إسلام آباد- أعلنت الحكومة الباكستانية، السبت الماضي، عن ترشيحها للرئيس الأميركي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2026، وذلك على خلفية ما وصفته بـ”جهوده الدبلوماسية لوقف التوتر” بين باكستان والهند في مايو/أيار الماضي، بعد أيام من التصعيد العسكري بين البلدين.

وجاء في بيان صادر عن الحكومة الباكستانية أنه “بعد العدوان الهندي غير المبرر، أظهر الرئيس ترامب بُعد نظر إستراتيجيا كبيرا وحنكة سياسية فذة من خلال تواصل دبلوماسي قوي مع كل من إسلام آباد ونيودلهي، مما أسهم في تهدئة الوضع المتدهور بسرعة، وتأمين وقف إطلاق النار في نهاية المطاف، وتفادي صراع أوسع بين الدولتين النوويتين”.

كما أضافت الحكومة أنها “تقدّر الجهود والعروض التي قدمها الرئيس ترامب للمساعدة في حل النزاع الطويل الأمد حول جامو وكشمير الذي يُعتبر الأساس الفعلي للعداوة بين البلدين”.

وكانت باكستان قد أعلنت ترشيحها لترامب قبل يوم واحد من مشاركة الولايات المتحدة في الهجوم الإسرائيلي على إيران، وتوجيه ضربة عسكرية لـ3 مفاعلات نووية إيرانية، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة حول العالم.

كيف تفاعل الباكستانيون مع ترشيح بلادهم ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام؟

أعرب سياسيون باكستانيون، أمس الأحد، عن رفضهم قرار الحكومة ترشيح ترامب للجائزة، وذلك بعد قصف واشنطن إيران.

وطالب فضل الرحمن، زعيم “جمعية علماء الإسلام”، حكومة بلاده بإلغاء قرارها، قائلا “لقد ثبت زيف ادعاء ترامب بالسلام، ويجب سحب اقتراح جائزة نوبل”، وذلك في خطاب له وفقا للحساب الرسمي للجمعية على منصة “إكس”.

وأوضح أن ترامب رغم تدخله لوقف التوتر الباكستاني الهندي، فإنه دعم الهجمات الإسرائيلية على فلسطين وسوريا ولبنان وإيران، متسائلا “كيف يمكن أن يكون هذا دليلا على السلام؟ ومع دماء الأفغان والفلسطينيين على أيدي أميركا، كيف يمكنه أن يدّعي أنه من دعاة السلام؟”.

من جهته، قال السيناتور السابق مشاهد حسين في تغريدة على منصة “إكس”، “بما أن ترامب لم يعد صانع سلام محتملا، بل قائدا أشعل حربا غير شرعية عمدا، فيجب على الحكومة الباكستانية الآن مراجعة ترشيحه لجائزة نوبل وسحبه نهائيا”.

كما انتقد أمير الجماعة الإسلامية في باكستان، حافظ نعيم الرحمن، السبت الماضي، قرار الحكومة ووصفه “بالأمر المخزي الذي يمس الكرامة الوطنية الباكستانية”، معللا السبب وراء ذلك بدعم الرئيس الأميركي علنا “المذبحة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة”. بينما طالب النائب في البرلمان والقيادي البارز في حزب إنصاف الباكستاني علي محمد خان، الحكومة بمراجعة القرار، مشيرا إلى الهجوم الأميركي على إيران.

من جانبها، انتقدت السفيرة الباكستانية السابقة لدى الولايات المتحدة مديحة لودهي قرار الحكومة، عادّة إياه “تملقا سياسيا”.

وقالت إنه “من المؤسف أن تُرشح الحكومة ترامب للجائزة كونه رجلا دعم حرب إسرائيل و”الإبادة الجماعية” في غزة، ووصف هجوم إسرائيل على إيران بأنه ممتاز”. وأكدت أن هذه الخطوة لا تعكس آراء الشعب الباكستاني.

ما علاقة ترشيح باكستان لترامب بالتوتر بين إسلام آباد ونيودلهي؟

من الواضح من بيان الحكومة الباكستانية، ومن ردود الفعل الغاضبة على ترشيح ترامب لجائرة نوبل، أن الحكومة ركزت في قرارها على جهود الرئيس الأميركي لوقف التوتر الباكستاني الهندي، دون التركيز على أبعاد أخرى.

في هذا السياق، تقول عضو مجلس الشيوخ الباكستاني عن حزب الشعب الباكستاني سحر كامران، إن الترشيح جاء في الوقت الذي شهد تصعيدا كبيرا وكان البلدان في حالة حرب حقيقية، وحينها تدخّل ترامب ولعب دورا في وقف المزيد من التصعيد.

وقالت كامران للجزيرة نت إن ما يعطي أهمية أكبر للترشيح، هو أن الحرب بين دولتين نوويتين يمكن أن تصل إلى أي مدى، وكان “العدوان والهجوم الهندي غير المبرر” على إسلام آباد عملا غير مسؤول وخطيرا للغاية.

وبرأيها، فإن قرار الحكومة كان تقديرا أيضا لعرض ترامب حل قضية كشمير وللجهد “الذي لم ينقذ فقط البلدين من المزيد من التصعيد، بل المنطقة بأكملها”.

من ناحيته، يقول الدبلوماسي الباكستاني السابق السفير جاويد حفيظ، في حديث مع الجزيرة نت، إن ترامب بتدخله قد احتوى صراعا أوسع نطاقا ومدمرا بين دولتين نوويتين. ولذلك، تعتبره باكستان “رجل سلام”، ولذا، فإن ترشيحه يتعلق بالهند تحديدا.

ما مكاسب باكستان السياسية من وراء ترشيحها ترامب لجائزة نوبل للسلام؟

ترى كامران، أن باكستان لم تسعَ لأية مكاسب من ترشيح ترامب للجائزة، وإنما هو نوع من التقدير على جهوده لوقف التوتر مع الهند، في حين كان التوتر يمكن أن يأخذ منعطفا خطيرا له تأثير على المنطقة والعالم أيضا.

وبالنسبة للهجوم الأميركي على إيران، قالت إنه رغم ترشيح إسلام آباد لترامب، فإنها أدانته، وأكدت أن باكستان تدين أي عمل غير قانوني ينتهك القوانين الدولية من أي دولة كانت.

وأضافت كامران أن إسلام آباد ليست الجهة التي ستُقرر منح الجائزة، فهناك لجنة ستنظر في جميع الجوانب وتتخذ القرار. وتابعت أن توصية باكستان واحدة وخاصة تحديدا بجهود ترامب في وقف التوتر مع الهند.

كما أعربت عن شكوكها من موقف ترامب تجاه “الإبادة الجماعية” في غزة. وقالت إنه فاز في الانتخابات بشعار إنهاء الصراع في غزة، “لكن الوقوف الآن مع إسرائيل هو أمر خطير جدا”.

من جهته، يقول السفير جاويد حفيظ إن باكستان حصلت على فائدتين من ترشيحها لترامب:

  • الأولى: أن ترامب سيبقى صديقا لإسلام آباد وسيستخدم مساعيه “الحميدة” مع الهند للحفاظ على السلام في جنوب آسيا.
  • الثانية: أن المقترح الباكستاني محرج للهند التي تُصر على عدم مشاركة أي طرف ثالث في ترتيب وقف إطلاق النار.

وأضاف حفيظ أن ترامب لا يُمكن التنبؤ بتصرفاته، حيث استخدم عنصر المفاجأة ضد إيران، واعتدى عليها، منتهكا القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وقد أدانت باكستان ذلك رسميا.

وبرأيه، لم يكن قرار ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام صائبا لـ3 أسباب:

  • انحيازه العلني لإسرائيل سياسيا وماليا في عدوانها على الشعب الفلسطيني.
  • بعد عدوانه “السافر” على إيران، لم يعد ترامب “رجل سلام”.
  • باكستان جمهورية إسلامية، وهذا القرار لن يلقى استحسانا من المسلمين في جميع أنحاء العالم.
شاركها.