحجم كبير، الأمر الذي يصعب تنفيذه في ظل استمرار الحرب في غزة والجبهة الشمالية.