يُعرف الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جاي ميونغ، بتوجهاته اليسارية التي رافقته على مدى مسيرته السياسية، وهو ما انعكس على مواقفه الإيجابية تجاه كل من الصين وكوريا الشمالية، وموقفه المتحفظ تجاه الولايات المتحدة.

وقد أثارت بعض تصريحاته السابقة جدلاً، من بينها وصفه للوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية، بأنه «احتلال»، إلى جانب إشارته إلى أن من حق الصين اتخاذ قراراتها بشأن تايوان.

كما أُثيرت حول ميونغ شبهات تتعلق بتحويل مبلغ يُقدر بثمانية ملايين دولار إلى كوريا الشمالية أثناء توليه منصب حاكم مقاطعة جيونغي، وهي تهمة أُدين بها بالفعل نائبه في تلك الفترة.

رغبة سياسية

وعلى الرغم من ذلك، فإن ميونغ عبّر خلال حملته الانتخابية الأخيرة عن دعمه للتحالف مع الولايات المتحدة، وأشاد بالتعاون الأمني الثلاثي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان، ما دفع بعض المراقبين الأميركيين إلى وصفه بأنه «براغماتي» ووسطي التوجه.

لكن هذا التفاؤل قد يكون انعكاساً لرغبة سياسية أكثر منه قراءة دقيقة لمواقفه الحقيقية، حيث سبق أن طُرحت توقعات مشابهة حول زعماء سياسيين، على أنهم إصلاحيون قبل أن تُثبت التجربة عكس ذلك، ومن هذا المنظور يرى البعض أن خطاب ميونغ في الحملة الانتخابية قد لا يكون مؤشراً دقيقاً على سياساته الفعلية.

الحزب الواحد

ومن بين المؤشرات التي تثير القلق لدى بعض المراقبين تعيين ميونع، لكيم مين سوك رئيساً للوزراء، وهو شخصية ذات ماضٍ مثير للجدل، حيث كان من الطلاب الناشطين المتشددين في ثمانينات القرن الماضي، وشارك في احتجاجات مناهضة للولايات المتحدة أدت إلى سجنه. كما أنه رُفض منحه تأشيرة دخول أميركية في إحدى المرات بسبب مواقفه، ويقال إنه اتهم الولايات المتحدة بالمسؤولية عن جائحة «كورونا».

يُشار إلى أن أن حزب الرئيس ميونغ، «الحزب الديمقراطي»، يسيطر على الأغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان)، وهو ما يمنحه قدرة واسعة على تنفيذ أجنداته السياسية، من ضمنها إصلاحات دستورية وقضائية قد تشمل تشكيل المحكمة العليا.

ويدعو ميونغ إلى «إصلاح النظام الديمقراطي» وتوحيد الشعب، لكن منتقديه يرون في هذه الدعوات تمهيداً لترسيخ سلطة الحزب الواحد، وربما تكون تقارباً أوثق مع الصين وكوريا الشمالية وروسيا.

ويخشى بعض المراقبين من أن هذا التحول قد يُفضي إلى تآكل التحالف التاريخي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، لاسيما إذا ساد في كوريا الجنوبية تيار سياسي يرى في واشنطن خصماً، ويفضل التعاون مع منافسيها الاستراتيجيين.

واقع سياسي جديد

ورغم هذه المخاوف أكد البيت الأبيض التزامه بالتحالف بين البلدين، واصفاً الانتخابات الأخيرة بأنها «حرة ونزيهة»، مع الإعراب عن قلقه من التدخل الصيني في العمليات الديمقراطية.

في المقابل، أشار نشطاء كوريون جنوبيون إلى وجود مخالفات انتخابية، كما حدث في انتخابات سابقة، لكنهم لم يلقوا اهتماماً كافياً من الجهات الأميركية أو الصحافة الأجنبية، التي تعاملت مع هذه المزاعم على أنها نظريات لا أساس لها.

في ظل هذا المشهد المعقد، قد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام واقع سياسي جديد في كوريا الجنوبية، التي كانت تُعد أحد أبرز حلفائها في المنطقة، بينما تواجه تحديات متزايدة من الصين في شمال شرق آسيا. وإذا كانت واشنطن حريصة على الحفاظ على هذا التحالف، فقد يكون من الضروري إعادة النظر في استراتيجيتها لدعم التعددية السياسية والمؤسسات الديمقراطية في كوريا الجنوبية، مع السعي لضمان بقاء العلاقات على أسس راسخة ومستقرة. عن «آسيا تايمز»

• الولايات المتحدة قد تجد نفسها أمام واقع سياسي جديد في كوريا الجنوبية التي كانت تُعد أحد أبرز حلفائها في شمال شرق آسيا.

• منتقدو ميونغ يعتبرون دعوته إلى «إصلاح النظام الديمقراطي»، وتوحيد الشعب تمهيداً لترسيخ سلطة الحزب الواحد.

شاركها.