Published On 7/9/2025
|
آخر تحديث: 13:45 (توقيت مكة)
أحدث التعيين المرتقب للواء دافيد زيني رئيسا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) عاصفة سياسية وإعلامية في إسرائيل، ليس فقط بسبب شخصيته المثيرة للجدل، بل أيضا لما يمثله من انعكاس لتحولات أعمق في طبيعة دولة الاحتلال ومؤسساتها الأمنية.
وقد أفردت صحيفة هآرتس مقالين تناولا جانبا من شخصية زيني والبيئة التي نشأ فيها. واعتبر الكاتب اليساري جدعون ليفي أن تعيين زيني على رأس جهاز المخابرات يجعل الدم يتجمد في العروق، واصفا إياه بأنه مسياني من أب مسياني.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
وقال ليفي إن الفلسطينيين في نظر زيني “أعداء للقدوس تبارك اسمه” والحرب معهم أبدية، كما أن هذا الرجل نشأ على مسيرة تراوح بين عقيدة باروخ غولدشتاين (مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994) وتعاليم الحاخام المتطرف تسفي تاو.
وأضاف أنه عندما يكون التدين “الظلامي” هو المحرك، ويكون الجيش والشاباك هما الأدوات، فالنتيجة تصبح مقلقة، لافتا إلى أن مزج النزعة الدينية المتقدة مع “الاستبداد القومي الجنوني المتعجرف” ينتج فاشية جامحة، ومحذرا من أن أشخاصا مثل زيني سيفعلون كل شيء باسم هذين الدّافعين.
ليفي: لا فرق بين زيني وغيره من مديري الشاباك.. فالجديد معه هو أنه لا يتستّر على فاشيته الدينية، بل يجاهر بها
الشباك هو هو
ويذكّر جدعون ليفي، في مقاله اللاذع، الليبراليين بأن مشكلتهم ليست مع طبيعة الشاباك، بل مع صورته.
فكلما وُجد على رأسه قادة “ليبراليون” -من أمثال نداف أرغمان أو رونين بار– لم يُثر ذلك قلقا، رغم أنهم مارسوا بحق الفلسطينيين سياسات الاعتقال والتعذيب والاغتيال ذاتها. والجديد مع زيني أنه لا يتستّر على فاشيته الدينية، بل يجاهر بها، كما ورد في مقاله.
وفي مقال آخر، تقول هآرتس إن زيني درج على تبجيل التطرف الديني، معتبرا المسيانية (وهي معتقد يهودي يؤمن أصحابه بعودة يشوع المخلص في آخر الزمان) ليست كلمة “قذرة”.
كما أنه يعارض إنهاء الحرب في قطاع غزة، ويؤمن بأن الصراع ليس نزاعا سياسيا قابلا للحل، بل معركة وجودية مقدسة، استنادا إلى الرواية التوراتية.
ولذلك، ترى الصحيفة أنه ليس من المفاجئ أن يكون زيني هو الضابط الوحيد في هيئة أركان الجيش الذي تبنّى شعار “النصر التام”، الذي أطلقه رئيس الوزراء بنيامين نتنيياهو، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ووفقا للمقال، فإن زيني يرفض أي إنهاء للحرب على قطاع غزة، ويرى أن الصراع أزلي. وفي خطاباته، يساوي بين الفلسطينيين المعاصرين والفلسطينيين القدماء الذين سعوا إلى تدمير “مملكة إسرائيل”.
كما يرتبط بعلاقة مصاهرة مع الحاخام أليعزر كاشتيل، الذي يؤمن بأن غزو الأرض واجب حتى لو قوبل الإسرائيليون بالزهور ورسائل الحب. وتمثل هذه المقولة أيديولوجية متجذرة يرتبط بها زيني، وهي تعكس إيمانا راسخا بالغزو الاستباقي المفروض دينيا، لا حربا دفاعية.
الضباط في الجيش الإسرائيلي الذين زاملوه على مدى سنوات، هم أكثر الناس معرفة به وأشدهم قلقا من تعيينه
وتفيد هآرتس بأن كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي الذين زاملوا زيني على مدى سنوات، هم أكثر الناس معرفة به وأشدهم قلقا من تعيينه.
فقد نعته بعضهم -الحاليين منهم والسابقين- بأوصاف مشابهة من قبيل أنه “مفكر متزمت يميل إلى رؤية الأمور بالأبيض والأسود، وعلى اقتناع بأن كل مشكلة يمكن حلها بالقوة”.
وتساءل هؤلاء “ماذا سيفعل شخص يعتبر الفلسطينيين تهديدا وجوديا إلهيا لإسرائيل حين يمتلك هذه السلطة؟ ويروا أن هذا السؤال يرتبط مباشرة بين موقفه المعروف من الفلسطينيين والقوة الهائلة التي سيمتلكها رئيسا للشاباك، الجهاز الذي يتمتع بسلطة الاعتقالات الإدارية وشبكات الاستخبارات.
ليفي: هدف الشاباك الذي يعمل من أجله هو تكريس الاحتلال والفصل العنصري والتهجير والتهويد عبر الاستجوابات والابتزاز والاغتيالات والاختطافات الجماعية، التي تسمى في إسرائيل بالاعتقالات، وزيني هو أنسب شخص للقيام بذلك
وفي نظر الكاتب اليساري جدعون ليفي، فإن هدف الشاباك الذي يعمل من أجله هو تكريس الاحتلال والفصل العنصري والتهجير والتهويد عبر الاستجوابات والابتزاز والاغتيالات والاختطافات الجماعية التي تسمى في إسرائيل “اعتقالات”، لذا، فإن الكاتب يرى أن زيني هو أنسب من يقوم بهذه المهمة.
ويؤكد أن عالم زيني الخيالي المرعب ظل موجودا بين الإسرائيليين منذ أمد طويل، ولكن عندما لا تكون له مظاهر دينية أو تنفيذ لأوامر الرب، فإن الإسرائيليين لا يلقون لمثل هذا العالم بالاً.
غير أن ليفي بدا غير متفائل، حيث قال إن الإسرائيليين ربما يستيقظون أخيرا حين يرون أن العالم الخيالي المرعب يُطبق باسم الرب، مستشهدا في ذلك بتصريح لوزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي “يتباهى بهدم برج (السوسي) السكني في مدينة غزة ويتوعد بفتح أبواب الجحيم”، واصفا إياه بأنه “شخصية بائسة” في برنامج ساخر تلفزيوني في أحسن الأحوال.