لم يسبق لمسؤول أمريكي رفيع المستوى أن زار منطقة الشرق الأوسط بهذا الزخم خلال بضعة أشهر، مثلما فعل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي قام بزيارته الثامنة منذ 7 أكتوبر الماضي، ومن المرجح أنها لن تكون الأخيرة، طالما استمرت الحرب في قطاع غزة.
زيارة بلينكن، تأتي هذه المرة كمدخل لتكثيف الجهود السياسية من أجل تحقيق أهداف ثلاثة: وقف الحرب في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية للسكان، والتمهيد لإطلاق مسار سياسي يمنع تقاذف كرة اللهب مرة أخرى بين حركة «حماس» وإسرائيل.
في المساحة الفاصلة بين الجانبين، ثمة لاعبون عديدون، يواصلون اللقاءات، ويناقشون كل جملة ونقطة وفاصلة في الردود المقدمة من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وحيال ذلك اتخذت الإدارة الأمريكية مساراً حذراً، بحيث أضفت تفسيراتها الخاصة على الأوراق المقدمة، بما يفضي إلى وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي.
دعم دولي
واستناداً إلى الكاتب والمحلل السياسي محمد دراغمة، فإن أمام الجهود الجارية في كل من الدوحة والقاهرة، والنقاشات المكثفة، هنالك أعداد متزايدة في دول العالم تدعم التوجه الأمريكي، ما خلق ديناميكيات دولية وأخرى عربية، وحتى فلسطينية، فهناك مشاورات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، وحتى داخل إسرائيل هناك من يدفع باتجاه الذهاب إلى اتفاق.
ويوضح دراغمة: «الطرفان تحت ضغط كبير في هذه المرحلة، فإسرائيل تحت الضغط الأمريكي، و«حماس» تحت الضغط القطري والمصري، فيما الحركة تريد وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، وإنهاء الحرب.
وفي المقابل يقول الوسطاء لـ«حماس» إنها لن تستطيع الحصول على كل شيء، لأن مثل هذا الوضوح في المطالب قد يؤدي إلى رفض إسرائيلي، لأن حكومة نتانياهو ستسقط إذا قبلت بذلك، وأن عليها مراعاة توازنات الجانب الآخر».
وفي السياق، كشفت مصادر لـ«البيان» عن وعود من الرئيس الأمريكي جو بايدن شخصياً، للحركة عبر وسطاء، كي تطمئن للجهد الأمريكي، وأن الإدارة الأمريكية تضع كل ثقلها من أجل وقف الحرب.
ورجحت المصادر أن تمضي الإدارة الأمريكية مع إسرائيل خطوة بخطوة من أجل تثبيت وقف النار، خصوصاً وأن تل أبيب ما زالت تعتبر الموافقة على خطة بايدن قبولاً بالأمر الواقع، وهزيمة، وفشلاً في إدارة الحرب، وهذا سيعود بتداعيات مدمرة على نتانياهو وائتلافه.
وإذا توقفت الحرب، فإن هذا من وجهة نظر مراقبين، سيسجل للدبلوماسية الأمريكية، باعتبار أنها نجحت في حل معضلة كبيرة.