أعادت واقعة اعتقال سبعة عناصر إرهابية غربي ألمانيا، الأسبوع الماضي، تحديداً في ولاية شمال الراين ويستفاليا، إلى الواجهة الخطر الذي تمثله الخلايا الإرهابية الخاملة في قلب القارة العجوز، وارتباطاتها بتنظيم «داعش»، وخططه للتمدد أوروبياً، لا سيما بعد انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية.

لائحة الاتهام التي وجهها مكتب المدعي العام الألماني للعناصر المذكورة -المنحدرين من طاجيكستان، وقيرغيزستان، وتركمانستان- تضمنت اتهامات بتأسيس منظمة إرهابية، والتخطيط لشن هجمات، بعد وصولهم ألمانيا قبيل الحرب الأوكرانية، وتشكيلهم تنظيماً إرهابياً فيها.

ولم يتوقف نشاط التنظيمات بعد سقوط «داعش» في 22 مارس 2019، بل ربما صار خطراً أكبر مما كان عليه منذ أن أقام «دولته» المزعومة في يونيو 2014. وبالنظر إلى خلاياه النائمة المنتشرة في مناطق عدة، باتت تشكل تهديداً أوسع، بحسب الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب.

إذ يشير أديب في تصريح لـ«البيان» من القاهرة، إلى أن «الخطر انتقل للقارة العجوز مع انتقال خلايا «داعش» غير المرئية (غير النشطة)، إضافة إلى الخلايا الخاملة في أوروبا، بما يشكل تهديداً للقارة بأسرها، في ضوء وجود تلك العناصر»، مشدداً على أن «المجتمع الدولي أخطأ في استراتيجيات المواجهة الخاصة بالتنظيم»، حيث لم يتم القضاء على «داعش» تماماً، ما ترك الباب مفتوحاً لخلاياه وعناصره للانتشار والتوغل في بلدان عديدة.

القضية الألمانية الأخيرة أعادت إلى الأذهان «هجوم سوق عيد الميلاد في برلين 2016»، وتُبرز خطورة وتهديد العناصر الخاملة للقارة الأوروبية.

ووفق تقرير حديث لوكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون الشرطي «يوروبول»، تم رصد 28 مؤامرة إرهابية داخل دول التكتل في 2022، واعتقال أكثر من 380 شخصاً.

استراتيجية

ويعتقد أديب بأن «خمول «داعش» ومقاتليه في أوروبا، لا يعني أن التنظيم بات أضعف مما كان عليه، إنما يشكل تهديداً أمنياً كبيراً، أخطر مما كان يشكله سابقاً».

وينوّه إلى أن ثمة إشكالية مرتبطة بتفكيك السجون التي يتواجد بها «الدواعش»، شمال شرقي سوريا، وتفكيك المخيمات التي تتواجد فيها أسر وعوائل التنظيم، معتبراً أن «المجتمع الدولي لا يقوم بدوره المنوط به لتفكيك السجون والمخيمات وعودة العناصر إلى بلدانهم».

ويرى مراقبون أن الواقعة الألمانية تؤكد ضرورة تغليظ الإجراءات المتبعة في مكافحة الإرهاب بالداخل الأوروبي، المتأزم أصلاً.

ويشدد أديب على «ضرورة التحرك الفاعل من جانب أوروبا والمجتمع الدولي عبر استراتيجية موحدة لمواجهة الإرهاب، يراعى خلالها ظروف كل دولة على حدة، كونه السبيل الأمثل للقضاء على «داعش» وعناصره، ودرء خطره المحدق والمستمر والمتسع».

الحرب الأوكرانية

ويعتبر أديب أن تبعات الحرب الأوكرانية أسهمت بتنامي الخلايا الإرهابية لا سيما شرقي القارة الأوروبية، مبيّناً أنها «تستغل الظروف السياسية والحروب والأزمات؛ لزيادة نشاطها وتمددها كما حدث في ألمانيا وغيرها أخيراً. وبالتالي، على المجتمع الدولي التوحد لإنهاء كل الظروف والأوضاع التي تشكل بيئة خصبة لنشاط التنظيمات والقضاء عليها».

 

شاركها.