سخر أندي كيسلر كاتب العمود بصحيفة “وول ستريت جورنال” من ردود الفعل في الدوائر السياسية والأكاديمية والشعبية على قرارات رفع الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة وبقية دول العالم.
وقال الكاتب إن الكل يرفع الراية البيضاء خاضعا للأمر الواقع، بدءًا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأنصار الحزب الديمقراطي إلى شركات المحاماة والجامعات داخل الولايات المتحدة.
وأضاف أن البيت الأبيض يدّعي أن هواتفه لا تكاد تتوقف عن الرنين مع الدول التي “استسلمت” للرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب، في حين تراجع أداء سوق السندات وبيعت الأسهم، إلى أن طوى الرئيس صفحة الخلافات وأوقف مؤقتا سريان معظمها.
وتوقع الكاتب أن تستمر نزعة الاستسلام حتى تتحسن المعنويات. ومن الأمثلة التي أوردها أن ترامب رضخ إلى تيم كوك رئيس شركة آبل، فأعفى بشكل مفاجئ الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب وبعض الأجهزة الإلكترونية الأخرى الواردة من الصين من رسومه الجمركية.
وتنازلت إدارة ترامب على ما يبدو -وفق الكاتب- عن نهجها القائم على عدم التدخل في العملات الرقمية، وهو ما كان كثير من المستثمرين سيصطلون بناره في نهاية المطاف.
فقد أثار إطلاق الرئيس الأميركي عملة تعرف باسم “دولار ترامب” ($Trump) ردود فعل واسعة، وحققت أرباحا خيالية خلال أيام من إطلاقها إذ بلغت قيمتها السوقية أكثر من 10 مليارات دولار.
وأشار كاتب العمود إلى الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب بخصوص قوة تدفق المياه من الدُّش في الحمامات الأميركية -التي ألغى بموجبها القيود المفروضة سابقا على قوة تدفق المياه من رؤوس الدُّش- والسياسات المتعلقة بالسيارات الكهربائية، قائلا إنها قوبلت باحتجاجات جماهيرية رافضة.
وذكر أن هناك المزيد من الاحتجاجات ضد وزارة الكفاءة الحكومية التي يقودها الملياردير إيلون ماسك.
لكن الكاتب انتقد تلك المظاهرات، وقال إنه لا يفهم رفض المحتجين لتلك القرارات إلا إذا كانوا يؤيدون هدر المياه وعدم الكفاءة. وتابع ساخرا أن الاحتجاج على كل شيء احتجاج على لا شيء.
وقال أيضا إن شركات المحاماة الكبرى بالولايات المتحدة رضخت هي الأخرى لسياسات إدارة ترامب وامتنعت عن التصدي لتهديد الرئيس باتخاذ إجراءات عقابية ضدها “فانطوت مثل كرسي قابل للطي”.
والأمر نفسه ينطبق على رابطة اللبلاب التي ينضوي تحت لوائها أشهر 8 جامعات أميركية شمال الساحل الشرقي للولايات المتحدة -حسب كيسلر- الذي وصف انصياع جامعة كولومبيا لإدارة ترامب بالأمر المذهل، وذلك بعد تهديدها بقطع التمويل الفدرالي إذا استمر مسؤولوها في مناصرة احتجاجات الطلاب المنددة بالحرب الإسرائيلية على غزة.
الاستسلام التام هو الفردوس بالنسبة لشخص، مثل ترامب، يعمل في مجال العقارات كان أسيرا طوال حياته لأهواء المصرفيين، الذين طوقوه بمحاذير وشروط جعلته يشعر بأنه محاصر، وهو الآن يملي على الجميع ما يجب عليهم فعله حتى يرضخوا له.
وحتى جامعة هارفارد التي تقاوم قرارات ترامب في الوقت الراهن مهددة بفقدان امتياز الإعفاء من دفع الضرائب، مما يعني -حسب توقع كاتب المقال- أن تنصاع كذلك في نهاية المطاف.
ووفقا للكاتب، فإن الاستسلام التام هو الفردوس بالنسبة لشخص مثل ترامب يعمل في مجال العقارات كان أسيرا طوال حياته لأهواء المصرفيين الذين طوقوه بمحاذير وشروط جعلته يشعر بأنه محاصر، وهو الآن يملي على الجميع ما يجب عليهم فعله حتى يرضخوا له.
غير أن الجهة الوحيدة التي لم تخضع بعد لترامب هي الصين، كما يؤكد كاتب المقال الذي قال إنه سيعتبر فورة الرسوم الجمركية بأكملها فاشلة ما لم يتنازل أحد الطرفين أولا عن موقفه منها.