قال وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، إن الرئيس دونالد ترامب، جعل من التعاون مع أميركا في ما يخص مواجهة التغير المناخي أمراً صعباً، لاسيما بعد انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، لكن كيري أكد في الوقت نفسه أن الشعب الأميركي والقادة السياسيين على مستوى الولايات كلها ملتزمون بالاتفاقية.

واعتبر كيري، في مقابلة مع صحيفة «إل باييس» الإسبانية، أن إلغاء إدارة ترامب بعض المشاريع والمنح العلمية للجامعات، أمر كارثي، مشدداً على أهمية إعادة الاعتبار للعلم.

وفيما يلي مقتطفات من المقابلة:

■ لماذا اتفاقية «أعالي البحار» (المبرمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بحفظ التنوع البحري) مهمة؟ وهل تعد الاتفاقية فاشلة نظراً إلى مرور عامين عليها، ولايزال عدد من الدول لم يصادق عليها؟

■■ إنه فشل عالمي، فبعد هذه السنوات ليس لدينا حتى الآن قوانين تحكم أجزاء كبيرة من بحارنا، وتعد اتفاقية «أعالي البحار» خارج إطار السلطة القانونية لجميع الدول، وبناء عليه، ثمة سلوكيات مثيرة للغضب على نحو كبير في ما يتعلق بأعالي البحار، حيث إن هناك عشرات الآلاف من المراكب الصغيرة المنخرطة في أعمال الصيد غير القانونية، ليس بمفردها، لكن بدعم من سفن أخرى كبيرة.

■ تمثل سنة 2025 ذكرى مرور 10 سنوات على توقيع اتفاقية باريس للمناخ، وقد انسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منها مرة ثانية، وفي العام الماضي ازدادت حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة عما كانت عليه في فترة ما قبل الصناعة، هل تعتقد أن اتفاقية باريس ستفشل كما فشلت اتفاقية «بروتوكول كيوتو 1997»؟

■■ هناك متطلبات في اتفاقية «كيوتو» غير موجودة في اتفاقية باريس، التي تسمح لكل دولة كي تضع النهج الخاص بها لمواجهة هذه التحديات، وبناء عليه فالاتفاقيتان مختلفتان، وترامب انسحب من اتفاقية باريس في فترة حكمه الأولى، لكن الشعب، والقادة السياسيين الأميركيين على مستوى الولايات كلها، لايزالون منسجمين مع الاتفاقية، حيث هناك نحو 1000 محامٍ في المدن الأميركية الرئيسة ظلوا ملتزمين بالاتفاقية، إضافة إلى 37 حاكم ولاية يعملون تحت ما يسمى «معايير التفويض المتجدد»، وفي العام الماضي تم استثمار تريليوني دولار في الطاقة المتجددة في أنحاء العالم كافة.

■ ما الذي تقوله لأولئك الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة ليست شريكاً موثوقاً في دبلوماسية المناخ والبيئة؟

■■ سأقول لهم إن الكثير من الولايات الأميركية تواصل التحرك في الاتجاه الصحيح، وللأسف فإن الرئيس ترامب جعل التعاون مع أميركا صعباً للغاية، وهذه خسارة ليست للدول الأخرى فقط، وإنما للولايات المتحدة نفسها، وللمواطنين الأميركيين، الذين لن يستفيدوا من كونهم شركاء جيدين.

■ هل تشعر بالقلق من كيفية تغيير بعض الشركات الضخمة والمؤسسات المالية في بلادكم من موقفها عندما يتعلق الأمر بمواجهة التغير المناخي؟

■■ بعض الشركات غيرت موقفها بعيداً عن التزاماتها، لكنها تقول إنها ستواصل توفير المال والجهود لإنجاز تلك الأهداف، وبناء عليه من المبكر القول إنه سيكون هناك مستوى من التأثير السلبي لتصرفات هذه الشركات.

■ في بلادكم تم فصل بعض العلماء من عملهم، كما أن قواعد البيانات الدولية تم إغلاقها.. هل تعتقدون أن الحكومة مارست نوعاً من التعتيم في ما يتعلق بالعلم؟

■■ في الواقع تم إلغاء بعض المشاريع والمنح العلمية للجامعات، وهو أمر كارثي، وقد تعلمنا مع مرور القرون أن العلم ضروري لكل شخص، وفي عام 1755 تعرضت مدينة لشبونة إلى زلزال ومن ثم إلى تسونامي، وحدث تدمير كبير وقتل نحو 40 ألف شخص، وأثار ذلك لسنوات جدلاً واسعاً بين مفكرين بارزين مثل إيمانويل كانط وفرانسوا فولتير وجان جاك روسو، وكان السؤال: لماذا حدث ذلك؟ جادل بعضهم بأن الطبيعة صبّت غضبها على الناس، غير أن هذا الجدل أدى في النهاية إلى عصر العقل، عصر التنوير القائم على العلم.

■ لكن هل تعتقد أن ذلك نوع من المكارثية (سلوك يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة من دون الاهتمام بالأدلة)؟

■■ يعتمد ذلك على ما تقصده من كلمة مكارثية! فهل هناك تجاهل للواقع والحقائق؟ هل هناك دعوة لاتهام الناس، وتحريضهم على بعضهم؟ نعم، هناك استقطاب، وهو خطر حقاً، لكنني أعتقد أن المهم هو أنه قبل قرون كان لدينا صراع حول الحقائق والعلم، والآن أمامنا صراع جديد يجب أن نعيد فيه الاعتبار للعلم. عن «إل باييس»

شاركها.