4/8/2025–|آخر تحديث: 23:22 (توقيت مكة)
لم يؤمن محرز أبو عودة، مدرب اتحاد بيت حانون الرياضي، يوما بالدور الذي تزعم مراكز المساعدات الأميركية في غزة أنها تقوم به، والتي يظهر هدفها في تقديم المعونات الغذائية للفلسطينيين، بينما كان يراها وسيلة لقتلهم والإمعان في إذلالهم. وهو واقع أثبتته المعطيات على الأرض خلال الأسابيع الماضية.
لم يفكر أبو عودة (31 عاما) قط في التوجه إلى تلك المراكز، لكن وطأة التجويع المتزايدة في غزة أجبرته أخيرا على فعل ما كان يخالف قناعاته. فذهب إليها للمرة الأولى والأخيرة.
قرر محرز التوجه بشكل مفاجئ إلى ما تسمى نقطة زيكيم شمال قطاع غزة يوم 30 يوليو/تموز 2025، بعد أن أنهك الجوع طفلتيه الرضيعتين تالا وتولين.
ذهب محرز على أمل أن يعود لطفلتيه وأمهما بكيس من الطحين، لكنه عاد داخل كفن أبيض بعد إصابته برصاصة قناص إسرائيلي استقرت في قلبه وأدت إلى استشهاده على الفور.
عرفوه من قميصه الرياضي
قال شاهر أبو عودة، شقيق محرز، إنه كان يتناول ما تيسر من الطعام مع شقيقه ظهيرة ذلك اليوم، ولم يخبره مطلقا بنيته التوجه إلى تلك المراكز، خاصة وأنه كان يلوم بشدة من يفعل ذلك.
تلقى شاهر اتصالا من مجهول قال له: هل أنت شاهر، لاعب الكرة السابق وشقيق محرز؟ فأجاب: نعم.
حينها أخبره المتصل أن شقيقه مصاب بطلق ناري وهو في طريقه إلى عيادة الشيخ رضوان شمال غزة. وبعد لحظات تلقى اتصالا ثانيا من شخص آخر يؤكد نفس الخبر.
توجه شاهر مسرعا إلى العيادة، ليجد شقيقه محرز داخل كفن أبيض وقد أصيب برصاصة غادرة في قلبه، اخترقت قميصه الرياضي الأزرق الذي يحمل شعار نادي بيت حانون الرياضي.
وأضاف شاهر “كان شقيقي قلقا دائما على كل من يذهب إلى تلك المراكز، فقد عاد كثيرون منهم شهداء، وبعضهم أشلاء أو بإصابات خطيرة ومزمنة. لكنه في النهاية وعلى وقع الجوع اضطر للتوجه إلى تلك المراكز.. ذهب بملابسه الرياضية وبقميص ناديه الذي أحبه طوال حياته”.
نزوح ومعاناة
تعلق محرز بكرة القدم منذ الصغر، إذ نشأ في عائلة رياضية، وكان منزله يطل على الملعب البلدي في بيت حانون. ذلك المبنى المكون من 5 طوابق دمره جيش الاحتلال بالكامل في الشهر الثاني من الحرب.
نزح محرز مع عائلته من بيت حانون إلى جباليا بداية، ثم تكرر نزوحهم داخل مدينة غزة 11 مرة، قبل الانتقال إلى الجنوب، وتحديدا خان يونس، مع زوجته ووالده الذي ظل يرعاه حتى وفاته يوم 17 يوليو/تموز 2024.
اعتاش محرز قبل الحرب على راتب متواضع من نادي بيت حانون الرياضي، والذي توقف مع بداية العدوان، فذاق مرارة الجوع وضيق الحال إلى درجة أنه لم يتمكن من البدء بمشروع صغير مثل غيره من الرياضيين الذين تحول بعضهم إلى البيع عبر بسطات الشوارع.
من اللعب إلى التحكيم ثم التدريب
خلال مسيرته كلاعب، ارتدى محرز أبو عودة قميص فريقين فقط: شباب بيت حانون الأهلي واتحاد بيت حانون الرياضي.
بعد اعتزاله اللعب اتجه إلى التحكيم، وأدار عددا من مباريات دوري الدرجتين الثانية والثالثة بعد حصوله على شهادة تحكيم معتمدة من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
ثم انتقل إلى التدريب، فحصل على عدة دورات منحت له شهادة تدريب المستوى الأول (A) المعتمدة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ليعمل مساعد مدرب لاتحاد بيت حانون الرياضي، قبل أن يتولى المهمة كاملة كمدير فني للفريق.