تونس– صنعت السباحة التونسية مرة أخرى الحدث في المسابقات العالمية والأولمبية، عندما توج التونسي أحمد الجوادي اليوم الأحد بطلا للعالم للسباحة في سباق 1500 متر سباحة حرة، خلال بطولة العالم المقامة حاليا في سنغافورة.

واستطاع الجوادي أن يتصدر السباق محققا زمنا قدره 14 دقيقة و34 ثانية و41 جزءا من الثانية، ليتوج بذهبيته الثانية في بطولة العالم للسباحة، بعد أن حقق إنجازا مماثلا في 800 متر سباحة حرة قبل 3 أيام حين حقق ثالث أسرع زمن على الإطلاق في ذلك السباق.

وتفوق السباح التونسي البالغ من العمر 20 عاما على الألماني سفين شفارتس الذي أحرز الميدالية الفضية، في حين آلت الميدالية البرونزية للأميركي بوبي فينك.

الجوادي حقق زمنا قدره 14 دقيقة و34 ثانية و41 جزءا من الثانية (الفرنسية)

تونس تتصدر بطولة العالم

وقال الجوادي في تصريحات لوسائل الإعلام بعد لحظات من نهاية سباق الـ800 متر إنه “قضى شهورا في محاربة الاكتئاب بعد نهاية مخيبة للآمال في أولمبياد 2024، لكن الأداء الذي قدمه في البطولة الحالية أثبت أنه ليس هناك ما يدعو لشعوره بالشك في قدراته”.

وجاء التتويج العالمي للجوادي، الذي حل رابعا في سباق 1500 متر حرة في الألعاب الأولمبية باريس 2024، بمثابة الإنجاز المذهل لرياضة السباحة التي تعيش واقعا صعبا في بلد يكاد اهتمام الدولة وشركات الإشهار فيه يقتصر على دعم الرياضات الجماعية وخاصة كرة القدم.

نقص المنشآت

ولا تملك تونس أكثر من 11 مسبحا من بينها 6 مغلقة، واثنان تحت أعمال الصيانة، مما يعني أن 3 مسابح فقط مفتوحة في الوقت الحالي، أكبرها مسبح المدينة الرياضية الأولمبية في رادس، جنوب العاصمة تونس.

وتفاعلت الأوساط الرياضية في تونس مع إنجازات الجوادي، في حين اعتبره كثيرون امتدادا للإنجازات اللافتة لأبطال هذه اللعبة منذ أولمبياد بيكين 2008.

وقال مدونون إن “عدد المسابح في تونس أقل بكثير من الميداليات والإنجازات الأولمبية والعالمية التي أهداها السباحون التونسيون لبلادهم”.

UP1EL7U0XFPLW 1754253069
الحفناوي فاز بالميدالية الذهبية لـ 800 متر سباحة حرة بنهائيات بطولة العالم للرياضات المائية أرينا بسنغافورة (رويترز)

وتعاني معظم المنشآت والمسابح في البلاد نقصا فادحا في الصيانة وغيابا للاهتمام من قبل السلطات واتحاد السباحة خصوصا بعدما تم حل الأخير بقرار من وزارة الرياضة وتعيين مجلس إدارة مؤقت للإشراف على اللعبة.

وفي مايو/ أيار 2024، أعلنت وزارة الرياضة في تونس حلّ الاتحاد بعد حادثة حجب العلم التونسي خلال منافسات بطولة تونس المفتوحة للماسترز، وهو قرار اتخذته السلطات قبل تعيين مجلس مؤقت.

واعتبر البطل العالمي والأولمبي السابق أسامة الملولي أن تتويج أحمد الجوادي بطلا للعالم هو بداية لصنع بطل عالمي جديد لتونس لكنه يضع السلطات أمام مسؤوليات جسيمة لدعم هؤلاء الأبطال.

وقال الملولي، بطل أولمبياد بيكين 2008 في سباق 1500 متر سباحة حرة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت “أحمد الجوادي أنجز مهمة كان الكثير من المتابعين يستبعدون تحقيقها، ذلك أنه ليس سهلا الإطاحة بأبطال عالميين في اللعبة ومدراس تاريخية”.

وأضاف “ما يحققه السباحون التونسيون من إنجازات لافتة عالميا وأولمبيا يكاد يكون بمجهوداتهم الخاصة، السلطات مطالبة بدعم الجوادي ليواصل تألقه في المسابقات القادمة، أتمنى ألا يحصل له ما حدث معي عندما تم حرماني من المنح والدعم المادي والرياضي خلال مسيرتي، أتمنى أن يجد أحمد الجوادي كل ممهدات النجاح ليحقق بطولات وميداليات أخرى”.

وفاز أسامة الملولي بذهبيتين أولمبيتين في بيكين 2008 في سباق 1500 متر حرة، وفي لندن 2012 في 10 كيلومترات في المياه المفتوحة، كما توج ببطولة العالم 2009 في روما.

وسيطر السباحون التونسيون فوق ذلك على الأرقام القياسية في سباق 800 متر حرة في تاريخ بطولة العالم، إذ يأتي أسامة الملولي وأيوب الحفناوي وأحمد الجوادي في المراكز الثاني والثالث والرابع لأسرع السباحين في العالم على الإطلاق، خلف الصيني لين تشانغ.

تكاليف باهظة لصناعة أبطال أولمبيين وعالميين

يرى جبران الطويلي المدرب السابق للمنتخب التونسي للسباحة أن التتويج في رياضة السباحة على الصعيدين الأولمبي والعالمي يحتاج إلى عمل كبير وخطة طويلة الأمد تحتاج إلى دعم مادي وتكاليف باهظة لتوفير التدريبات والمعسكرات والتحضيرات اللازمة قبل أشهر من المنافسات الرسمية.

وقال جبران الطويلي الذي أشرف على السباح أيوب الحفناوي عندما توج بميدالية أولمبياد طوكيو 2021 في سباق 400 متر حرة “الجميع يعرف أن تونس لا تمتلك الكثير من المسابح المؤهلة لاحتضان البطولات والتدريبات، العدد قليل ويتمركز خاصة جنوب العاصمة تونس (رادس ـ الزهراء ـ حمام الأنف) وهذا هو وجه المفارقة في كون السباحين التونسيين استطاعوا أن يتخطوا كل تلك العقبات للصعود على منصات التتويج عالميا وأولمبيا”.

يضيف الطويلي في حديثه للجزيرة نت “تحتاج المنافسة على ميدالية ذهبية عالمية وأولمبية إلى عمل سنوات من التحضير البدني والتدريب، نحن في المنتخب التونسي ركزنا على سباقات المسافات الطويلة (400 و800 و1500 متر) لكوننا نعلم أن الرياضيين في تونس قادرون على التألق في مسابقات التحمل والاستدامة، وهذا ما نجحنا فيه منذ عام 2011، لأن العمل بدأ بالنسبة إلى أيوب الحفناوي وأحمد الجوادي وحتى أحمد المثلوثي منذ أكثر من 10 سنوات”.

ويتابع المتحدث أن البطل الأولمبي أيوب صنع تتويجه بإمكانات تونسية عندما كان يتدرب في مسابح تونس قبل فوزه بذهبية طوكيو، وكان “صناعة تونسية صرفة”، بينما استفاد أسامة الملولي وأحمد الجوادي من انتقالهما إلى خارج تونس وتحديدا إلى الولايات المتحدة وفرنسا، وكان تدريبهما ومنافساتهما خارج تونس مؤثرا بشكل إيجابي على إنجازيهما الأولمبيين”.

وتاريخيا، فازت تونس بـ6 ميداليات ذهبية أولمبية في تاريخ مشاركاتها، كان نصفها لرياضة السباحة من خلال ذهبيتين لأسامة الملولي 2008 و2012 وثالثة لأيوب الحفناوي 2020.

شاركها.