أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء في اسرائيل أن الولايات المتحدة “مصممة” على التوصل الى اتفاق هدنة بين اسرائيل وحماس يكون مرفقا بالافراج عن الرهائن، بعدما حضت واشنطن الحركة على أن تقبل “بدون تأخير” هدنة في غزة داعية اسرائيل الى العدول عن شن هجوم على رفح.
وقال بلينكن خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتزوغ في تل ابيب “حتى في هذه الأوقات الصعبة، نحن مصممون على التوصل إلى وقف لإطلاق النار يعيد الرهائن إلى ديارهم والتوصل اليه الآن. السبب الوحيد لعدم حصول ذلك هو حماس”.
بعد اجتماع الاثنين في القاهرة مع ممثلي مصر وقطر، وصل وفد من حماس الى الدوحة لدرس مقترح الهدنة الجديد ويرتقب ان يعطي رده في “أسرع وقت ممكن” بحسب مصدر قريب من الحركة.
في الأثناء، تنتظر دول الوساطة رد الحركة الإسلامية على مقترح الهدنة لأربعين يوما والتي تشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية.
ويأتي هذا المقترح بعد أشهر من الجمود في المفاوضات غير المباشرة الرامية إلى إنهاء الحرب بعدما تم التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر، سمحت بالإفراج عن حوالى 105 رهائن لدى حماس من بينهم 80 إسرائيليا ومزدوجي الجنسية في مقابل 240 أسيرا فلسطينيا لدى إسرائيل.
وبعدما وصف بلينكن الاثنين الاقتراح بأنه “سخي جدا من جانب إسرائيل”، حض في تصريح لصحافيين في إحدى ضواحي العاصمة الأردنية عمّان حركة حماس على القبول سريعا بمقترح الهدنة مؤكدا “لا مزيد من التأخير ولا مزيد من الأعذار. إن وقت العمل حان الآن”، فيما تتكثف التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية داعية الى وقف اطلاق نار، مع تدخل شرطة نيويورك ليلا في جامعة كولومبيا.
وتطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار قبل أي اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تؤكد عزمها على شن هجوم بري في رفح (جنوب) حيث لجأ حوالى مليون ونصف مليون فلسطيني غالبيتهم من نازحي الحرب.
ويؤكد نتانياهو أن الهجوم على رفح ضروري لهزيمة حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007، وتحرير الرهائن. وقال خلال لقائه ممثلين لعائلات الرهائن، وفق ما نقل عنه مكتبه الثلاثاء، “فكرة أننا سنوقف الحرب قبل تحقيق كل أهدافها غير واردة. سندخل رفح وسنقضي على كتائب حماس هناك مع أو بدون اتفاق، من أجل تحقيق النصر الشامل”.
وسيجتمع نتانياهو الأربعاء عند الساعة 10,45 (7,45 ت غ) في مكتبه في القدس مع بلينكن الذي كثف في الاسابيع الماضية على غرار الرئيس جو بايدن التصريحات المعارضة لعملية برية في رفح.
يصل وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الذي دعا الى وقف اطلاق نار خلال لقائه نتانياهو الثلاثاء، الى القاهرة الأربعاء كما أكدت السلطات المصرية التي تعارض عملية في رفح، المدينة المتاخمة لحدودها.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء من أن أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة سيشكل “تصعيدا لا يحتمل”، كما اعرب عن “قلقه العميق” إزاء اكتشاف مقابر جماعية في المستشفيين الرئيسيين في قطاع غزة، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل.
من جهته كتب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم غيبريسوس على منصة إكس ان “عملية واسعة النطاق في رفح ستؤدي الى كارثة إنسانية” داعيا “كل الأطراف الى العمل من أجل وقف إطلاق نار”.
وبعدما تحمّلت برد الشتاء، تعاني الأسر النازحة في رفح الآن من ارتفاع درجات الحرارة وخطر انتشار الأمراض، مع حرمانها من المياه الجارية.
وتصل المساعدات الدولية التي تخضع لتفتيش صارم من السلطات الإسرائيلية بكميات ضئيلة عبر معبر رفح بشكل رئيسي، لكنها تبقى غير كافية نظرا إلى الحاجات الهائلة لسكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات عن طريق البر، كما بدأت إنشاء رصيف عائم قبالة ساحل غزة بهدف استيعاب المساعدات التي تصل بالسفن.
وشهد وزير الخارجية الأميركي خلال زيارة إلى الأردن الثلاثاء انطلاق أول قافلة شاحنات أردنية محمّلة بالمساعدات ومتّجهة إلى قطاع غزة عبر معبر إيريز (بيت حانون) الذي أعادت إسرائيل فتحه.
وقال بلينكن لصحافيين خلال زيارته نقطة لتحميل المساعدات على متن الشاحنات على مشارف العاصمة عمّان، “من هنا نرى طريقاً مباشراً من الأردن إلى شمال غزة عبر معبر إيريز. الشحنات الأولى تغادر اليوم”. وأضاف “إنه تقدّم حقيقي ومهمّ، ولكن ما زال هناك الكثير ممّا يتعيّن القيام به”.
ولم يُستخدم معبر إيريز كثيراً منذ اندلاع الحرب بين اسرائيل وحركة حماس في 7 أكتوبر.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ المعبر يحتاج إلى إعادة تأهيل بعدما دمّره مسلّحو حماس خلال هجومهم غير المسبوق على جنوب إسرائيل في 7 اكتوبر.
– مذكرات من المحكمة الجنائية الدولية
من جانب آخر، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن نتانياهو قد يكون بين الأشخاص الذين وجهت إليهم المحكمة الجنائية الدولية اتهامات في قضية إدارة هذه الحرب التي أثارت أيضا موجة من التظاهرات والاعتصامات في حرم الجامعات الكبرى في اميركا الشمالية.
وقال نتانياهو مساء الثلاثاء “تم إنشاء مؤسسات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية بعد المحرقة ضد الشعب اليهودي لمنع مثل هذه الفظائع، ومنع إبادات جماعية في المستقبل. وهنا تحاول المحكمة الجنائية الدولية وضع إسرائيل في قفص الاتهام” ورأى في ذلك احتمال “فضيحة ذات أبعاد تاريخية”.
بحسب الصحيفة الأمريكية فان المحكمة التي تتخذ مقرا في لاهاي بهولندا قد تتهم أيضا مسؤولين من حماس.
وأعربت الولايات المتحدة الثلاثاء عن معارضتها قيام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق بشأن ممارسات إسرائيل في غزة.