تونس- كان حارس مرمى النادي الأفريقي مختار النايلي يشارك مع فريقه في دورة ودية بالسودان، لكن مكالمة هاتفية غيرت مسيرته ومنحته الفرصة ليكتب التاريخ مع منتخب تونس في مونديال الأرجنتين 1978.
ويعد مختار النايلي واحدا من أشهر حراس المرمى التونسيين والعرب والأفارقة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
وبعد أكثر من 3 عقود من اعتزاله عانى النايلي (71 عاما) من متاعب صحية كانت أسبابها الأولى تفانيه في الذود عن مرمى النادي الأفريقي ومنتخب تونس.
وقضى النايلي مسيرته الكروية كاملة في النادي الأفريقي بين عامي 1970 و1987، قبل أن يتولى مهمة تدريب الحراس، سواء في فريقه الأم أو بمنتخب بلاده أو في أندية عربية أخرى مثل الهلال السعودي والعين الإماراتي.
مسيرة مذهلة ومونديال تاريخي
بدأت قصة مختار النايلي مع كرة القدم في عمر 15 عاما عندما انضم إلى فئة الناشئين في النادي الأفريقي، وبعد عامين صعد للفريق الأول ليخط مسيرة مذهلة حقق فيها الكثير من الألقاب.
ويقول النايلي “عندما صعدت للفريق الأول في النادي الأفريقي لم يكن سهلا الحصول على مكان بالتشكيلة في ظل وجود الحارس الأساسي الصادق ساسي (عتوقة) الذي كان يتمتع بشهرة واسعة ومكانة كبيرة في الأفريقي والمنتخب، لكن بعد سنوات حصلت على فرصة اللعب للمرة الأولى في 1972 وتوّجت بلقب الدوري التونسي في 3 مناسبات، إلى جانب الفوز بلقب الكأس والكأس المغاربية”.
ورغم أن مسيرته مع الأفريقي شهدت الكثير من الإنجازات فإن مختار النايلي شهد أوج شهرته عندما خاض مع المنتخب التونسي نهائيات كأس العالم 1978 في الأرجنتين، وساهم في تحقيق نسور قرطاج نتائج لم يسبق حتى ذلك الوقت لأي منتخب عربي أو أفريقي تحقيقها.
وخاض النايلي 3 مباريات أساسيا في مونديال الأرجنتين، وساهم في الفوز على المكسيك (3-1)، وهو أول انتصار لمنتخب عربي وأفريقي في النهائيات، ثم تعادل مع المنتخب الألماني حامل اللقب في ذلك الوقت (0-0)، قبل الخسارة أمام بولندا (1-0).
مسيرة مختار النايلي🇹🇳 في كأس العالم
3 مباريات (1978) 🎮
استقبل 2 ⚽️
16 تصدي-> 8 من داخل المنطقة 🧤
89% نسبة النجاح في التصديات 👌🏻
5,3 معدل التصديلقاء 📍
100% نسبة الخروج الموفق 🗻
11 تشتيت للكرة ⬆️
9 كرات طويلة ناجحةلقاء 🔭
7,97 معدل تقييم سوفاسكور 📈@FTF_OFFICIELLE pic.twitter.com/ZRULc4BamN— SofascoreAR (@SofascoreARB) November 15, 2022
ويسترجع مختار النايلي ذكريات مسيرته اللافتة مع منتخب بلاده قائلا “قبل شهرين من انطلاق كأس العالم (الأرجنتين 1978) لم أشارك في أي مباراة دولية، كنت آنذاك مع فريقي النادي الأفريقي بصدد خوض دورة ودية يستضيفها الهلال السوداني، لكن مسؤولا بالفريق أعلمني أني سأغادر المعسكر للانضمام إلى منتخب تونس الذي كان يستعد للمشاركة في المونديال”.
ويضيف النايلي “لم أتوقع أن أكون حارسا للمنتخب نظرا لوجود الصادق ساسي عتوقة، وهو حارس كبير وذو خبرة، لكن المدرب عبد المجيد الشتالي منحني الفرصة خلافا لكل التوقعات، لقد كانت مشاركتي في المونديال والمشوار المذهل لتونس أفضل محطات مسيرتي الكروية”.
واستمرت مسيرة النايلي مع تونس عندما نال ثقة مدربه طوال المشاركة في كأس العالم، وخاض مباراتي ألمانيا ثم بولندا.
وكشف النايلي أن بعثة منتخب تونس حظيت باستقبال كبير من الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، وحصل اللاعبون على منحة مالية في ذلك الوقت قدرها ما يقارب 3 آلاف دينار (ألف دولار).
متاعب صحية ونكران
وبعد سنوات طويلة من الاعتزال عاش مختار النايلي متاعب صحية وخضع لعمليتين جراحيتين في ساقيه.
وفي 2022 مر الحارس الأسطورة بأزمة صحية حادة أثارت القلق بين أفراد أسرته والمقربين منه، كما أثار حملة تعاطف واسعة إزاء حالته الصحية ومعاناته على مستوى ركبتيه، فضلا عن عدم قدرته على توفير تكاليف الخضوع لعمليتين جراحيتين.
ويقول النايلي “بعد اعتزال كرة القدم توليت تدريب حراس النادي الأفريقي لمدة سنوات، لكني تعرضت للجحود من مسؤولي فريقي، في السنوات الماضية وجدت نفسي في وضع صحي واجتماعي صعب، وعندما خضعت لجراحتين لم أجد سوى رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء الذي تكفل بنفقات الجراحة والعلاج لأتجاوز تلك المحنة الصحية الخطيرة”.
وأضاف أن جمعية قدماء لاعبي المنتخب التونسي وجمعية قدماء لاعبي الأفريقي ساندتاه خلال معاناته الصحية.
وبنبرة فيها الكثير من الحسرة يقول النايلي “أفنيت حياتي داخل الأفريقي، وكنت مساهما في الكثير من الألقاب والإنجازات، ولكن بعد الاعتزال وجدت الكثير من التجاهل والجحود حتى أني دفعت يوما ثمن تذكرة الدخل لمتابعة تدريبات الفريق”.
وأقر النايلي بأنه تعرض للاستبعاد من النادي من قبل المدير الرياضي السابق منتصر الوحيشي في 2016 عندما كان يتولى مهمة تدريب حراس المرمى.
وقال “لم أفهم دوافع الاستغناء عني من الجهاز الفني للأفريقي، كان ذلك شكلا من أشكال الجحود رغم المشوار الذي خضته في الذود عن ألوان النادي طوال عقود، للأسف هذا ما نجنيه نحن اللاعبون في نهاية مشوارنا”.
لكنه يستدرك “لم أتمسح على أعتاب المسؤولين للعودة إلى مهمتي في تدريب الحراس، تكفيني مسيرتي الكروية الكبيرة، والآن أعيش حياة عادية وأتقاضى أجرة التقاعد (المعاش) من عملي السابق في شركة طيران الخطوط التونسية”.
وكان مختار النايلي ساهم في تتويج منتخب تونس بكأس أمم أفريقيا 2004 عندما تولى في ذلك الوقت منصب مدرب للحراس في الجهاز الفني الذي كان يقوده الفرنسي روجيه لومير.
ودرب النايلي حراس مرمى منتخب تونس بين 2003 و2008، وكان ضمن الجهاز الفني لنسور قرطاج في كأس العالم 2006 في ألمانيا.