أوتاوا- تأتي قمة مجموعة السبع المقرر عقدها في ألبرتا بكندا خلال 15 و17 يونيو/حزيران الجاري، تزامنا مع مرور 50 عاما على إنشاء المجموعة التي تضم أكبر اقتصادات العالم، ولكن لا حديث عن الذكرى الـ50 بقدر ما ينصب التركيز على التوقعات من القمة الحالية في ظل العديد من التحديات العالمية.

ويرى مراقبون، أن منجزات المجموعة على المستويات السياسية والاقتصادية لا تزال دون المأمول مقارنة بعمرها الطويل نسبيا، مرجعين ذلك إلى أنها منتدى غير رسمي وأن قراراتها غير ملزمة، مما يجعل من الصعب مقارنة التعهدات بالتنفيذ الفعلي.

التقرير يحاول توضيح دور المجموعة، وماهية مؤتمرها، والمنجزات التي قدمتها.

  • متى تأسست المجموعة وما أبرز محطاتها التاريخية؟

وفقا للموقع الإلكتروني المخصص للدورة الحالية، فإن مجموعة السبع تأسست خلال اجتماعات عُقدت في سبعينيات القرن الماضي بين وزيري مالية فرنسا وألمانيا، قبل أن يترأس كل منهما بلاده خلال أزمة النفط العالمية آنذاك، التي أثّرت بشدة على أكبر اقتصادات العالم.

وعام 1975 شكّلت فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة مجموعة الدول الست لمناقشة سبل التصدي للمخاوف الاقتصادية الرئيسية التي أعقبت الأزمة، وانضمت كندا إلى المجموعة بعد عام واحد من تشكيلها فأصبحت تسمى مجموعة السبع.

وفي 1977، انضم رئيس المفوضية الأوروبية إلى المناقشات، وبدءًا من عام 1994، انضمت روسيا أيضا إلى المناقشات، وتم اعتماد عضويتها في 1998، وأصبحت تُعرف باسم مجموعة الثمانية “جي -8”.

في 2014، عُلِّقت عضوية روسيا إلى أجل غير مسمى بسبب ضمها شبه جزيرة القرم، فعاد مسمى المجموعة إلى ما كان عليه قبل انضمام روسيا.

ويعد الاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان-بحكم الواقع- العضو الثامن في مجموعة السبع؛ كونه يتمتع بجميع حقوق ومسؤوليات الأعضاء باستثناء رئاسة الاجتماعات أو استضافتها.

وتلتقي المجموعة بصفة سنوية لحضور قمة بدعوة من زعيم الدولة التي تترأس دورة ذلك العام، وتتناوب الدول الأعضاء على رئاسة المجموعة سنويا، باستثناء الاتحاد الأوروبي، ويقتصر دوره على الحضور.

وتستثني المجموعة الصين، رغم كونها قوة صناعية عالمية، بحجة أنها دون معيار حساب نصيب الفرد من ثروات البلاد.

مجموعة الدول السبع تنطلق في قمتها بكندا بمزيد من التحديات في ظل ما يجري في العالم (شترستوك)
  • ما صلاحيات الدولة المستضيفة؟

تتمتع الدولة الرئيسة بامتيازات وصلاحيات منها:

  • تصميم هيكل وتسلسل الاجتماعات التي تسبق القمة
  • تحديد أهداف القمة والقضايا المطروحة للنقاش
  • تحديد طريقة تفاعل مجموعة السبع مع المجتمع المدني ومنظمات الأعمال
  • تحديد ضيوف القمة والاجتماعات الأخرى ذات الصلة من خارج مجموعة السبع
  • ما أبرز إنجازات المجموعة منذ إنشائها؟

منذ إنشائها في أوائل السبعينيات، ناقشت المجموعة الأزمات المالية والأنظمة النقدية والأزمات العالمية الكبرى مثل نقص النفط، ومن أبرز إنجازاتها:

  • إطلاق مبادرة دعم 42 دولة فقيرة مثقلة بالديون عام 1996، جنبا إلى جنب مع مبادرة متعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون، وقد تعهدت المجموعة عام 2005 بإلغاء ديون المؤسسة الإنمائية الدولية للبلدان التي مرت ببرنامج “المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون”.
  • إنشاء صندوق دولي لمكافحة أمراض الإيدز والسل والملاريا، وتقول المجموعة، إنه أنقذ حياة نحو 27 مليون شخص منذ عام 2002.

وأدت المجموعة منذ إنشائها قبل 50 عاما، كما تقول، دورا محوريا في تعزيز السياسات الاقتصادية الدولية، والمناقشات في قضايا عالمية، والتزمت بدعم السلام والأمن الدوليين، لكن الطبيعة غير الرسمية للمجموعة التي لا تمتلك مقرا رسميا وأمانة عامة تتولى تنسيق مواقفها ومتابعة قراراتها تجعل من الصعب تقييم التنفيذ والالتزامات.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الباحث السياسي زهير الشاعر، إن مجموعة السبع رغم ما حققته من إنجازات خلال نصف قرن، تواجه اليوم انتقادات متصاعدة بسبب الفجوة الكبيرة بين ما تتعهد به وما تنفذه فعليًا.

ويضيف “المجموعة، التي تضم أغنى ما يُعرف بالديمقراطيات الصناعية في العالم، لطالما أطلقت وعودًا كبرى في ملفات معقّدة كالفقر، وتغير المناخ، والأمن الغذائي، والنزاعات الإقليمية، إلا أن هذه الوعود كثيرًا ما تبقى دون تنفيذ فعلي، أو تتحول إلى إجراءات جزئية لا ترقى إلى مستوى التحديات المطروحة”.

ويشير الشاعر إلى أن الفجوة تتضح خاصة في القضايا ذات الحساسية السياسية العالية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، أو الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، أو الملف النووي الإيراني، حيث تُقيد الاستجابة الجماعية للمجموعة بحسابات المصالح القومية والتوازنات الجيوسياسية المختلفة بين الدول الأعضاء.

وخلصت دراسة علمية بعنوان “كيف تراجع مجموعة السبع عملها في مجال التنمية.. دراسة حالة للمساءلة الداخلية”، أجراها الباحث الألماني روجر فيتشر إلى أن مجموعة الدول السبع أقل فعالية مما ينبغي في تنفيذ التزاماتها في ظل الظروف المتغيرة.

وتضيف الدراسة، أن العملية برمتها غير رسمية ولا تُفضي إلى نتائج ملزمة قانونا، وهذا يصعّب على الجهات المعنية الخارجية مقارنة أقوال المجموعة بسلوكها، ويعقد أيضا إجراء نقاش عقلاني في شرعية قرارات مجموعة الدول السبع.

  • ما العقبات التي تحول دون التنفيذ؟

توجد عدة عقبات رئيسية تعيق تنفيذ تعهدات المجموعة، يوجزها الشاعر في:

  • غياب الآليات الملزِمة، حيث تبقى قرارات المجموعة في إطار التوصيات غير الملزمة قانونيًا، ما يجعل التنفيذ خاضعًا لتقديرات كل دولة.
  • الخلافات بين الأعضاء، كالتي ظهرت بين كندا وأميركا أو بين الأخيرة وأوروبا، في ملفات محورية كالعلاقة مع الصين، وتمويل التحول الأخضر، والحروب الراهنة.
  • ازدواجية المعايير، حيث تُرفع شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية، بينما يتم التغاضي عن انتهاكات بعض الحلفاء، ما يضعف من مصداقية المجموعة.
  • تغير موازين القوى العالمية، مع صعود دول كالصين والهند والبرازيل، الأمر الذي يحد من قدرة المجموعة على فرض رؤيتها كما كانت في العقود الماضية.

  • ما القضايا الجوهرية في القمة ومن المشاركون؟

من المقرر أن تناقش القمة التي تنطلق الأحد 15 يونيو/حزيران في ألبرتا، وتستمر حتى الثلاثاء، موضوعات منها:

  • حماية المجتمعات وتعزيز السلام والأمن العادل والدائم في أوكرانيا وغيرها من مناطق الصراع في العالم
  • تعزيز أمن الطاقة وتسريع التحول الرقمي
  • خلق فرص عمل ذات أجور أعلى، بتحفيز الاستثمار الخاص
  • فتح أسواق جديدة تمكّن الشركات من المنافسة والنجاح
  • جذب استثمارات كبيرة في البنية التحتية.

ومن المتوقع أن يحضر القمة من خارج المجموعة كل من السعودية والإمارات وإندونيسيا والهند وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والمكسيك وأوكرانيا والبرازيل وأستراليا، ويعزو المراقبون توسيع قائمة المدعوين إلى سعي كندا لتعزيز مكانتها الدولية.

  • ما المتوقع من القمة الحالية؟

تحاول القمة التي يترأسها رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، إيجاد أرضية مشتركة وتحييد الخلاف مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث تشير صحيفة تورونتو ستار إلى أن قمة كاناناسكيس في ألبرتا لن تصدر بيانا ختاميا مشتركا، بل سيكون هناك بيان رئاسي لرئيس الوزراء كارني.

وتتوقع الصحيفة، أن تلخص الجلسات المغلقة التي يتوقع أن تشهد بعض المناقشات الساخنة في وثائق يرجح أن تكون خالية من التفاصيل المهمة.

وفي سياق متصل دعا رئيس الوزراء الكندي الأسبق، جان كريتيان، المشاركين في القمة إلى تجنب الانخراط في ما وصفه بالتصرفات الجنونية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقال كريتيان، في حديثه الجمعة بمؤتمر في كالجاري، إن القادة لا يمكنهم التنبؤ بما سيفعله ترامب، مضيفا أنه قد يكون متنمرًا، ومن الأفضل لبقية قادة مجموعة السبع تجاهل أي انفعالات.

 

 

 

 

 

 

 

 

شاركها.
Exit mobile version