فازت زعيمة المعارضة الفنزويلية، ماريا كورينا ماتشادو، التي تعيش في الخفاء، بجائزة نوبل للسلام 2025، تقديراً لجهودها في تعزيز الحقوق الديمقراطية في بلادها.

وبينما علق البيت الأبيض على عدم حصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الجائزة بالقول إن لجنة نوبل «تعطي الأولوية للسياسة على حساب السلام»، رأت «الأمم المتحدة» أن اختيار ماتشادو «يعكس تطلعات الشعب الفنزويلي إلى انتخابات حرة ونزيهة»، في حين رأت المفوضية الأوروبية في الجائزة، «رسالة قوية».

مثال استثنائي

وتفصيلاً، أعلنت لجنة نوبل النرويجية، أمس، فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، بجائزة نوبل للسلام؛ تقديراً لجهودها في تعزيز الحقوق الديمقراطية في بلادها، ونضالها لتحقيق الانتقال الديمقراطي.

وقال رئيس اللجنة، يورغن واتنه فليدنس، في أوسلو: «قدمت ماريا كوريا ماتشادو مثالاً استثنائياً على الشجاعة في النشاط المدني في أميركا اللاتينية خلال الفترة الأخيرة».

وأضاف أن ماتشادو «شخصية محورية في وحدة المعارضة السياسية التي كانت منقسمة بعمق في السابق، لكنها توصلت إلى توافق للمطالبة بانتخابات حرة وبحكومة تتمتع بصفة تمثيلية». وأشار إلى أن ماتشادو نجحت في توحيد المعارضة «في وقت انتقلت فيه فنزويلا من بلد ديمقراطي ومزدهر نسبياً إلى دولة قاسية واستبدادية تعاني أزمة إنسانية واقتصادية»، على حد تعبيره.

إنجاز مجتمع

وتعليقاً على فوزها بالجائزة، خلال مكالمة فاجأها بها سكرتير لجنة نوبل، كريستيان بيرغ هاربفيكن في وسط الليل، قالت ماتشادو: «إنني ممتنة للغاية باسم شعب فنزويلا.. لم نصل إلى هدفنا بعد.. إننا نعمل جاهدين للتوصل إلى ذلك، لكنني واثقة بأننا سننتصر». وأضافت: «آمل أنكم تدركون أنها حركة، أنه إنجاز مجتمع بكامله. أنا مجرد شخص واحد، لا أستحق هذا بالتأكيد».

انتقاد

من جهته، انتقد البيت الأبيض، أمس، قرار لجنة جائزة نوبل منح جائزة السلام لزعيمة المعارضة الفنزويلية، بدلاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض ستيفن تشونج: في منشور على منصة «إكس»: «سيواصل الرئيس ترامب إبرام اتفاقات السلام وإنهاء الحروب وإنقاذ الأرواح؛ فهو يملك قلباً محباً للخير، ولن يكون هناك شخص مثله يستطيع تحريك الجبال بقوة إرادته المحضة». وأضاف: «لقد أثبتت لجنة نوبل أنها تعطي الأولوية للسياسة على حساب السلام».

رسالة قوية

بالمقابل، رأت الأمم المتحدة أن اختيار زعيمة المعارضة «يعكس تطلعات الشعب الفنزويلي إلى انتخابات حرة ونزيهة». وهنأت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ماتشادو لفوزها بالجائزة. وقال المتحدث باسم المفوضية ثمين الخيطان: «يعكس هذا التكريم التطلعات الواضحة لشعب فنزويلا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وللحقوق المدنية والسياسية وسيادة القانون». من جهتها رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في الجائزة، «رسالة قوية».

«المحررة»

وبرزت ماتشادو خلال الانتخابات التمهيدية للمعارضة في أكتوبر 2023 وحصدت أكثر من 90% من الأصوات أي ثلاثة ملايين صوت. وأصبحت سريعاً الأوفر حظاً بحسب استطلاعات الرأي للفوز في الانتخابات ولقبت بـ«المحررة» (ليبرتادورا) تيمناً بسيمون بوليفار «المحرر». وخلال السنة الماضية «اضطرت ماتشادو إلى العيش في الخفاء. ورغم التهديدات الخطرة على حياتها بقيت في بلدها في خيار شكل مصدر إلهام لملايين الأشخاص»، بحسب لجنة نوبل.

وكانت المحاكم الفنزويلية منعت ماتشادو – المهندسة الأم لثلاثة أولاد التي تبلغ من العمر 58 عاماً – من الترشح للرئاسة عام 2024 ومنافسة الرئيس نيكولاس مادورو، الذي يتولى السلطة منذ عام 2013.

ولم تعترف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول كثيرة بفوز مادورو الحاكم منذ 2013، بل تعد الفائز إدموندو غونزاليس أوروتيا، الذي حل محل ماتشادو مرشحاً عن المعارضة عند استبعادها من الاقتراع.

وعلق أوروتيا المقيم في المنفى بإسبانيا، في منشور على منصة «إكس» أن ماتشادو «تستحق عن جدارة» الجائزة.

تفكيك النظام العالمي

وكانت التعليقات العلنية المتكررة لترامب، والتي زعم فيها استحقاقه جائزة نوبل للسلام، هيمنت على الفترة التي سبقت إعلان الفائز بالجائزة لهذا العام.

وقبل الإعلان، قال خبراء في الجائزة إن من غير المرجح أن يفوز ترامب بها لأنه ينظر إلى سياساته على أنها وسيلة لتفكيك النظام العالمي الذي تُقدره لجنة نوبل.

وقال المتخصص في جائزة نوبل للسلام، المؤرخ أسلي سفين لوكالة «فرانس برس»، إن ترامب «يكره مادورو»، لافتاً إلى أنه «يقصف مراكب الصيد التي يشتبه بأنها تنقل مخدرات، وسيجد بالتالي صعوبة في مهاجمة هذه الجائزة». وشنت إدارة ترامب إلى الآن ضربات على أربعة قوارب على الأقل قالت إنها تستخدم لتهريب المخدرات في البحر الكاريبي، ما أوقع ما لا يقل عن 21 قتيلاً بالإجمال، في حين ندد مادورو بـ«عدوان مسلح».

جائزتان

يشار إلى أنه سبق لماتشادو أن فازت في عام 2024 بجائزة ساخاروف، أرقى جائزة لحقوق الإنسان يمنحها الاتحاد الأوروبي، وبجائزة فاتيسلاف هافيل التي يمنحها مجلس أوروبا.

ومن المقرر تسليم جائزة نوبل للسلام، التي تبلغ قيمتها 1.2 مليون دولار في أوسلو 10 ديسمبر المقبل، وهو ذكرى وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل، الذي أسس الجوائز في وصيته عام 1895.

الأمم المتحدة:

• اختيار ماتشادو (يعكس تطلعات الشعب الفنزويلي إلى انتخابات حرة ونزيهة).

 

شاركها.
Exit mobile version