ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولون في إدارته إلى أنهم قد يفكرون في سحب الجنسية الأميركية من زهران ممداني المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك.

وفي سياق منفصل، قال ترامب إن مساعده السابق إيلون ماسك قد يضطر إلى “إغلاق أعماله والعودة إلى جنوب أفريقيا”، وسط خلاف بشأن الإعفاءات الضريبية ومشروع قانون الإنفاق الذي تم تمريره بصعوبة.

لكن، هل تملك إدارة ترامب السلطة القانونية لسحب الجنسية من ممداني وماسك، وكلاهما مولود في الخارج ومجنس بالجنسية الأميركية؟

ما الحالة القانونية لممداني وماسك؟

وُلد ممداني (33 عاما) في العاصمة الأوغندية كمبالا لأبوين من أصل هندي، وانتقل إلى نيويورك في سن السابعة، وأصبح مواطنا أميركيا مجنسا في عام 2018.

ترامب هدد بسحب الجنسية من إيلون ماسك والسياسي الديمقراطي زهران ممداني (رويترز)

أما ماسك فقد وُلد عام 1971 في بريتوريا بجنوب أفريقيا لأم كندية وأب جنوب أفريقي، انتقل إلى كندا في سن الـ17، وهو يحمل جنسيتها أيضا.

وفي عام 1992 انتقل إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعة بنسلفانيا، وأصبح مواطنا أميركيا مجنسا في عام 2002، وفقا لسيرة ذاتية كتبها الصحفي والتر إيزاكسون عام 2023.

في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أفادت صحيفة واشنطن بوست بأن ماسك بدأ مسيرته المهنية في الولايات المتحدة دون تصريح عمل مناسب، لكن ماسك نفى ذلك، وكتب على منصة إكس “كنت أملك تصريحا للعمل في الولايات المتحدة”، موضحا أنه بدأ بتأشيرة “جيه-1″، ثم انتقل إلى تأشيرة “إتش- 1بي”.

ماذا قالت إدارة ترامب عن ممداني؟

كتب آندي أوغلز النائب الجمهوري عن ولاية تينيسي إلى المدعية العامة بام بوندي في 26 يونيو/حزيران الماضي طالبا من وزارة العدل التحقيق فيما إذا كان ينبغي إخضاع ممداني لإجراءات سحب الجنسية.

وكتب أوغلز على صفحته في إكس “زهران (محمد الصغير) ممداني هو معادٍ للسامية، اشتراكي، شيوعي، سيدمر مدينة نيويورك العظيمة، يجب ترحيله، ولهذا أطالب بإخضاعه لإجراءات سحب الجنسية”.

هناك العديد من العقبات القانونية التي تحول دون سحب الأجنبية الأميركية (الأوروبية)

واستند أوغلز إلى تقارير تفيد بأن ممداني عبر عن تضامنه مع “أشخاص أدينوا بجرائم تتعلق بالإرهاب قبل حصوله على الجنسية الأميركية”، مشيرا إلى أنه ردد في إحدى أغانيه “حرروا الخمسة من مؤسسة الأرض المقدسة/ هؤلاء رجالي”.

وأضاف أن ممداني رفض مؤخرا إدانة شعار “عولمة الانتفاضة” الذي يُنظر إليه على أنه دعوة لتوسيع الهجمات العنيفة ضد المدنيين في الولايات المتحدة والعالم.

كما تعهد ممداني بمنع عملاء إدارة الهجرة والجمارك المقنعين من ترحيل “جيراننا”، وعندما سُئل ترامب عن ذلك قال “إذا منعهم فسوف نعتقله”.

وأضاف “لا نحتاج إلى شيوعي في هذا البلد، ولكن إذا كان لدينا واحد فسأراقبه عن كثب نيابة عن الأمة”.

كيف رد ممداني؟

نشر ممداني بيانا على حسابه في إكس قال فيه “رئيس الولايات المتحدة هددني بالاعتقال وسحب الجنسية والاحتجاز والترحيل، ليس لأنني خالفت القانون، بل لأنني أرفض السماح لإدارة الهجرة والجمارك بترهيب مدينتنا”.

ووصف إشادة ترامب بعمدة نيويورك الحالي إريك آدامز بأنها “غير مفاجئة”، مضيفا أن الناخبين سيرفضون هذا الخطاب في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ماذا قالت إدارة ترامب عن إيلون ماسك؟

رغم أن ماسك كان في السابق مساعدا رئيسيا لترامب ومتبرعا كبيرا لحملته فإن “مشروع القانون الكبير والجميل” الذي أقره مجلس الشيوخ تسبب في خلاف علني بينهما.

وينهي القانون الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية بقيمة تصل إلى 7500 دولار بدءا من 30 سبتمبر/أيلول المقبل، مما قد يؤثر على مبيعات تسلا.

وكتب ترامب على تروث سوشيال “بدون الدعم سيتعين على إيلون إغلاق أعماله والعودة إلى جنوب أفريقيا، لا مزيد من الصواريخ أو السيارات الكهربائية، وسنوفر ثروة”.

هل يمكن قانونا سحب الجنسية من ممداني أو ماسك؟

نظريا، يمكن سحب الجنسية الأميركية المجنسة في حالات محددة، مثل:

– ارتكاب جرائم كبرى مثل الإرهاب أو جرائم الحرب أو الاحتيال في طلب التجنيس.

– الانضمام إلى جيش أجنبي أو الترشح لمنصب في حكومة أجنبية.

– إخفاء معلومات جوهرية أثناء عملية التجنيس.

لكن خبراء قانونيين يرون أن ذلك “غير مرجح” في حالة ماسك أو ممداني ما لم تُثبت الحكومة وجود احتيال مادي في طلباتهما الأصلية.

ما هو تاريخ سحب الجنسية في الولايات المتحدة؟

سحبت الولايات المتحدة الجنسية من مواطنين مجنسين في مناسبات مختلفة على مدار العقود الماضية.

وكانت حالات سحب الجنسية أكثر شيوعا خلال النصف الأول من القرن الـ20 أثناء الحربين العالميتين، ولاحقا خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي.

ووفقا لعالم السياسة باتريك ويل مؤلف كتاب “المواطن السيادي” الصادر عام 2017، فقد تم سحب الجنسية من مئات الأشخاص سنويا بين عامي 1926 ومنتصف الأربعينيات.

وكثفت الحكومة الأميركية محاولاتها لسحب الجنسية خلال فترتي “الذعر الأحمر” بين عامي 1917 و1920، ثم بين 1947 و1957 عندما كان الخوف من الشيوعية في أوجه داخل الولايات المتحدة، وخلال تلك الفترات كان من الصعب جدا الحصول على الجنسية الأميركية بالتجنس.

وشملت قائمة من سُحبت منهم الجنسية آنذاك شيوعيين ومتعاطفين مع النازية، ومن بين أبرز الحالات:

– إيما غولدمان: ناشطة وُلدت في ليتوانيا التي كانت آنذاك جزءا من الإمبراطورية الروسية، هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 1885، وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عارضت تدخل الولايات المتحدة والتجنيد الإجباري، فتم سجنها عام 1917 لمدة عامين في سجن ولاية ميزوري.

زهران ممداني أثناء حديثه خلال حفل متابعة نتائج انتخابات ترشحه عن الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك (رويترز)

وعند إطلاق سراحها كانت موجة الهلع من الشيوعية قد تصاعدت، وفي عام 1919 تم سحب جنسيتها وترحيلها إلى روسيا السوفياتية.

– بول كناور: وُلد في ألمانيا ووصل إلى الولايات المتحدة عام 1925، وأصبح مواطنا أميركيا عام 1937، وفي عام 1946 تم سحب جنسيته لأنه أخفى انتماءه إلى “رابطة الألمان الأميركيين”، وهي منظمة اعتُبرت مروجة للدعاية النازية.

في عام 1967 تباطأت وتيرة سحب الجنسية بعد أن قضت المحكمة العليا الأميركية بأنه لا يمكن حرمان أي مواطن أميركي من جنسيته قسرا إلا إذا ثبت أنه حصل عليها عن طريق الاحتيال أو ارتكب جرائم جسيمة.

وجاء هذا الحكم في نهاية قضية تتعلق ببايس أفرويم الذي وُلد في الولايات المتحدة وأصبح مواطنا أميركيا مجنسا عام 1926، حاولت الحكومة الأميركية سحب جنسيته لأنه صوّت في انتخابات تشريعية إسرائيلية عام 1951.

وبهذا الحكم ألغت المحكمة العليا قانونا فدراليا أميركيا كان ينص على إمكانية فقدان الجنسية الأميركية إذا شارك المواطن في انتخابات أجنبية.

شاركها.
Exit mobile version