عاقب الناخبون الهولنديون حزباً يمينياً متطرفاً في الانتخابات الوطنية التي أُجريت أخيراً، بعد أن تسبب في اضطرابات سياسية استمرت أشهراً، وأعطوا دعمهم بشكل غير متوقع لحزب يسار الوسط الذي خاض الانتخابات على وعود بـ«الاستقرار والأمل».

من المرجح أن يبشر هذا التغيير المفاجئ في التوجه بحكومة أكثر وسطية في هولندا، وهو ما يشير إلى حالة ليس فقط في السياسة الهولندية، بل أيضاً إلى حالة الشعبوية في أوروبا على نطاق أوسع. ويُظهر ذلك أن اليمين المتطرف، حتى في مكان ما بدا يوماً كأنه يسير بخطى ثابتة نحو مزيد من السلطة، فإنه يمكن أن يصطدم بعقبات.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة رادبود، الواقعة بالقرب من الحدود الألمانية، كريستوف جاكوبس: «اعتقدنا أن الأمر حتمي تقريباً، وأن اليمين المتطرف سيزداد قوة دائماً، وأنهم حصينون، لكنهم ليسوا حصينين تماماً في النهاية».

توبيخ

أظهرت الإحصاءات الرسمية، أن حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز، والذي فاز بالسلطة عام 2023، خسر 11 مقعداً في مجلس النواب الهولندي، وكان من المتوقع أن يتعادل مع حزب يسار الوسط الديمقراطي، المعروف باسم «دي 66»، الذي سيصبح أكبر كتلة في المجلس التشريعي.

وكان هذا التصويت بمثابة توبيخ لحزب فيلدرز، الذي حصد في عام 2023 أكبر حصة من المقاعد بهامش كبير.

وفيلدرز، الذي يعد شخصية شعبوية متطرفة، هو من حفز هذه الانتخابات، وفي يونيو الماضي، سحب حزبه من الائتلاف الحاكم، ما أدى إلى ترك الحكومة في حالة من الفوضى تستلزم إجراء تصويت مبكر.

وخلال فترة حكمه، فشل حزب فيلدرز في تنفيذ دعواته الجريئة لتقليص اللجوء وإعادة تنظيم الإجراءات المناخية، أو في تحقيق الكثير على الإطلاق.

وتعليقاً على ذلك، قال جاكوبس، إن «الانتخابات أشارت إلى إمكانية معاقبة الجماعات اليمينية المتطرفة التي تفشل في الوفاء بوعودها على هذا الفشل».

وأضاف أن «الأمر بدا في السابق وكأن لا شيء يمكن أن يلحق بهم، لأن الناخبين وثقوا بخطابهم».

ونظراً لعدد المقاعد التي خسرها حزب فيلدرز وعدد المقاعد التي كسبها حزب يسار الوسط في تصويت الأربعاء الماضي، فمن المتوقع الآن أن يهيمن سياسيون أكثر اعتدالاً على الائتلاف الحاكم المقبل.

شعبوية

ولم يتخلَّ الناخبون عن اليمين المتطرف تماماً، فلم يكن من المتوقع أن يتعادل حزب الحرية في الحصول على معظم المقاعد فحسب، وفقاً للإحصاءات الرسمية التي أوردتها وكالة الأنباء الهولندية، بل إن أحزاباً أصغر ذات توجه مماثل حصدت العديد من المقاعد التي خسرها.

ووفرت السياسة الهولندية في السنوات الأخيرة نافذة على أحد أكبر الاتجاهات السياسية التي تجتاح القارة، نظراً لشعبية حزب الحرية.

وقد ترسخ وجود أحزاب اليمين المتطرف الشعبوية في جميع أنحاء القارة، حيث تصدرت أحزاب التجمع الوطني الفرنسي، والبديل من أجل ألمانيا، والإصلاح البريطاني في المملكة المتحدة استطلاعات الرأي أخيراً، ومع ذلك فقد واجهوا نتائج متباينة في الوصول إلى السلطة.

وبينما ابتعد حزب اليمين المتطرف في ألمانيا عن الحكم، فقد ارتفعت شعبية حزب «فوكس» الإسباني، لكنه لايزال بعيداً عن الهيمنة، أما اليمين في بريطانيا فقد تصاعد ثم انحسر، ويبدو الآن أنه في صعود مجدداً.

قوة دافعة

بالنسبة لأوروبا أظهرت الانتخابات الهولندية أن التصريحات اللاذعة وحدها لا تكفي للاحتفاظ بالناخبين، وكان حزب فيلدرز القوة الدافعة وراء ائتلاف غالباً ما كان مختلاً وظيفياً، والذي انفجر في النهاية.

وقال متطوع في مركز اقتراع في لاهاي، رينيه هندريكس: «أعتقد أن هولندا قد سئمت بعض الشيء». وترشح حزب «دي 66»، الذي سمي نسبة إلى عام تأسيسه، على أساس برنامج انتخابي بدا كأنه مناهض لأفكار اليمين المتطرف. وكان شعار الحزب «يمكن إنجازه»، الذي هتف به آلاف المؤيدين في حفل الفوز، يحمل أصداء قوية لشعار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2008 «نعم نستطيع».  عن «نيويورك تايمز»


تفاؤل

أدار زعيم حزب يسار الوسط الديمقراطي «دي 66»، روب جيتن، حملة انتخابية اتسمت بتفاؤل كبير.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة رادبود، كريستوف جاكوبس إن «هذه الحملة كانت عكس النظرة التشاؤمية لخيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف».

• بالنسبة لأوروبا أظهرت الانتخابات الهولندية أن التصريحات اللاذعة وحدها لا تكفي للاحتفاظ بالناخبين.  

• رغم تصدر أحزاب اليمين المتطرف الشعبوية استطلاعات الرأي فإنها واجهت نتائج متباينة في الوصول إلى السلطة.

شاركها.