|

لطالما امتلأت سجلات كرة القدم بالأساطير، لكن قليلين هم من نجحوا في أسر قلوب العالم كما فعل الغاني عبيدي أيو بيليه.

بمهاراته المذهلة، ورؤيته الثاقبة، وشخصيته القيادية، جسّد عبيدي رحلة أسطورية جعلت منه أيقونة خالدة ليس في أفريقيا فحسب؛ بل في تاريخ اللعبة بأسرها.

من ملاعب دوم المتربة في غانا إلى أمجاد دوري أبطال أوروبا مع أولمبيك مارسيليا، كتب “المايسترو” عبيدي بيليه فصلا فريدا في قصة الساحرة المستديرة.

إبداع من رحم الفقر

وُلِد عبيدي بيليه في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1964 في دوم بغانا، ونشأ في أسرة متواضعة حيث كانت كرة القدم المتنفس الأجمل، وفي طفولته لعب حافي القدمين مستخدما كرات مصنوعة من جوارب وأكياس بلاستيكية، وسرعان ما لفتت موهبته الأنظار.

متأثرا بالأسطورة البرازيلية بيليه، تبنى اسمه، ليصبح لاحقا رمزا لعظمة الكرة الأفريقية، إذ انطلق مساره الاحترافي مع ريال تامالي يونايتد، وبدأت ملامح أسطورة قيد التشكل.

الصعود نحو المجد

شكّل انضمام عبيدي إلى منتخب غانا في الثمانينيات نقطة تحوّل كبيرة في مسيرته، حيث أظهر قدرته الفريدة على التحكم في رتم المباريات وصناعة الفارق.

في عام 1982، أحرز عبيدي لقب كأس الأمم الأفريقية مع “النجوم السوداء”، بعدها، بدأ رحلته خارج القارة، بداية مع السد القطري، ثم زيورخ السويسري، إلى أن جاءت محطة المجد الأبرز: أولمبيك مارسيليا الفرنسي.

سنوات مارسيليا الذهبية

في مرسيليا، لمع نجم عبيدي بيليه ليصبح قائدا لفريق صنع التاريخ، فقاد النادي الفرنسي للتتويج بـ4 ألقاب دوري متتالية (1989-1992)، وصولا إلى التتويج بدوري أبطال أوروبا عام 1993، رغم غيابه عن النهائي بسبب الإيقاف.

جمعته شراكات رائعة مع جان بيير بابان وكريس وادل، بينما أذهل العالم بقدرته على ضبط إيقاع المباريات، واستحق لقب “المايسترو” عن جدارة، ليتحول إلى رمز فني وجماهيري في الكرة الأوروبية.

بطل أفريقيا وسفيرها

لم يتوقف تأثير عبيدي عند الأندية، بل امتد ليكون حامل راية كرة القدم الأفريقية عالميًا، فمع منتخب غانا، حصد لقب أمم أفريقيا 1982، وكان وصيفا في 1992، إلى جانب إنجازه الفريد بالفوز بجائزة أفضل لاعب في البطولة 3 مرات متتالية (1991، 1992، 1993)، ليفتح طريقا واسعا للأفارقة في أوروبا، ملهمًا أجيالًا حلمت بأن تسير على خطاه.

ولم تمر تلك المسيرة دون إنجازات فردية، إذ اختير عبيدي ثالث أفضل لاعب أفريقي في القرن العشرين حسب الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء، وضُمَّ إلى فريق “ماستركارد” لأفضل لاعبي القرن عام 1998.

اختير عبيدي ثالث أفضل لاعب أفريقي في القرن العشرين (غيتي)

كما احتل المركز التاسع في جائزة أفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” عام 1992، ودخل قائمة أعظم 100 لاعب حي في العالم التي أعلنها الأسطورة البرازيلية بيليه عام 2004، ومنحه “فيفا” وسام الاستحقاق عام 2007، ليعترف العالم كله بقيمة أسطورة خرجت من شوارع غانا لتسكن ذاكرة كرة القدم.

وبعد اعتزاله عام 2000، كرّس عبيدي حياته لتطوير اللعبة في أفريقيا فأسس أكاديمية نانيا لكرة القدم في غانا، ليصنع أجيالا جديدة تقتفي أثره، وقد تجلى إرثه العائلي في ابنيه أندريه وجوردان أيو، نجمي غانا اللذين يواصلان كتابة فصول المجد باسم عائلة أيو، التي توصف بـ”العائلة الأولى لكرة القدم الغانية”.

شاركها.
Exit mobile version