وقفت روث ديدري حيث كان منزل عائلتها سابقاً، وأغمضت عينيها، ودعت لأقاربها المفقودين في الفيضانات المدمرة التي اجتاحت جزيرة بالي السياحية هذا العام.
وكانت الفيضانات التي أودت بحياة 18 شخصاً على الأقل وأربعة في عداد المفقودين، هي الأسوأ في الجزيرة منذ عقد، وفقاً لوكالة الأرصاد الجوية الإندونيسية. وقد نتج ذلك جزئياً عن هطول أمطار غير مسبوقة، لكنه كان أيضاً انعكاساً لسنوات من التطوير العمراني المفرط، ونظام إدارة النفايات الذي يتعرض لضغط هائل.
وشهد جنوب جزيرة بالي الذي كان في السابق أخضر، تحولاً بفضل ازدهار السياحة الذي جلب فرص عمل وفوائد اقتصادية، لكنه أدى أيضاً إلى انتشار البنايات في حقول الأرز وبساتين جوز الهند التي كانت توفر توازناً طبيعياً.
وتتجلى هذه التغييرات بوضوح تام في المقارنات التي أجراها مشروع «أطلس نوسانتارا» التابع لشركة «ذا تري ماب» الناشئة في مجال الحفاظ على البيئة، والذي جمع بين صور مراقبة أميركية للجزيرة من حقبة الحرب الباردة، رُفعت عنها السرية، وصور أقمار اصطناعية حديثة.
وقال مؤسس الشركة، ديفيد غافو: «لقد تحولت كل هذه الأراضي الآن إلى طرقٍ أو مبانٍ، ولم تعد التربة قادرة على امتصاص الماء بالقدر نفسه». وزار أكثر من 4.6 ملايين سائح أجنبي بالي بين يناير وأغسطس من هذا العام، متجاوزين بذلك عدد سكان الجزيرة البالغ 4.4 ملايين نسمة.
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة «والهي بالي» غير الحكومية: «في الأشهر الأخيرة، هدمت السلطات مبانيَ غير قانونية على أحد الشواطئ، وشددت إجراءاتها على البناء على طول الأنهار وعلى سفوح التلال»، مشيرة إلى أن البناء العشوائي وتحويل الأراضي «جعل بالي في وضع كارثي للغاية».
صدمة
وتُعتبر روث ديدري خير شاهد على ذلك، فقد انهار منزلها الذي كانت تسكنه مع عائلتها منذ عام 2020 على ضفة نهر أثناء الفيضانات، وجرفت المياه العديد من أقاربها.
وقالت الشابة البالغة 28 عاماً: «مازلتُ في حالة صدمة. جرف الفيضان أخي وأبي وأمي، بينما اختفت محتويات المنزل».
وقال آي وايان ديباوا الذي يسكن في مكان قريب، إن كلبه أيقظه وسط هطول أمطار غزيرة، فوجد المياه ترتفع حول منزله «في غضون دقائق». وأضاف الرجل البالغ 52 عاماً: «كان الأمر مرعباً. كان مروّعاً لدرجة أننا كنا عاجزين عن الكلام».
أمطار قياسية
وتُظهر بيانات الحكومة، هطول أمطار قياسية في سبتمبر الماضي، أي قبل يوم من الفيضانات، في مواقع عدة، بما في ذلك منطقة بادونغ، موطن العديد من أشهر المنتجعات السياحية في الجزيرة. وقال حاكم بالي، آي وايان كوستر: «لم تشهد بالي مثل هذه الأمطار الغزيرة من قبل»، مُقراً بأن مشكلات البنية التحتية لعبت دوراً في الفيضانات الكارثية. وأضاف أنه سيتم إطلاق مراجعة للبناء على طول أربعة أنهار رئيسة، إلى جانب حملة صارمة على البناء الذي ينتهك لوائح تقسيم المناطق.
وتابع كوستر: «في حال انتهاك القواعد، ستتم مساءلة المخالفين»، مشيراً إلى أنه يخطط لوضع لوائح لحماية حقول الأرز في بالي من أي تطوير إضافي.
نفايات
وقال الأستاذ في جامعة أودايانا، آي جيدي هندراوان، الذي أجرى أبحاثاً حول قضايا النفايات، إن أبحاثاً أُجريت عام 2019 أظهرت أن بالي تُنتج 4200 طن من النفايات يومياً، ويذهب أقل من نصفها إلى مكبات النفايات.
وأشار إلى أن النفايات التي يتم التخلص منها بشكل غير سليم، تسبب انسداداً في المجاري المائية والمصارف.
وستُغلق حكومة بالي مكب نفايات رئيساً في الجزيرة هذا العام، وحثّت الأسر على إدارة نفاياتها العضوية، لكن هندراوان قال إن «الكثير من الناس لا يملكون بديلاً عن التخلص منها»، مضيفاً: «جميعنا نعاني مشكلة النفايات بسبب غياب نظام جيد لإدارتها».
وقال كوستر إن الحكومة المحلية ترغب في بناء محطة لتحويل النفايات إلى طاقة، إلا أن ذلك من غير المرجح أن يتحقق سريعاً. ومن المرجح أن تزداد كميات النفايات إذا استقطب مطار ثانٍ مخطط له، المزيد من السياح إلى الجزيرة. وتقول الحكومة إن هذه المنشأة ستوسع نطاق التنمية في شمال الجزيرة، لكن كريشنا تخشى أن تؤدي ببساطة إلى تكرار مشكلات الجنوب في أماكن أخرى.
عن «جابان تايمز»
. 4200 طن من النفايات تُنتجها بالي يومياً، أقل من نصفها يذهب إلى مكبات النفايات.
