قد تكون ميغان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، قد وجهت من مقر إقامتها في مونتيسيتو الأميركية، إشارة اعتبرها البعض إهانة مبطنة ومباشرة في الوقت نفسه للملكة كاميلا، ففي الأيام الأخيرة أعلنت دوقة ساسكس برفقة زوجها عن مجموعة من المشروعات الجديدة، حيث تشارك شركتهما الإنتاجية «آرتشويل برودكشنز» في عملين بارزين: الأول فيلم كوميدي رومانسي من إنتاج «نتفليكس»، والثاني فيلم وثائقي جديد من المقرر عرضه للمرة الأولى في مهرجان «ساندانس» السينمائي.
وكنت قد عبّرت سابقاً عن رأيي بأن هذين المشروعين لا يمثلان خياراً موفقاً لأفراد سبق لهم الانتماء إلى العائلة المالكة في بريطانيا، إلا أن التعمق أكثر في تفاصيل العملين يكشف أنهما قد يحملان في طياتهما خطر توجيه انتقادات علنية وغير مباشرة للمؤسسة الملكية في المملكة المتحدة.
لنبدأ أولاً بالفيلم الوثائقي المقرر عرضه خلال العام المقبل، حيث يتناول هذا العمل قصة مجموعة من فتيات الكشافة، وهي منظمة كانت ميغان نفسها عضوة فيها خلال طفولتها، حيث يسلط الضوء على تنافس هؤلاء الفتيات في بيع البسكويت في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، ويعد هذا النشاط تجارة كبيرة تصل قيمتها إلى نحو 800 مليون دولار، ما يجعل المنافسة شديدة بين الفتيات الصغيرات لتحقيق أعلى نسب مبيعات.
هذا التنافس مفهوم في سياقه، غير أن الإشكالية الحقيقية تكمن في عنوان الفيلم ذاته، إذ يحمل اسم «ملكات الكعك»، وقد انضم هاري وميغان إلى هذا المشروع في مراحله المتأخرة بعد أن كان الجزء الأكبر منه قد أُنجز بالفعل، ما يرجح أن اختيار العنوان تم قبل مشاركتهما.
ويعود استخدام لقب «ملكة الكعك» إلى عام 1985 على الأقل، عندما حققت فتاة الكشافة إليزابيث برينتون رقماً قياسياً ببيعها 18 ألف علبة كعك في عام واحد، ثم تجاوزت حاجز 100 ألف علبة خلال مسيرتها في الحركة، وفي وقت لاحق حطمت ليلي بامبوس هذا الرقم ببيعها 32.4 ألف علبة في عام 2021، لتحمل لقب «الملكة» الحالي.
ومع ذلك، نجحت ميغان في أن تجعل المشروع يبدو كأنه يتمحور حولها شخصياً، حيث تحول التركيز تدريجياً من فتيات الكشافة وقصصهن إلى هاري وميغان نفسيهما، فقد قالت ميغان في بيان رسمي: «بصفتي مرشدة سابقة في حركة فتيات الكشافة، وكانت والدتي قائدة فرقتي، فإن لدي ارتباطاً شخصياً عميقاً بهذا الفيلم، وأنا فخورة بأن جميع نقاشاتنا وتعاوننا قد أثمرت عن إنشاء شركة (آرتشويل برودكشنز)، التي تمكن فريقها الحائز على جوائز من إنتاج هذا الفيلم الوثائقي الأسري بصورة لا تصدق».
وفي أبريل 2025، نشرت ميغان صورة قديمة لها وهي ترتدي زي الكشافة، وعلّقت عليها بقولها: «ريادة الأعمال تبدأ في سن مبكرة، وبالمناسبة بعد كل هذه السنوات لاأزال أبيع الكعك»، وقد أثار هذا التعليق تساؤلات عديدة، حيث بدا كأن ميغان تلمح إلى نفسها على أنها «ملكة الكعك»، وقد يكون الأمر مجرد مصادفة، إلا أن البعض رآه تلميحاً ساخراً موجهاً إلى الملكة كاميلا، وكذلك إلى الأميرة كيت زوجة الأمير ويليام، التي يتوقع أن تصبح ملكة عند تولي ويليام العرش.
ولا يقتصر الجدل على الفيلم الوثائقي وحده، فميغان تخوض مغامرة أخرى لا تقل إثارة للانتباه، فقد تعاونت مؤسسة «آرتشويل» في إنتاج فيلم كوميدي رومانسي بعنوان «موعد الزفاف»، وهو عمل مقتبس من رواية الكاتبة جاسمين غيلوري، التي حققت مبيعات واسعة، وتكمن الإشكالية هنا في أن هذا الفيلم يعد الأول ضمن سلسلة أعمال، والرابع في حال تحويله إلى مسلسل يعرض على منصة «نتفليكس» تحت عنوان «عطلة ملكية».
وتدور أحداث الفيلم حول امرأة أميركية تسافر إلى المملكة المتحدة للعمل لدى العائلة المالكة، حيث تقع فيفيان (الشخصية الرئيسة) في حب مالكولم (الرجل الذي عمل لسنوات طويلة في خدمة الملكة)، ولا يسع المتابع إلا أن يلاحظ أوجه الشبه اللافتة بين هذه القصة وقصة الحب الحقيقية التي جمعت بين الأمير هاري وميغان ماركل، ما يفتح الباب أمام مزيد من التأويلات والانتقادات حول الرسائل التي تسعى هذه الأعمال إلى إيصالها.
جيس فيليبس*
*محرر في صحيفة «ديلي إكسبريس»
. ماركل نجحت في أن تجعل فيلم «ملكات الكعك» يبدو كأنه يتمحور حولها شخصياً.
