في الرابع من أبريل الجاري، صوتت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، بالإجماع، على تأييد عزل يون سوك يول من الرئاسة، لإعلانه غير القانوني الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر 2024.
وأظهرت رئاسة يول الغريبة والمتعثرة العديد من التوجهات المناهضة للديمقراطية الناشئة في العالم، ويقدم رد فعل الكوريين الجنوبيين، بدوره، مثالاً للدول الأخرى.
وكانت إدارة يول غريبة منذ البداية، فبعد فوزه في مارس 2022، بأضيق فوز في تاريخ الانتخابات الرئاسية الكورية الجنوبية، من خلال التجاوب مع المظالم المتعلقة بارتفاع كلفة السكن، كانت أول مبادرة رئيسة له كرئيس هي نقل المكتب الرئاسي من البيت الأزرق (مقر الرئاسة) إلى مجمع وزارة الدفاع.
وكان من المفترض أن تتم هذه الخطوة لجعل مقر الرئاسة أكثر سهولة في الوصول إليه، لكنها لم تؤدِّ إلا إلى نتائج غير مرغوب فيها.
وتسبب غياب الحكم الرشيد، أو حتى العادي، في عهد يول في تحول الأحداث العادية إلى كوارث جماعية.
وإحدى الكوارث، حادثة التدافع في منطقة إيتايوان بالعاصمة سيؤول التي أودت بحياة 159 شخصاً في أكتوبر 2022، ونتجت جزئياً عن نقل مقر الرئاسة، حيث شهد ضباط الشرطة لاحقاً بأنهم كانوا مرهقين للغاية بسبب حماية مسكنه الجديد لتوفير السيطرة المناسبة على الحشود.
وخلال موسم الرياح الموسمية لعام 2022، لم يعد لدى الحكومة سهولة الوصول إلى المركز الوطني لإدارة الأزمات المتطور، الواقع تحت الأرض في البيت الأزرق، حيث يشرف رئيس كوريا الجنوبية عادة على الاستجابة للكوارث، وبدلاً من ذلك حوصر يول في منزله بسبب الفيضان، واستغرق وزير الداخلية، لي سانغ مين، ساعات للوصول إلى موقع احتياطي، بينما توفي العشرات.
إلى جانب الاقتصاد المتعثر، سرعان ما هبطت نسبة تأييد يون إلى 23%، ما جعله الرئيس الأقل شعبية في تاريخ كوريا الجنوبية، لكن بدلاً من تقديم تنازلات لتوسيع ائتلافه، قوّض يول قاعدته الشعبية من خلال التخلص من حلفائه الذين اعتبرهم غير موالين بما فيه الكفاية.
المشرّع المحافظ الشاب، لي جون سوك، الذي كان حاسماً في صياغة استراتيجية لتأجيج التحول اليميني للشباب من خلال تأجيج كراهية النساء، تم طرده بشكل غير رسمي من قيادة الحزب في يوليو 2022، بعد أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، لمصلحة القيادة الأكثر ولاءً للرئيس.
أما وزير العدل هان دونغ هون، الذي كان يفترض أنه المرشح التالي للرئاسة، فطرد من منصبه عام 2024، بعد أن تجرأ على اقتراح التحقيق مع زوجة يون في مزاعم عديدة تتعلق بجرائم ذوي الياقات البيضاء، بما في ذلك مخططات أُدين فيها شركاؤها المزعومون في التآمر.
وفي الانتخابات التشريعية خلال أبريل 2024، مُني يول وحزبه «قوة الشعب» بهزيمة ساحقة، ولم يتبق لهم سوى 108 مقاعد من أصل 300 مقعد.
واستخدم الحزب الديمقراطي المعارض أغلبيته بفعالية كبيرة، حيث أقر سلسلة من مشاريع قوانين تحقيقات الادعاء الخاص، وعزل بعضاً من أكثر أتباع يول ولاء في أجهزة الدولة، مثل لي جين سوك، الذي كان يترأس لجنة الاتصالات الكورية، والذي كان بمثابة منفذ إعلامي للرئيس، وخفض ميزانية المكتب الرئاسي.
ورداً على ذلك، شن يول انقلاباً ذاتياً، في محاولة منه لإنهاء الديمقراطية تماماً. وعلى الرغم من أن قرار المحكمة الذي أيّد عزل يول جاء في الوقت المناسب، إلا أن الرعب المترتب على فرضه الأحكام العرفية كان سيصبح هائلاً.
وكشف التحقيق اللاحق أن يول وحكومته كانا يخططان لتحريض كوريا الشمالية على شن هجوم، ليكون ذريعة لإعلان الأحكام العرفية. وكان مصير الديمقراطية في كوريا الجنوبية معلقاً على ضبط النفس الذي أبداه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بينما كان الجيش في الجنوب يطلق طائرات مسيرة فوق سماء بيونغ يانغ، في محاولة لإشعال حرب. عن «فورين بوليسي»
. إلى جانب الاقتصاد المتعثر، سرعان ما هبطت نسبة تأييد يول إلى 23%، ما جعله الرئيس الأقل شعبية في تاريخ كوريا الجنوبية.
. المحكمة الدستورية صوتت بالإجماع على تأييد عزل يون سوك يول من الرئاسة لإعلانه غير القانوني الأحكام العرفية.