في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لزيارة اليابان في وقت لاحق من الشهر الجاري، أشار مراقبون إلى النموذج الدفاعي الأميركي الجديد والهادئ الذي يبرز في شرق آسيا. ويعتمد نجاحه بشكل أساسي على علاقات قوية وفاعلة مع اليابان، القوة الحليفة الأكثر ديناميكية في المنطقة.
وبتشجيع من واشنطن، تُخصص اليابان أموالاً وقدرات عسكرية جديدة لـ«رؤية» الإدارة الأميركية للردع في آسيا.
وتضع هذه الخطوات التحالف الأميركي الياباني على مسار أكثر قدرة على الصمود، في وجه التحديات المستقبلية من الصين. والمنطق الذي يتبناه ترامب واضح: «المعاملة بالمثل بدلاً من التبعية».
قدرة اقتصادية
لقد أدرك ترامب وفريقه القدرة الاقتصادية الكامنة لليابان، ويستغلونها لأغراض استراتيجية، فخلال الشهر الماضي، أبرمت الولايات المتحدة واليابان اتفاقية تجارية تضمنت تعهداً من اليابان باستثمار 550 مليار دولار في الولايات المتحدة.
ومن المنطقي أن نتوقع من اليابان الوفاء بهذا الالتزام خلال فترة زمنية معقولة. وستُوجّه هذه الالتزامات المقدمة على شكل أسهم وقروض وضمانات – من خلال جهات الإقراض اليابانية المتطورة والمناسبة للغرض – بشكل مباشر إلى ضخ سيولة نقدية جديدة في الصناعات الاستراتيجية في الولايات المتحدة التي تدعم الردع العسكري، مثل بناء السفن وأشباه الموصلات، والبنية التحتية لتصدير الطاقة والمعادن الحيوية.
النقطة الحاسمة هي أن تلك الالتزامات الاستثمارية في القطاعات الرئيسة، يجب أن تضمن جزءاً من القدرة الدفاعية الأميركية الإضافية اللازمة، لضمان مرونة الردع العسكري في آسيا مستقبلاً.
وفي حين أن الفريق الاقتصادي كان يستفيد من القدرة المالية لليابان لدعم الردع العسكري طويل الأمد، فإن قادة هذه الإدارة في وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون)، يُقدّرون بوضوح مركزية اليابان في بنية دفاع شرق آسيا الحالية.
«لعبة حرب»
وقد وجدت «لعبة حرب» أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية عام 2023، والتي تحاكي سيناريوهات هجوم على تايوان، أنه من دون الوصول إلى القواعد التشغيلية اليابانية، لا يمكن للولايات المتحدة منافسة القوة العسكرية الصينية بشكل موثوق به في شمال وجنوب شرق آسيا.
وبفضل القواعد اليابانية، يمكن للمقاتلات الأميركية الوصول إلى المجال الجوي التايواني، والعمل فيه والعودة منه دون الحاجة إلى التزود بالوقود.
وكان وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، قال في وقت سابق من العام الجاري: «اليابان شريكنا الذي لا غنى عنه في ردع أي عدوان عسكري صيني».
حالة طوارئ
وتُعدّ نتائج الانتخاب في الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، دليلاً على أن ناخبي الحزب لا يتراجعون عن توقعات إدارة ترامب بأن تصبح اليابان قوية في تعاملاتها مع واشنطن.
ووفقاً لمسؤولي الحزب، فإن أي طارئ يتعلق بتايوان سيشكل «حالة طوارئ يابانية»، نظراً إلى مركزية الجزيرة الاستراتيجية في الممرات البحرية اليابانية، والأمن الغذائي وأمن الطاقة، وديناميكيتها التكنولوجية.
زيادة الإنفاق
وبعد أن استوعبت طوكيو مبدأ المعاملة بالمثل، تبدو اليابان مستجيبة لدعوات ترامب و«البنتاغون» لزيادة الإنفاق على الدفاع، نظراً إلى أنه يتماشى مع الهدف المتمثّل في استثمار مزيد من رأسمال الدين لصالح التجديد الصناعي الياباني، بما في ذلك قطاع الدفاع.
وكان الحزب الحاكم قد أعلن سابقاً عن طموحه في إدراج قوات الدفاع الذاتي اليابانية في الدستور ككيان عسكري، وهي خطوة جديدة للنظام السياسي الحديث، يمكن أن تُوسّع نطاق العمليات العسكرية المسموح بها.
وفي الوقت نفسه، أنشأت قوات الدفاع الذاتي اليابانية في مارس 2025، قيادة عمليات مشتركة دائمة لتنسيق فروعها من أجل استجابة أسرع للأزمات، وأعلنت طوكيو أنها تعمل على تحسين قدراتها اللوجستية، والاستدامة، من خلال مجموعة نقل بحري جديدة مصممة لنقل القوات والمواد عبر أرخبيل أوكيناوا.
تعزيز الردع
وفي أماكن أخرى في شرق آسيا، نجحت وزارة الحرب الأميركية في تعزيز الردع العسكري دون إثارة أزمة جديدة في العلاقات الأميركية الصينية. وتعمل قيادة القوات الجوية في المحيط الهادئ على تجديد مدرجين في تينيان، وهي قاعدة تعود لحقبة الحرب العالمية الثانية في غرب المحيط الهادئ، وفي هذا الشهر، احتفلت قيادة القوات الجوية الأميركية بـ«إعادة تأهيل» تينيان.
ويُعدّ تطوير قاعدة تينيان جزءاً من رؤية شاملة للإدارة الأميركية لتوزيع نقاط التمركز، وإعادة الإمداد خارج سلسلة الجزر الأولى. عن «ناشيونال إنترست»
• نجاح النموذج الدفاعي الأميركي الجديد والهادئ في شرق آسيا، يعتمد على علاقات قوية وفاعلة مع اليابان.
• بعد أن استوعبت طوكيو مبدأ المعاملة بالمثل، تبدو اليابان مستجيبة لدعوات ترامب و«البنتاغون» لزيادة الإنفاق على الدفاع.