20/5/2025–|آخر تحديث: 20:41 (توقيت مكة)
قالت مجلة فورين بوليسي إن روسيا خططت لغزو أوكرانيا كحملة حاسمة لمدة 3 أيام تطيح خلالها بالحكومة في كييف، ولكن هذا السيناريو لا يزال بعد أكثر من 3 سنوات حلما روسيا بعيد المنال.
وأوضحت المجلة -في مقال بقلم الباحث فابيان هوفمان- أن الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسارع إلى إعادة تسليح نفسها استعدادا لمواجهة أي هجوم روسي على أحد أعضائه في غضون سنوات، بل ربما 6 أشهر من انتهاء الحرب في أوكرانيا، حسب مسؤولين دانماركيين.
ومع أنه يصعب التوفيق بين الصورتين المرسومتين لروسيا باعتبارها بلدا فشل في تحقيق طموحاته في أوكرانيا ثم باعتبارها في الوقت نفسه تهديدا وجوديا لحلف الناتو فإن فهم هذه المفارقة يكمن في إدراك أن حربا بين الناتو وروسيا لن يكون الهدف منها الاستيلاء على أراض واسعة، بل تدمير التحالف ككيان سياسي وعسكري، ولن يتطلب ذلك هزيمة قوات الناتو في معركة مفتوحة والزحف نحو برلين، بل تدمير وحدة الناتو وعزيمته، مع رهان الكرملين على أن التحالف سيتصدع تحت الضغط.
تمزيق تماسك الناتو السياسي
وعلى عكس الدعاية الروسية العدوانية تدرك النخب السياسية والعسكرية في موسكو أن روسيا ستخسر على الأرجح حربا تقليدية شاملة مع الناتو حتى بدون تدخل الولايات المتحدة، وهي لذلك ستسعى إلى تجنب حرب شاملة والتركيز على كسر إرادة التكتل.
ولن يهدف أي هجوم روسي على الناتو في المقام الأول إلى تدمير القدرة الكلية للحلف على شن الحرب، بل سيركز على حملة قصيرة وعالية الكثافة مصممة لتمزيق التماسك السياسي للناتو.
قد يبدأ هذا السيناريو بتوغل محدود في أراضي الناتو عند نقطة ضعف متصورة في واحدة أو أكثر من دول البلطيق، وبعد الهجوم الأولي قد تعلن روسيا أن أي محاولة لاستعادة المنطقة المحتلة ستشعل فتيل تصعيد نووي، وهي إستراتيجية يطلق عليها المحللون العسكريون اسم “التحصين العدواني”.
ومع أن صانعي القرار الروس لا يتوقعون استسلاما في جميع أنحاء الناتو فقد يعتقدون أن الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين في أوروبا الغربية عند مواجهة عواقب حقيقية على أراضيهم سيترددون ويمتنعون عن الدفاع عن شركائهم، علما أن أي تردد في الدفاع عن عضو في الناتو يعني الانهيار الفعلي للتحالف، وهو هدف روسيا الرئيسي وشرط تأكيد هيمنتها الإقليمية، حسب المجلة.
ماذا تحتاج روسيا؟
لكن التحرك الروسي يتطلب قوة هجومية سريعة قادرة على اختراق حدود الناتو، كما يتطلب قوات متابعة كافية لاحتلال جزء صغير، ولكنه ذو أهمية إستراتيجية من أراضي الناتو، ثم إلى قوات متحركة تقليدية للسيطرة على الأراضي والاحتفاظ بها.
وتشير تقارير استخباراتية حديثة إلى أن روسيا تمكنت من حشد ما يكفي من الرجال، ليس فقط لتغطية خسائرها القتالية، بل لتوسيع قواتها، كما يشير مسؤولون غربيون إلى أنها تنتج المزيد من المعدات والذخيرة -بما في ذلك الدبابات الحديثة وقذائف المدفعية -أكثر مما ترسله إلى الجبهة.
وذكّر الكاتب بأن روسيا تتمتع بوضع نووي جيد، بمخزون يقدر بنحو ألفي رأس حربي غير إستراتيجي، إضافة إلى سلاح تقليدي يشمل إنتاج قرابة 1200 صاروخ كروز هجومي بري، و400 صاروخ باليستي قصير ومتوسط المدى، وأكثر من 6 آلاف طائرة مسيرة بعيدة المدى سنويا، وهي تسعى إلى زيادة هذا الإنتاج.
كيف يستعد الناتو؟
ومع أن شن هجوم روسي على أراضي الناتو يظل مستبعدا فإنه يجب على أوروبا الاستعداد للحرب التي يرجح أن روسيا تخطط لها، وهي حرب تختلف اختلافا كبيرا عن الصراع المطول الذي يتكشف الآن في أوكرانيا، حسب الكاتب.
وأفضل طريقة لمواجهة حملة روسية قصيرة وعالية الشدة -حسب الكاتب- هي منع أي توغل على الحدود، وهذا يتطلب وضعا دفاعيا أماميا موثوقا، وهو ما لا يزال الناتو يفتقر إليه، لأن تمكين الدفاع الأمامي يعني نقل المزيد من القوات والمعدات إلى خط المواجهة، ولكن الولايات المتحدة تحول تركيزها إلى أماكن أخرى، ومن المحتمل أن تسحب تشكيلاتها القتالية من أوروبا.
ولخلق ردع يجب على الدول الأوروبية الاستثمار فيما يجعلها قادرة على هجوم مضاد مع توضيح استعدادها للرد الفوري، بما في ذلك ضد البنية التحتية الحيوية الروسية، وتوضيح أنه لا يسعى إلى التصعيد النووي وأنه لن يرضخ للتهديدات النووية.
وخلص الكاتب إلى أنه سيكون من التهور عدم الاستعداد للحرب لمنع وقوعها في المقام الأول، لأن موسكو إذا واجهت الناتو فسوف تستغل نقاط ضعفه وتلعب على نقاط قوتها.