لعقود تمتع المهاجرون من كوبا بامتيازات استثنائية في الولايات المتحدة، بغض النظر عن هوية من كان في السلطة، والآن يستهدف الرئيس، دونالد ترامب، هذه المزايا.
فيما كانت واشنطن تشن حرباً باردة ضد الجزيرة الشيوعية الواقعة على بعد 90 ميلاً جنوب ولاية فلوريدا، مُنح الكوبيون الفارون وضعاً جيداً جعلهم موضع حسد من قبل مواطني أميركا اللاتينية.
وفي خضم ذلك، أصبح المنفيون وعائلاتهم قوة مؤثرة في السياسة الأميركية، ما أسهم في فوز ترامب بولاية فلوريدا في عامَي 2016 و2024، ومع تولي ماركو روبيو منصب وزير الخارجية الأميركية، لم يسبق للجالية الكوبية أن حظيت بمثل هذه القوة من قبل.
ومع ذلك، يواجه مئات الآلاف من الكوبيين اليوم خطر الترحيل مع سعي ترامب لإنهاء الحماية التي منحتهم إياها الإدارات السابقة.
وقد تعطل جزء من هذه المساعي مؤقتاً في المحكمة، لكن المشهد المتغير بسرعة أثار قلق الوافدين الجدد الذين قيل لهم إن طريقهم إلى الهجرة القانونية لم يعد صالحاً، لذا من المفارقات أن الجالية الكوبية الأميركية الآن «في أسوأ حالاتها على الأرجح، وامتيازاتها قد زالت تقريباً»، كما قال المدير التنفيذي لمجموعة تهتم بمسائل كوبا، ريكاردو هيريرو.
ترحيل
عندما أُطلق سراح لازارو يوري من سجن كوبي، واقتيد على متن طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة في يونيو، اعتقد أن ذلك أنقذ حياته، وكان المعارض السياسي المخضرم يقضي عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات لمشاركته في احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة عام 2021، وقال إنه تعرض للضرب والتجويع، وفقد السمع بسبب عملية إعدام وهمية.
لكن في الشهر الماضي، أبلغ يوري وزوجته بإلغاء وضعهما كمهاجرين، وأنهما سيواجهان احتمال الترحيل اعتباراً من 24 أبريل 2025.
وقال الرجل البالغ من العمر 69 عاماً عبر الهاتف من منزله في بنسلفانيا: «أنا مذهول، إذا أعادونا، سيموت كلانا، لأنني أرفض التوقف عن الاحتجاج ضد الحكومة»، إن التقارير التي تتحدث عن اختطاف أشخاص من مدارسهم أو أعمالهم، أو حتى أثناء إخراجهم قمامتهم، من قبل عملاء ملثمين في سيارات لا تحمل علامات، من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة على ما يبدو، تزيد من حدة القلق، كما تتعرض البرامج المؤيدة للديمقراطية ووسائل الإعلام الكوبية المستقلة ونشطاء حقوق الإنسان لضربات موجعة.
قلق وصدمة
وقالت رئيسة مشروع ميامي للحرية (منظمة مجتمع مدني)، آنا صوفيا بيلايز: «ما عرفه مجتمعنا وفهمه لعقود يتبخر.. يشعر الناس بالقلق والصدمة لرؤية أن البلد الذي فروا إليه يتصرف بطرق مماثلة للأماكن التي فروا منها».
ولم تستجب إدارة ترامب لطلب التعليق على احتمال أن تؤدي سياسة الترحيل الخاصة بها إلى تنفير كتلة تصويتية رئيسة.
لايزال العديد من الكوبيين الذين وصلوا بموجب برامج قديمة آمنين، لكن أكثر من 110 آلاف شخص، بمن فيهم يوري، دخلوا بموجب مبادرة إنسانية مؤقتة.
ويوجد مئات الآلاف من الكوبيين في الولايات المتحدة بموجب وثائق «الإفراج والتعهد»، التي كانت تضمن سلامتهم حتى وقت قريب طالما كانوا يتابعون إجراءات الهجرة بانتظام. وتتعرض هذه البرنامج الآن للاستهداف في عهد ترامب.
وحذر مركز «المشاركة والمناصرة في الأميركتين» في نشرة إخبارية صدرت أخيراً: «لم يسبق في التاريخ الحديث أن واجه هذا العدد الكبير من الكوبيين في الولايات المتحدة خطر الاحتجاز والترحيل»، ويقدر المركز أن أكثر من 500 ألف كوبي يواجهون خطر الطرد.
في الأسبوع الماضي، قالت قاضية المحكمة الفيدرالية إنديرا تالواني، إنها ستمنع مؤقتاً محاولة الإدارة إغلاق برنامج الإفراج المشروط، وتساءلت عما إذا كان استهدافه لأسباب سياسية، «هل هذا ببساطة لأنه برنامج بايدن؟»، مضيفة: «إذا كان ما تحاولون فعله هو وقف الهجرة غير الشرعية، فهؤلاء هم من اتخذوا قراراً بعدم القدوم إلى هنا بشكل غير قانوني، بل بشكل قانوني».
ووفقاً لهيريرو، ترك هذا الصراع الكتلة الجمهورية الكوبية الأميركية عالقة بين ولائها لترامب واحتياجات مجتمعها.
أصبحت النائبة ماريا إلفيرا سالازار، وهي جمهورية من فلوريدا ومؤيدة شرسة لترامب، أكثر صراحة بشأن ضرورة حماية الكوبيين من الترحيل، ملقية باللوم على الرئيس السابق جو بايدن في مشكلاتهم.
وقالت سالازار في منشور على منصة «إكس»: «جاء الكوبيون وغيرهم إلى هنا هرباً من دول شيوعية فاشلة، مصدقين وعود بايدن الفارغة، وينبغي على إدارة ترامب أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار، لا أن تعاقبهم على أخطاء بايدن، دعونا نمنحهم الفرصة للتقدم بطلب للحصول على الحماية التي وعدوا بها». عن «بلومبرغ»
. مئات الآلاف من الكوبيين في الولايات المتحدة موجودون بموجب وثائق تضمن سلامتهم طالما كانوا يتابعون إجراءات الهجرة بانتظام.